التوظيف يكتسب زخماً بالقطاع الخاص في أكبر اقتصادين عربيين

يكتسب التوظيف زخماً آخذاً في التزايد في القطاع الخاص غير النفطي في السعودية والإمارات، مما يدعم سعي أكبر اقتصاديين عربيين لتنويع موارد اقتصادهما، واستقطاب المزيد من القوى العاملة بعيداً عن الاعتماد التقليدي على قطاعي النفط والغاز.
يواصل نشاط القطاع الخاص غير النفطي في البلدين التوسع منذ مطلع العام الجاري، وإن كان بوتيرة معتدلة قليلاً، لكنه يظل أعلى بكثير من العتبة البالغة 50 نقطة التي تفصل النمو عن الانكماش، مما يعكس ثقة الشركات المستمرة في الآفاق الاقتصادية للسعودية والإمارات، ويعزز جهودها صوب تعيين المزيد من الموظفين.
نمو متسارع للتوظيف في السعودية
في السعودية، أكبر اقتصاد عربي، زاد نمو التوظيف في الشركات الخاصة غير النفطية الشهر الماضي مسجلاً أسرع وتيرة في عشر سنوات ونصف السنة، ليصل إلى مستوى لم يشهده منذ أكتوبر 2023، وليواصل النمو القوي المسجل منذ فبراير من العام الجاري. إذ عززت الشركات استقطاب الموظفين في ظل بيئة أعمال نشطة، وسعياً منها لمواجهة تزايد أعباء العمل وفي ظل توقعات إيجابية للطلب.
يشكل ذلك انعكاساً للنمو المتسارع في الأنشطة غير النفطية في المملكة والتي باتت تلعب دوراً مهماً في النمو الاقتصادي ما يعكس التقدم في خطط تنويع الاقتصاد السعودي وفق “رؤية 2030” التي تهدف لتقليص الاعتماد على النفط إلى 50% فقط من الإيرادات العامة، بعد عقود من الاستناد إليه كمصدر شبه وحيد للموازنة العامة، وفي الوقت الذي تعمل فيه المملكة على تعزيز قطاعات السياحة، والصناعة، والخدمات، والرياضة، والترفيه بشكلٍ أساسي.
دور متزايد للأنشطة غير النفطية السعودية
في أحدث المؤشرات على الدور المتزايد للأنشطة غير الهيدروكربونية في الاقتصاد، ارتفعت المساهمة النسبية للاقتصاد غير النفطي في المملكة إلى 53.2% بزيادة قدرها 5.7% عن التقديرات السابقة، وفقاً للتحديث الشامل للناتج المحلي الإجمالي الصادر عن هيئة الإحصاء السعودية، بحسب ما كشفه وزير الاقتصاد والتخطيط فيصل الإبراهيم في بيان صحفي مطلع الشهر الجاري.
“استمرار نمو الأنشطة غير النفطية في الربع الأول من 2025 بنسبة 4.2% يعكس مرونة بيئة الأعمال في المملكة” وفق ما نقله البيان عن الإبراهيم. كان الوزير قال خلال مشاركته بالمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، إن الاقتصاد غير النفطي في المملكة مرشح للنمو بأكثر من 6% في عام 2026.
على صعيد آخر، فإن زيادة معدلات التوظيف في القطاع الخاص السعودي تساهم في تقليص معدل البطالة الذي تراجع بالفعل إلى مستوى قياسي مستبقاً حتى الموعد المستهدف له، وفق خطط التنويع الاقتصادي. وكشف تقرير “رؤية 2030” السعودية الصادر عن عام 2024 عن منجزات من بينها تحقيق انخفاض في معدل البطالة إلى 7% وهو مستهدف 2030، مدعوماً بوصول مشاركة المرأة في سوق العمل إلى 36%، بينما المستهدف بنهاية العقد كان 30%، ما حدا بالقيّمين على الرؤية لرفعه إلى 40%. كشف التقرير أيضا أن عدد السعوديين العاملين في القطاع الخاص بلغ أكثر من 2.4 مليون موظف حتى 2024، بدعم من الإصلاحات الاجتماعية، ومبادرات استراتيجية سوق العمل، وبرنامج تنمية القدرات البشرية.
زيادة الموظفين بالقطاع الخاص في الإمارات
في الإمارات، ثاني أكبر اقتصاد عربي، شهد نمو التوظيف دفعة قوية في الشهر الماضي، إذ عززت شركات القطاع الخاص مستويات خلق فرص العمل بوتيرة أقوى في مستهل الربع الثاني، سعياً لتخفيف الضغوط على الطاقة الإنتاجية ولدعم نمو الإعمال الجديدة.
ارتفعت أعداد الموظفين في مختلف القطاعات الاقتصادية غير المنتجة للنفط بالإمارات بأعلى معدل في 11 شهراً في أعقاب فترة من التراجع النسبي منذ الربع الأخير من العام الماضي. وفي دبي تحديداً، التي يعول اقتصادها على قطاعات مختلفة بينها السياحة والعقارات والخدمات المالية، زاد التوظيف في أبريل مع سعي الشركات لتعزيز طاقتها الإنتاجية.
نمو قوي للقطاع غير النفطي الإماراتي
تتماشى تلك القراءة بوجه عام مع ما تسجله الإمارات من تحسن في مجال خلق فرص العمل. ونمت القوى العاملة في الإمارات 12% في العام الماضي، وهي أعلى وتيرة في أربع سنوات، بحسب بيانات مرصد سوق العمل في الإمارات الصادر عن وزارة الموارد البشرية والتوطين.
تساهم زيادة التوظيف في تدعيم قوة النشاط الاقتصادي غير النفطي النمو في الإمارات. وفي حين ستؤثر حصص الإنتاج في أوبك+ على النمو الإجمالي، يظل القطاع غير النفطي قوياً، إذ من المتوقع أن ينمو 5.1% و4.8% في 2025 و2026 على الترتيب في الإمارات، بحسب التقرير الفصلي الصادر عن مصرف الإمارات المركزي في مارس الماضي.
بوجه عام، شهدت معظم دول مجلس التعاون الخليجي زيادة في الاستهلاك والاستثمار الخاص في 2024 بفضل أسعار النفط المواتية والاستثمار المحلي لصناديق الثروة السيادية وتطبيق إصلاحات طموحة لتنويع الاقتصاد بعيداً عن عوائد الخام، بحسب تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط ووسط آسيا الصادر عن صندوق النقد الدولي في وقت سابق من الشهر الجاري.