اخر الاخبار

البنوك تضخ مئات المليارات في الفحم “وكأن قمة غلاسكو لم تكن”

ضخت البنوك العالمية أكثر من 385 مليار دولار في قطاع الكهرباء القائم على الفحم خلال السنوات الثلاث الماضية، مع تسجيل زيادة في التدفقات السنوية خلال 2024 مقارنة مع عام 2023، وذلك وفقاً لتحليل أجرته مجموعة من المنظمات غير الربحية.

في قمة المناخ “كوب 26” التي عُقدت في مدينة غلاسكو الاسكتلندية خلال 2021، اتفقت حكومات نحو 200 دولة على خفض الاعتماد على الفحم تدريجياً، وتعهد كثير من أكبر البنوك التجارية في العالم بإزالة المشروعات المسببة لانبعاثات الكربون من محافظها التمويلية. لكن بعد مرور 4 سنوات، لم تؤد هذه التعهدات إلى تأثير ملموس على التدفقات المالية.

قالت كاترين غانسفيندت، مديرة البحوث المالية في منظمة “أورغيفالد” (Urgewald) الألمانية التي شاركت في إعداد التحليل: “يبدو الأمر وكأن قمة غلاسكو لم تكن”.

إنتاج الكهرباء من الفحم

يستخدم الفحم، وهو أكثر مصادر الطاقة تلويثاً في العالم، لتوليد أكثر من ثلثي الكهرباء المُنتجة عالمياً، وفق وكالة الطاقة الدولية. إذا استمرت المحطات العاملة بالفحم بوتيرتها الحالية، فذلك وحده كفيل بتجاوز الهدف المنصوص عليه في اتفاقية باريس، وهو الحد من الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية.

العالم يواجه ارتفاعاً قياسياً في الحرارة خلال السنوات المقبلة .. تفاصيل أكثر هنا

رغم تقلص عدد مشاريع الفحم المزمعة الجديدة، فالأسطول القائم من محطات الفحم لا يزال كما هو، بحسب تقرير “أورغيفالد”.

“كلما قلصنا الانبعاثات مبكراً، زادت فرصنا في تفادي انهيار النظام المناخي” على حد قول غانسفيندت.

إغلاق هذه المحطات قبل انتهاء عمرها التشغيلي مهمة معقدة، خاصة في الدول النامية؛ حيث أن العديد من هذه المحطات لم يمضِ على إنشائها سوى بضع سنوات. لذلك، فإن الحاجة لا تقتصر على توفير مصادر طاقة نظيفة، بل تتطلب أيضاً تعويض الجهات الممولة أثناء عملية التحول. وفي هذه الأثناء، تُواجه المحاولات القائمة لتعجيل إغلاق المحطات تأخيرات، بالإضافة إلى عقبات سياسية ومالية.

عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض أسهمت في تعزيز مكانة قطاع الفحم، إذ وقّع في وقت سابق من العام الجاري على مجموعة من الإجراءات تهدف إلى التوسع في إنتاج الفحم واستهلاكه داخل الولايات المتحدة الأميركية.

تمويل البنوك 

تُعد البنوك الصينية أكبر الممولين لقطاع الفحم، حيث خصصت ما يقرب من 250 مليار دولار للقطاع بين عامي 2022 و2024، بحسب “أورغيفالد”. وتليها البنوك الأميركية بإجمالي يزيد قليلاً عن 50 مليار دولار، بقيادة كل من “بنك أوف أميركا” و”جيه بي مورغان تشيس آند كو” و”سيتي غروب”.

أما على مستوى النمو، فقد سجلت شركة “جيفريز فايننشال غروب”، ومقرها نيويورك، أسرع وتيرة نمو في محفظة تمويل مشروعات الفحم عند حوالي 400% خلال السنوات الثلاث. وفي أوروبا، تصدر بنكا “باركليز” و”دويتشه بنك” قائمة البنوك الأكثر تمويلاً لأنشطة للفحم.

أوضح متحدث باسم “دويتشه بنك” أن المؤسسة قلصت مشاركتها في القطاعات كثيفة الانبعاثات الكربونية خلال العقد الماضي، ونجحت في تقليص الانبعاثات المرتبطة بعمليات الإقراض والاستثمار في قطاع تعدين الفحم 42% بحلول 2024 مقارنة مع 2021.

اقرأ أيضاً: هل الحياد الكربوني لا يناسب عصرنا الحالي؟

رفض متحدثون باسم “جيه بي مورغان” و”سيتي غروب” التعليق على التقرير، بينما لم يرد ممثلو “بنك أوف أميركا” و”جيفريز” و”باركليز” على طلبات للتعليق على الموضوع.

بعد موجة أولى من الإجراءات للحد من تمويل الفحم، بدأت بعض البنوك في تخفيف القيود خلال السنوات الأخيرة. في أواخر عام 2023، تراجع “بنك أوف أميركا” عن تعهده بعدم تمويل مناجم الفحم الحراري الجديدة وفرض بدلاً من ذلك مراجعات مشددة قبل الموافقة على أي تمويل. كما قامت شركة “ماكواري غروب” (Macquarie Group) ومقرها سيدني العام الماضي بتخفيف قواعدها المتعلقة بتمويل الفحم المستخدم في صناعة الصلب.

وقف تمويل الفحم

على مستوى السياسات، لا يملك سوى 24 من بين أكبر 99 بنكاً في العالم خطة واضحة لوقف تمويل الفحم بحلول 2040، وهو الموعد الذي حددته الوكالة الدولية للطاقة كحد أقصى آمن مناخياً. وتركز معظم هذه السياسات على الفحم المستخدم في إنتاج الكهرباء، متجاهلة الفحم المستخدم في تصنيع الصلب، والذي يُعد أكثر تلويثاً، بحجة أنه ضروري للبنية التحتية المرتبطة بالتحول في مجال الطاقة، ما يعد تمييزاً لا يأخذ في الاعتبار أنماط التداول في الأسواق.

اقرأ المزيد: البنوك مستمرة في ضخِّ المليارات في مشاريع الطاقة الملوِّثة للبيئة 

قال باري تيودور، الرئيس التنفيذي لشركة التعدين الأسترالية “بمبروك ريسورسز” (Pembroke Resources)، إن عملية إعادة تقدير الموقف تجاه الفحم من جانب بعض البنوك بدأت تُؤتي ثمارها.

بين 2020 و2022، انخفض عدد الجهات المستعدة لتمويل مشروع “أوليف داونز” للفحم المستخدم في تصنيع الصلب في ولاية كوينزلاند من حوالي 20 مؤسسة إلى 3 مؤسسات فحسب. لكن الوضع الآن بدأ يتغير، على حد قول تيودور.

اختتم بقوله: “أدركت المؤسسات أن المسألة أكثر تعقيداً مما كانت تظن”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *