البنوك الصينية تواجه أزمة سيولة وسط تزايد الضغوط على اليوان
يفاقم إصرار الصين المتزايد على الدفاع عن عملتها أمام قوة الدولار أزمة السيولة في البلاد، ما يؤدي إلى ارتفاع سعر الفائدة الأساسي قصير الأجل إلى أعلى مستوى منذ أكثر من عام.
شهدت تكلفة اقتراض السيولة عبر عقود إعادة الشراء المضمونة لأجل 7 أيام بين البنوك- وهي أداة تمويل رائجة تستخدمها المؤسسات المالية- ارتفاعاً كبيراً هذا الأسبوع لتصل إلى أعلى مستوى منذ أكتوبر 2023. وبلغ الفارق بين سعر الفائدة وسعر الفائدة المرجعي لإعادة الشراء العكسي في البنك المركزي أعلى نقطة منذ أوائل 2021.
تعد أزمة السيولة إشارة على تزايد التحديات أمام محاولات الصين لتحفيز الاقتصاد والحفاظ على استقرار العملة في الوقت نفسه. إذ أطلق بنك الشعب الصيني حزمة تحفيز نقدي في سبتمبر الماضي في محاولة لدعم الاقتصاد، ويعمل الآن على التصدي لتراجع اليوان الذي تفاقم بسبب انخفاض العائدات.
الأولوية لاستقرار اليوان
عززت الصين دعمها لليوان هذا الأسبوع عبر تدابير تتضمن تعديلات على قيود رأس المال والتعهد باتخاذ إجراءات صارمة للتصدي لاضطراب السوق. وعلى نحو غير متوقع، أوقف بنك الشعب الصيني شراء السندات الحكومية مؤقتاً، في محاولة لكبح جماح موجة شراء السندات.
كتبت تشو غونان، المحللة لدى شركة “هواتشوانغ سكيوريتيز” (Huachuang Securities)، في مذكرة أن “بنك الشعب الصيني يدير وتيرة توفير السيولة بحذر وعناية، بعد أن أصبح استقرار العملة من الأولويات”.
وأضافت أن الضبابية ما تزال تخيم على الطريقة التي سيسد بها البنك المركزي فجوة السيولة قبل عطلة رأس السنة القمرية، وتوقعت بأن يبلغ حجم الفجوة نحو 1.5 تريليون يوان (205 مليار دولار) هذا الشهر.
تراجع حجم السيولة الثلاثاء، حيث اقترض عدد من المؤسسات المالية غير المصرفية سيولة لليلة واحدة بسعر فائدة يصل إلى 3.8%، بينما تقدم بعض المؤسسات تمويلاً لليلة واحدة بسعر فائدة 5%، بحسب متعاملين.
عطلة العام القمري تفاقم أزمة السيولة
يتعرض اليوان لضغط كبير من الدولار، الذي ارتفع وسط الرهانات على قوة البيانات الاقتصادية والتوقعات بأن تؤدي السياسات في عهد رئاسة ترمب إلى ارتفاع التضخم. وبلغ سعر صرف الدولار مقابل اليوان المستخدم في التعاملات الخارجية نحو 7.3474 يوان صباح الثلاثاء، بعد أن تراجع لأقل من 7 يوانات أواخر سبتمبر.
تفاقم التدفقات الموسمية أزمة السيولة. فالطلب على النقد يميل إلى الارتفاع قبيل عطلة العام القمري الجديد التي تمتد لأسبوع، والتي ستبدأ هذا العام في 28 يناير. فعادةً ما يسحب المواطنون الصينيون كميات نقد أكبر من البنوك استعداداً للإنفاق وتقليد تقديم الهدايا. كما أن مواعيد استحقاق التسهيلات الائتمانية في بنك الشعب الصيني وسداد الضرائب تستنزف السيولة من النظام المصرفي.
يرصد المتعاملون إلى أي مدى سيتحمل بنك الشعب الصيني ارتفاع تكاليف الاقتراض، التي قد تؤثر سلبياً على مُصدري سندات الشركات والبنوك في فترة يعد فيها التمويل منخفض الفائدة لازماً لدعم النمو الضعيف للاقتصاد الصيني.
مزيد من إجراءات التحفيز
أشار محافظ بنك الشعب الصيني بان غونغشنغ في مؤتمر هذا الأسبوع إلى أن الصين ستوظف كل الأدوات، بما يشمل أسعار الفائدة ونسبة الاحتياطي الإلزامي، لمواصلة توفير السيولة الكافية في السوق.
قال وي خون تشونغ، محلل استراتيجي أول للسوق لدى “بنك أوف نيويورك ميلون” إن بنك الشعب الصيني على الأرجح سيعزز السيولة عبر إعادة شراء عكسي لأجل 14 يوماً حتى فترة الاحتفالات، ويُتوقع أن ينفذ البنك المركزي مزيداً من إجراءات التحفيز عبر خفض أسعار الفائدة أو نسبة الاحتياطي الإلزامي في وقت لاحق هذا العام.
شهد سعر الفائدة على عمليات إعادة الشراء لليلة واحدة ارتفاعاً كبيراً هذا الأسبوع أيضاً، وبلغ أعلى مستوى منذ أغسطس.