اخر الاخبار

البنتاغون يسعى لشراء أطنان من الكوبالت لأول مرة منذ الحرب الباردة

تخطط وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” لشراء معدن الكوبالت لتعزيز مخزونها الاستراتيجي للمرة الأولى منذ عقود، في أحدث خطوة نحو تعزيز الإمدادات المحلية من المعادن الحرجة.

ووفقاً لوثائق مناقصة نُشرت هذا الأسبوع، تسعى وكالة اللوجستيات الدفاعية للحصول على عروض لشراء ما يصل إلى 7,500 طن من الكوبالت خلال السنوات الخمس المقبلة، في عقد تصل قيمته إلى 500 مليون دولار. وبحسب أحد الأشخاص المطلعين على عملية الشراء، فإن هذه هي المرة الأولى التي تقدم فيها الوكالة على شراء الكوبالت منذ عام 1990.

الطلب على الكوبالت ارتفع بشكل كبير في السنوات الأخيرة بفضل استخدامه في صناعة البطاريات، إلى جانب أهميته لمجموعة من التطبيقات في الأنظمة العسكرية، إذ تدخل سبائك الكوبالت في صناعة الذخائر والمحركات النفاثة، كما يُستخدم المعدن في صناعة المغناطيسات المستخدمة في أجنحة الطائرات ومعدات الهبوط وأسطح توجيه الطائرات.

تُبرز عملية الشراء التي يجريها البنتاغون تحولاً في سياسات الحكومة تجاه هذه المعادن، وتمثل تدخلاً كبيراً في سوق الكوبالت، إذ تعادل الكمية المستهدفة نحو سدس الإمدادات غير الصينية من الكوبالت المخصص للسبائك، وفق حسابات “بلومبرغ”. وتأتي هذه الخطوة بعد أن ارتفعت الأسعار بالفعل نتيجة حظر التصدير الذي فرضته جمهورية الكونغو الديمقراطية، المنتج الأكبر عالمياً للمعدن.

وكالة اللوجستيات.. من البيع إلى الشراء

لسنوات طويلة، لعبت وكالة اللوجستيات الدفاعية دور البائع للكوبالت بدلاً من شرائه، بعدما أجبرتها تخفيضات الميزانية في التسعينات وأوائل الألفية على تصفية مخزون هائل من المعدن كان قد تراكم خلال الحرب الباردة.

لكن في السنوات الأخيرة، برزت مسألة تأمين سلاسل توريد معادن مثل الكوبالت كأولوية سياسية، مع سعي المسؤولين إلى تقليص اعتمادها على الصين. إذ تسيطر بكين على معظم عمليات معالجة الكوبالت ومعادن البطاريات الأخرى، كما عززت احتياطياتها عبر الإدارة الوطنية للغذاء والاحتياطيات الاستراتيجية، المعروفة باسم مكتب الاحتياطي الحكومي.

لم يرد “البنتاغون” بشكل فوري على طلب للتعليق.

ارتفاع أسعار الكوبالت

كشفت وثائق المناقصة، التي نشرتها “فاست ماركتس” (Fastmarkets) للمرة الأولى، أن وكالة اللوجستيات الدفاعية تسعى للحصول على عروض لتوريد الكوبالت المخصص للسبائك من ثلاثة منتجين فقط. وتشمل القائمة وحدات تابعة لشركة “فالي” (Vale) في كندا، و”سوميتومو ميتال مايننغ” (Sumitomo Metal Mining) في اليابان، إضافة إلى مصنع “نيكلفيرك” (Nikkelverk) التابع لشركة “غلينكور” (Glencore) في النرويج. كما طالبت الوكالة الموردين بتقديم أسعار ثابتة للإمدادات على مدى خمس سنوات.

اقرأ أيضاً: جهود أميركية لتوطين المعادن الأرضية النادرة بعيداً عن الصين

رجح التجار أن تؤدي هذه الخطوة إلى رفع أسعار الكوبالت، خصوصاً النوع المخصص للسبائك الذي يمثل شريحة صغيرة من السوق الإجمالية. وقد قفزت أسعار الكوبالت بالفعل 42% هذا العام بعد أن فرضت حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية حظراً على التصدير لدعم الأسعار.

مع ذلك، لم يتضح بعد ما إذا كانت الوكالة ستنجح في شراء كامل الكمية البالغة 7,500 طن. وأشار التجار إلى أن عدد الموردين القادرين على تلبية متطلبات الوكالة محدود للغاية. وأظهرت وثائق المناقصة أن الحكومة تعتزم إنفاق ما بين مليوني دولار كحد أدنى و500 مليون دولار كحد أقصى على العقد. وبالأسعار الحالية، تُقدر قيمة 7,500 طن من الكوبالت بنحو 313 مليون دولار.

تشريعات جديدة تعزز مشتريات المعادن

تأتي مناقصة الكوبالت ضمن سلسلة من العطاءات طرحها البنتاغون خلال أقل من شهر، ما يعكس اندفاع الذراع المسؤولة عن مشتريات سلاسل الإمداد الحيوية في وزارة الدفاع إلى استغلال صلاحيات الإنفاق الجديدة التي أقرها تشريع الضرائب والإنفاق الذي وقعه الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وقد خصصت هذه الحزمة نحو ملياري دولار لوكالة اللوجستيات الدفاعية لشراء مواد تعتبرها الولايات المتحدة أساسية وحرجة لأمنها القومي.

ما هي مغناطيسات المعادن النادرة؟ ولماذا دخلت الحرب التجارية؟

في السياق ذاته، عملت إدارة الرئيس جو بايدن على دعم مشتريات المعادن الحيوية، حيث صادق الكونغرس في أواخر 2023 على قانون جديد لتفويض الدفاع الوطني، والذي منح الوكالة مرونة أوسع لإبرام عقود شراء طويلة الأمد دون الحاجة لموافقة الكونغرس كما كان معمولاً به سابقاً. كما ضمن تمويلاً سنوياً بقيمة مليار دولار.

تُعد مناقصة الكوبالت واحدة من أكثر من ستة مناقصات لمواد حيوية نُشرت منذ 30 يوليو، وتشمل معادن مثل النيوبيوم والغرافيت والأنتيمون، وهي صناعات تهيمن عليها الصين.

وخلال العام المالي الجاري، طرحت وزارة الدفاع المزيد من المناقصات للحصول على مواد استراتيجية يفوق ما طُرح في أي عام منذ انتهاء الحرب الباردة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *