اخر الاخبار

البريد الأميركي يعلق استلام الطرود الواردة من الصين وهونغ كونغ

أوقفت هيئة البريد الأميركية مؤقتاً استلام الطرود الدولية القادمة من مراكز البريد في الصين وهونغ كونغ، ما قد يؤدي إلى تأخير أو حجب الشحنات القادمة من شركات بيع التجزئة مثل “شي إن” (Shein)، و”تيمو” (Temu) التابعة لـ”بي دي دي هولدينغز” (PDD Holdings).

يبرز تعليق الطرود تحدياً كبيراً تواجهه الشركات ذات التوجه العالمي يتمثل في التعقيدات المتزايدة التي قد تتفاقم إذا تدهورت العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين. إعلان هيئة البريد أدى إلى هزة في الأسواق الآسيوية، ودفع أسهم شركات التجزئة الصينية التي تعتمد على التجارة الإلكترونية للهبوط.

قال نيك تويدال، كبير المحللين لدى شركة “إيه تي غلوبال ماركتس” (AT Global Markets) في سيدني، إن “هناك خطراً أكبر على مستوى الاقتصاد الكلي يهدد السوق في الفترة الحالية، حيث تبدو كل هذه الإجراءات تصعيداً في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. أتوقع أن نشهد تزايد الصعوبات المتعلقة بالاقتصاد الجزئي من كلا الطرفين”.

اقرأ أيضاً: بعد تأجيل ترمب فرض رسوم على كندا والمكسيك.. هل جاء دور الصين؟

تراجعت أسهم “مجموعة علي بابا القابضة” (Alibaba Group Holding) أكثر من 2% في هونغ كونغ، بينما هوت أسهم “جيه دي دوت كوم” أكثر من 5% قبل أن تقلص خسائرها. ولم ترد الشركتان ولا “تيمو” و”شي إن” و”أمازون” بشكل فوري على طلبات للتعليق.

تأثير طفيف محتمل لقرار هيئة البريد

الدافع وراء اتخاذ هيئة البريد هذا الإجراء ليس واضحاً، لكنه يأتي بعد إلغاء الرئيس دونالد ترمب إعفاء “دي مينيميس” (de minimis) الذي يخص الصين، وسمح سابقاً بدخول الطرود الصغيرة التي تقل قيمتها عن 800 دولار إلى الولايات المتحدة دون رسوم جمركية. هذا الإعفاء، الذي عادة ما كانت تستفيد منه شركات التجارة الإلكترونية المرتبطة بالصين، أُلغي ضمن إجراءات فرض تعريفة جمركية جديدة بنسبة 10% على المنتجات الواردة من الصين وهونغ كونغ التي دخلت حيز التنفيذ مع بداية الثلاثاء بتوقيت واشنطن.

إلغاء قاعدة “دي مينيميس” يمثل “تحدياً كبيراً” لهيئة البريد الأميركية من ناحية طريقة تنفيذ قواعد الجمارك الجديدة، بحسب تشيلسي تام، المحللة الأولى للأسهم لدى “مورنينغ ستار” (Morningstar). وأضافت أن الهيئة استقبلت “4 ملايين طرد يومياً بموجب إعفاء دي مينيميس في 2024 ومن الصعب التحقق من كل الطرود”.

الطرود الصغيرة

يُحتمل أن يكون للإجراء الذي اتخذته هيئة البريد تأثير طفيف عما لو كان اتُّخذ قبل عدة سنوات، حيث تحولت كثير من الشركات عن استخدام هيئة البريد في الشحن الدولي خلال السنوات الماضية، بحسب المحللين.

اقرأ أيضاً: الصين ترد على ترمب برسوم على المنتجات الأميركية وتحقيق مع “جوجل”

وأفادت هيئة البريد في بيان على موقعها بأن الإجراء لن يشمل الخطابات والطرود المسطحة (التي لا يتجاوز سمكها 0.75 بوصة) الواردة من الصين وهونغ كونغ.

رفض متحدث باسم هيئة البريد الإدلاء بتعليقات بخلاف ما ورد في البيان، بما في ذلك ما إذا كان الإجراء مرتبطاً بقرار ترمب. ولم يرد البيت الأبيض بشكل فوري على طلب للتعليق.

إغلاق ثغرة

تضيق واشنطن الخناق على ثغرة استغلتها شركات بيع التجزئة، مثل “تيمو” و”شي إن”، على مدى سنوات للتوسع في الولايات المتحدة، إذ مكنتها من شحن كميات كبيرة من الطرود الصغيرة منحتها ميزة على منافسين مثل “أمازون”. ويقول منتقدون إن طوفان الطرود القادم من الصين يصعب تتبعه، وقد يحتوي على بضائع غير مشروعة أو خطرة.

بلغ إجمالي الشحنات المعفاة بموجب قاعدة “دي مينميس” التي دخلت الولايات المتحدة 1.4 مليار طرد خلال العام المالي 2024، بحسب هيئة الجمارك وحماية الحدود الأميركية، أي ما يعادل ضعف الإجمالي المسجل في 2022. وأسهمت شركات البيع بأسعار مخفضة عبر الإنترنت، مثل “تيمو” و”شي إن”، بشكل كبير في هذه الزيادة.

لكن تأثير خطوة هيئة البريد قد يكون محدوداً في الفترة الحالية، مقارنة بما كان سيسببه خلال السنوات الماضية، حيث تولى مشغلون آخرون مهمة البريد في التعامل مع طرود التجارة الإلكترونية خفيفة الوزن العابرة للحدود، بما يشمل تلك الواردة من الصين، بحسب تقرير أصدره مكتب المفتش العام الأميركي في مايو 2023.

إجراء رمزي

سجل حجم البريد العالمي الوارد من جميع الدول التي تتعامل معه هيئة البريد انخفاضاً حاداً خلال السنوات الماضية، إذ انخفض حجمه السنوي لأقل من 200 مليون طرد في 2022، مقارنةً مع ما يزيد عن 600 مليون في 2017، بحسب تقرير أصدره مكتب المساءلة الحكومي في 2024. التقرير كشف أيضاً عن أن ارتفاع أسعار هيئة البريد زاد من جاذبية شركات الشحن الأخرى، مثل “يو بي إس” (UPS) و”فيديكس”، التي استوعبت الكمية.

اقرأ أيضاً: من النفط إلى الغاز.. ما أبرز السلع الأميركية الخاضعة لرسوم الصين؟

وأوضح مارفين تشن المحلل لدى “بلومبرغ إنتليجنس” أن الإجراء “ليس مجدياً، ربما أقرب إلى أن يكون رمزياً”، وأن شركات الشحن الخاصة ستتولى توصيل معظم الطرود.

يزعم مسؤولون أميركيون أن الطرود البريدية سواء الواردة مباشرة من الصين أو عبر دول وسيطة تُعد بوابة لدخول المواد المخدرة المحظورة إلى البلاد، مثل الفنتانيل القاتل.

“ما تفعله العصابات في الصين هو استغلال تلك الثغرة لتهريب كل أنواع المخدرات لا الفنتانيل فحسب” على حد قول المستشار التجاري للبيت الأبيض بيتر نافارو لموقع “بوليتيكو” في مؤتمر أُقيم في واشنطن يوم الثلاثاء.

دخل قرار تطبيق التعريفات الجمركية على الصين حيز التنفيذ على الرغم من تأجيل قرارين بفرض رسوم جمركية على المكسيك وكندا. وألمح ترمب إلى احتمال إجراء اتصال هاتفي بالرئيس الصيني هذا الأسبوع، وإن لم يُكشف عن التفاصيل بعد.

لم يستبعد البيت الأبيض احتمال التوصل إلى اتفاق وقف مؤقت للرسوم الجمركية، وهو ما قد يؤثر أيضاً على قرار هيئة البريد أيضاً، غير أنه لم يتأكد أي شيء حتى الآن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *