اخر الاخبار

الانقسام داخل الفيدرالي يهز “وول ستريت” ويرفع عوائد السندات

شهدت الأسواق الأميركية اضطراباً حاداً يوم الأربعاء، بعدما أظهرت تصريحات رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول وجود انقسام واضح داخل المجلس بشأن مسار السياسة النقدية، ما أدى إلى تراجع الأسهم وارتفاع عوائد السندات.

فبعد أن أقرّ البنك المركزي خفضاً متوقعاً في أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، حذّر باول من محاولة التنبؤ بما إذا كان خفض إضافي للفائدة مرجحاً في عام 2025، قائلاً: “كانت هناك آراء متباينة بشدة داخل اللجنة بشأن كيفية المضي قدماً في ديسمبر، وخفض إضافي في ذلك الاجتماع ليس أمراً مفروغاً منه، بل بعيد جداً عن ذلك. السياسة ليست على مسار محدد مسبقاً”.

اقرأ أيضاً: موافقاً التوقعات.. “الفيدرالي الأميركي” يخفض الفائدة 25 نقطة أساس للمرة الثانية

وأقرّ المسؤولون في الاحتياطي الفيدرالي الخفض الثاني على التوالي لدعم سوق العمل المتباطئة، معلنين أيضاً التوقف عن تقليص محفظة الأصول اعتباراً من الأول من ديسمبر. في المقابل، عارض العضو ستيفن ميران القرار مفضلاً خفضاً أكبر، بينما صوّت رئيس الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي، جيف شميد، ضد أي خفض على الإطلاق.

وقال نيل دوتا من “رينيسانس ماكرو ريسيرش”: “مع وجود معارضات من كلا الجانبين، سيكون من الصعب تقديم أي التزام مسبق لشهر ديسمبر”.

الأسهم تمحو مكاسبها والسندات تقفز

محا مؤشر “إس آند بي 500” مكاسبه السابقة، بينما ارتفع مؤشر لأسهم التكنولوجيا العملاقة مع تجاوز “إنفيديا” حاجز 5 تريليونات دولار في القيمة السوقية، لتصبح أول شركة عامة في التاريخ تبلغ هذا المستوى. 

وفي وقت متأخر، أعلنت “ألفابت” عن مبيعات قوية، بينما توقعت “ميتا” زيادة كبيرة في نفقاتها عام 2026، ولم تنجح نتائج “مايكروسوفت” في تحفيز المتداولين رغم نمو وحدة “آزور”.

وارتفع العائد على سندات الخزانة لأجل عامين بمقدار 11 نقطة أساس ليصل إلى 3.6%، كما صعد الدولار.

وقال جاي وودز من “فريدوم كابيتال ماركتس” إن “جيروم باول قدم للمستثمرين لمحة خلف الكواليس، مظهراً أن لجنة الفيدرالي لا تسير في طريق واحد متفق عليه”.

وأضاف أن “تحقيق هدفها المزدوج المتمثل في التوظيف الكامل واستقرار الأسعار، سيبقى مهمة دقيقة للغاية في الفترة المقبلة”.

الأسواق تسعر بشكل استباقي

قال كريس زاكاريلي من “نورثلايت أسيت مانجمنت” إن “ردة الفعل الفورية تُظهر أن السوق تسعر بشكل استباقي، لأن الأخبار المباشرة، خفض الفائدة وإنهاء التشديد الكمي، إيجابية للأسهم والسندات، لكن خيبة الأمل جاءت من إشارة باول إلى أن الخفض المستقبلي قد لا يتحقق قريباً”.

اقرأ أيضاً: أبرز الاستنتاجات من قرار الاحتياطي الفيدرالي خفض الفائدة

وأضاف زاكاريلي أن الوضع الحالي “قد يشكل فرصة شراء”، إذ من المرجح أن يواصل الاحتياطي الفيدرالي دعم أسواق الأسهم والسندات عبر خفض إضافي للفائدة خلال الأشهر الـ12 المقبلة، حتى لو أبقى على الفائدة من دون تغيير في ديسمبر.

أما جاك ماكنتاير من “برانديواين غلوبال” فقال: “في وقتٍ يسير فيه الفيدرالي بعينٍ واحدة مفتوحة، قرر أن ضعف سوق العمل أهم من استمرار التضخم. لكن ما يثير القلق هو نطاق المعارضات الواسع، ما يعني تراجع الاطمئنان في الأسواق، وزيادة التقلبات، وتعدد الاتجاهات”.

وأشار بريت كينويل من “إيتورو” إلى أن السؤال الأكبر الآن هو: أي جانب من التفويض المزدوج سيركّز عليه الفيدرالي، سوق العمل الضعيفة أم التضخم المستمر؟ موضحاً أن التضخم “قد يمنع المركزي من التحرك بالسرعة أو القوة اللازمة لتفادي مزيد من الضعف في سوق العمل”.

وقال كينويل: “إذا كان خفض الفائدة في ديسمبر بعيداً عن كونه أمراً محسوماً كما قال باول، فهل سيدفع ذلك المستثمرين إلى كبح جماح موجة الصعود الأخيرة؟ قد تلعب نتائج الأرباح دوراً كبيراً في الأيام المقبلة، وربما نشهد بعض عمليات جني الأرباح بعد الارتفاع القوي”.

اقرأ أيضاً: لماذا على الاحتياطي الفيدرالي أن يتروى بشأن خفض الفائدة؟

وأضاف: “طالما أن نمو الأرباح قوي والمستهلك صامد، فإن أي تراجع قد يشكل فرصة شراء جذابة، خصوصاً أن الانخفاضات الطفيفة والسريعة في الأشهر الماضية أبقت كثيراً من المستثمرين الذين يملكون سيولة كبيرة على الهامش، بانتظار فرصة أفضل للدخول”.

تحذيرات من اتساع التباين داخل السوق

أشار كريغ جونسون من “بايبر ساندلر” إلى أن “الزخم الصاعد في أسهم التكنولوجيا الكبرى مستمر، لكن ضعف الأداء في أسهم الشركات الصغيرة والمتوسطة يثير بعض القلق”، مضيفاً أن على المستثمرين “أن يبقوا متيقظين ضمن الاتجاه الصاعد الحالي، خاصة مع توقع زيادة التقلبات بالتزامن مع نتائج الأرباح وتعليقات الفيدرالي”.

وقال دان وانتروبسكي من “جاني مونتغومري سكوت” إن “تشبّع مؤشرات الشراء عبر الأطر الزمنية المختلفة يوحي باستمرار احتمال التقلبات العالية حتى نهاية عام 2025″، رغم أنه لا يزال يتوقع وصول مؤشر “إس آند بي 500” إلى مستوى 7000 نقطة هذا العام، وربما نحو 7400 على المدى المتوسط.

لكنه حذّر من “جيوب هوائية” في السوق “قد تكون شديدة القسوة”، مشيراً إلى أن شهر نوفمبر “قد يتحول إلى نقطة اختبار رغم سمعته كأحد أفضل أشهر العام للأسهم”.

هيمنة التكنولوجيا على السوق ترفع المخاطر المستقبلية

أوضح روب أندرسون من “نيد ديفيس ريسيرش” أن وزن قطاع التكنولوجيا في مؤشر “إس آند بي 500” يواصل الارتفاع منذ سبعينيات القرن الماضي، مشكلاً حالياً أعلى نسبة في تاريخه.

وأشار إلى أن هذه المستويات “رغم كونها أقل تطرفاً مما كانت عليه عام 2000، فإنها لا تزال ضمن أعلى 20% من جميع القراءات التاريخية، وهي عادة ما ترتبط بأداء ضعيف نسبياً للقطاع على مدى سنة إلى عشر سنوات لاحقة”.

وأضاف أندرسون: “في العادة، تكون المكاسب الأكبر عند مخالفة الاتجاه العام عندما يصل التفاؤل إلى أقصى درجاته ثم يبدأ بالانحسار، وهذا لم يحدث بعد. لكن المؤشرات الحالية تدل على أن مستوى المخاطر في القطاع مرتفع للغاية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *