الاتحاد الأوروبي يضغط باتجاه إشراف مركزي على شركات الأصول المشفرة

يضغط الذراع التنفيذي للاتحاد الأوروبي باتجاه منح جهة تنظيم الأسواق في التكتل الموحد سلطات جديدة لمراقبة جميع شركات الأصول المشفرة العاملة داخل الدول الأعضاء، في خطوة قد تُطيح بسنوات من جهود الهيئات الرقابية الوطنية والشركات لتنظيم هذا القطاع.
تقترح مسودات خطط جرى تداولها بين مسؤولي الاتحاد الأوروبي قبل إعلان مرتقب الشهر المقبل، أن تكون الهيئة الأوروبية للأوراق المالية والأسواق الجهة المشرفة مُباشرةً على جميع مزودي خدمات الأصول المشفرة، وأن تتولى أيضاً مسؤولية منح التراخيص للشركات الجديدة.
قواعد الأصول المشفرة في أوروبا
حالياً، تُلزم قواعد أسواق الأصول المشفرة الصادرة عام 2023 شركات الأصول المشفرة بالحصول على ترخيص في دولة عضو واحدة على الأقل. وبمجرد منح الترخيص، يصبح بوسع الشركات تقديم خدماتها عبر مختلف دول الاتحاد. بعد سنوات من عمل الهيئات المحلية والشركات على تنفيذ العملية الجديدة، من المقرر انتهاء فترة التطبيق العام المقبل.
اقرأ أيضاً: الفقاعة القادمة؟ كيف يُنذر انتشار الكريبتو بأزمة عالمية
تُشير مقترحات المفوضية، التي لم تُحسم بعد، إلى أن الهيئة الأوروبية للأوراق المالية والأسواق ستحتفظ بصلاحية تفويض بعض المهام للسلطات الوطنية حين يكون ذلك مناسباً.
ويجب أيضاً أن تحظى مسودات الخطط بموافقة البرلمان الأوروبي ومجلس الدول الأعضاء. ورفضت المفوضية التعليق.
قال روبرت كوبتش، الأمين العام لمنظمة “بلوكتشين من أجل أوروبا”، وهي مجموعة ضغط في القطاع إن “إعادة فتح إطار قواعد أسواق الأصول المشفرة في هذه المرحلة سيدخل حالة من عدم اليقين القانوني، ويخاطر بتأخير عملية الترخيص، ويحوّل الانتباه والموارد بعيداً عن المهمة العملية المتمثلة في ضمان تطبيق متسق للقواعد”.
أضاف كوبتش أن لدى الهيئات الرقابية الوطنية تواصلاً يومياً أكثر قرباً مع الشركات، بما يُكمل إشراف الهيئة الأوروبية عبر الحدود. وقال: “إذا قرر الاتحاد الأوروبي مستقبلاً استكشاف نماذج رقابية أكثر مركزية، فيجب أن يتم ذلك استناداً إلى خبرة قيوة وأدلة تُجمع من السنوات الأولى لتطبيق قواعد أسواق الأصول المشفرة”.
موارد أوروبية إضافية
في حين يمكن أن يشكل قطاع جديد مثل الأصول المشفرة ميدان اختبار مناسب لتولي الهيئة الأوروبية مسؤوليات أكبر، “إلا أن الوقت صعب بالنظر إلى المرحلة التي وصلنا إليها في التطبيق، إذ تتغير أهداف اللعبة الآن”، وفق ما قال أندرو ويتوورث، مؤسس شركة “غلوبال بوليسي”، وهي مؤسسة استشارية تعمل مع الشركات والهيئات الرقابية في قطاع الأصول المشفرة. أضاف أن الهيئة الأوروبية ستحتاج إلى موارد إضافية لتولي العمل الذي تضطلع به الجهات المحلية.
اقرأ أيضاً: اليورو الرقمي يقترب.. وزراء مالية المنطقة يقرون خطوة مفصلية
يأتي هذا المقترح ضمن جهود أوسع من صانعي السياسات في الاتحاد الأوروبي لجعل الإشراف على الأسواق مركزياً، بما يشمل منح الهيئة الأوروبية رقابة مباشرة على غرف المقاصة الكبرى، وجهات الإيداع، ومنصات التداول. وقد حظيت هذه الخطوة، التي تعد فرنسا ومؤسسات التكتل الموحد من أبرز داعميها، بجدل بين بعض الدول الأعضاء المترددة في التنازل عن جزء من صلاحياتها، وبين شركات تخشى طبقة جديدة من القواعد.
قالت فيرينا روس، رئيسة الهيئة الأوروبية للأوراق المالية والأسواق، في مقابلة مع وكالة بلومبرغ في سبتمبر الماضي: “بالعودة إلى الوراء، يمكنك التساؤل عما إذا كان الإشراف الوطني هو القرار الصائب، لأنه يعني أن 27 جهة رقابية وطنية احتاجت إلى الاستعداد وبناء فرق. ما زال هناك وقت يمكن فيه القول: هل من المنطقي — من أجل الكفاءة وتوحيد الرؤية العابرة للحدود — أن يُدار الأمر من نقطة مركزية؟”.
اقرأ أيضاً: هيمنة الدولار الرقمي.. هل تستنهض أوروبا؟
تأتي التغييرات المقترحة بعد أن دعت الهيئات الرقابية في فرنسا والنمسا وإيطاليا في سبتمبر الماضي إلى أن تبدأ الهيئة الأوروبية بالإشراف المباشر على الشركات الكبرى في قطاع الأصول المشفرة، بينما تبقى الشركات الصغيرة تحت سلطة الجهات المحلية.



