الأنظار على مشتريات الصين من النفط وسط توقعات فائض المعروض

وسط توقعات باقتراب سوق النفط من تخمة في المعروض، يتابع التجار عن كثب تحركات الصين الشرائية لمعرفة ما إذا كانت ستتمكن من امتصاص الفائض الذي يُنتظر أن تضخه دول منتجة للخام حول العالم.
في وقت سابق من هذا العام، سارعت الصين لشراء ملايين البراميل من النفط الخام، بما فيها كميات أُضيفت إلى مخزونها الاستراتيجي. لكن مع ارتفاع الطلب المحلي، تباطأت وتيرة التكديس، فيما تبقى التوقعات قائمة بأن تواصل بكين تعزيز مخزوناتها، ما يجعل خطواتها المقبلة محورية.
لا تزال شبكة صهاريج النفط الضخمة في الصين ممتلئة بنسبة تزيد قليلاً عن 50% من طاقتها الاستيعابية، ويقول التجار إن موجة شراء جديدة ستحد من تداعيات التخمة المتوقعة في الأسواق الأخرى، بحسب بيانات “أويل إكس” (OilX). وهذا أمر بالغ الأهمية لأن ارتفاع مشتريات الصين سيمنع تراكم المعروض في عدد محدود من المراكز في منطقة الغرب الأوسط الأميركي وشمال غرب أوروبا، مما يحد من مدى تراجع الأسعار.
كتب محللو “إتش إس بي سي هولدينغز” (HSBC Holdings)، ومن بينهم كيم فوستير، هذا الأسبوع: “السؤال الرئيسي هو أين ستظهر زيادات المخزون. فإذا واصلت الصين استيعاب الفائض النفطي عبر احتياطياتها الاستراتيجية، كما فعلت في الربع الثاني، فإن وتيرة تراكم المخزونات في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قد تبقى محدودة”.
اجتماع “أوبك+” المرتقب
يُنتظر أن تكون قدرة السوق العالمية على امتصاص المعروض من بين نقاط النقاش الرئيسية عندما تعقد دول تحالف “أوبك+” اجتماعها يوم الأحد لمناقشة الإمدادات. وسط توقعات بأن تسعى السعودية والمجموعة إلى تسريع استئناف جزء إضافي من الإنتاج المتوقف، ما يزيد من المخاوف بشأن فائض قد يؤدي إلى انخفاض الأسعار، فيما تبقى جميع السيناريوهات مطروحة.
اقرأ أيضاً: مؤشرات تكشف فتور شهية الصين تجاه النفط الخام
بحسب أنطوان هالف، المحلل لدى شركة “كايروس” (Kayrros)، فقد وُجه نحو 10% من مخزون الخام في البلاد إلى احتياطياتها البترولية الاستراتيجية. كما تمت إضافة قدرات جديدة في التكرير، من بينها مصفاة “داكسي” التابعة لشركة “سينوك” (CNOOC)، إلى جانب توفير مساحات تخزين إضافية.
وكتب معهد أكسفورد لدراسات الطاقة في مذكرة أنه من المحتمل أيضاً أن تسعى بكين لزيادة كمية البراميل المخزنة، في ظل تصاعد المخاطر الجيوسياسية خلال السنوات القليلة الماضية.
مستويات المخزونات حول العالم
بينما أظهرت عقود النفط الآجلة في الصين خلال الأسابيع الماضية مؤشرات على ضعف في السوق، واصل الخامان المرجعيان العالميات الإشارة إلى شُح نسبي في المعروض.
هذا يعود إلى أن تراكم المخزونات هذا العام لم يظهر في المراكز الغربية. ففي كوشينغ بولاية أوكلاهوما، التي تضم نحو 15 محطة تخزين تشكل الأساس لعقد خام غرب تكساس الوسيط الآجل، ظلت مستويات المخزون قريبة من أدنى مستوياتها الموسمية منذ سنوات عديدة هذا العام.
وأفادت وكالة الطاقة الدولية أن المخزونات العالمية ارتفعت في الربع الثاني بأسرع وتيرة منذ الربع الثالث من 2020، حين كان الاقتصاد العالمي يرزح تحت وطأة جائحة “كوفيد-19”. وخلال تلك الفترة، صعدت المخزونات في الدول المتقدمة بنحو 60 ألف برميل يومياً، بينما زادت في بقية المناطق بأكثر من مليون برميل يومياً.
مع ذلك، قد يكون من الضروري هبوط الأسعار عن مستوياتها الحالية لكي تُقدم الصين على الشراء بكميات كبيرة، وفقاً لفريدريك لاسير، رئيس قسم الأبحاث في “غونفور غروب” (Gunvor Group).
اقرأ أيضاً: شركات النفط الصينية تعيد هيكلة أنشطة التكرير بعد انخفاض الأرباح
وأوضح قائلاً: “العامل الحاسم الذي يتحدث عنه الجميع هو الصين. ليس من أجل الاستهلاك المباشر، بل لأننا شهدنا اتجاهاً واضحاً لديها لزيادة مخزوناتها من الخام. لكن إذا كان من المتوقع أن تعود الصين لتخزين مليون برميل يومياً، فذلك يتطلب انخفاضاً كبيراً في الأسعار لتحفيزها”.
طاقات تخزين فائضة للنفط
تتوفر في الصين وخارجها مساحات شاسعة لاستيعاب النفط غير المرغوب فيه.
فقد أشار “بنك أوف أميركا” (Bank of America) في تقرير الشهر الماضي إلى أن هناك قرابة مليار برميل من السعة الفارغة في صهاريج التخزين حول العالم يمكن ملؤها، وهو ما قد يعني أن الأسواق قد تتجنب الانزلاق إلى مسار هبوطي حاد.
مع ذلك، تبرز مؤشرات على بدء ارتفاع الإنتاج. فقد اقترب إنتاج البرازيل من 4 ملايين برميل يومياً للمرة الأولى خلال الصيف، ومن المقرر أن يدخل حقل جديد الخدمة في البلاد قبل نهاية العام.
أميركا اللاتينية تنهض لدعم إمدادات النفط العالمية
وفي غيانا، قفز الإنتاج من مستويات معدومة إلى نحو مليون برميل يومياً، بينما حققت منطقة ألبرتا، قلب صناعة النفط في كندا، مستوى قياسياً في يوليو.
ارتفاع تقديرات الإنتاج الأميركي
في الوقت نفسه، ورغم المخاوف بشأن تراجع الإنتاج الأميركي، واصلت إدارة معلومات الطاقة خلال الأشهر الماضية تعديل توقعاتها لمعروض النفط بالزيادة.
وينتظر التجار حالياً أن تظهر تلك الزيادات في مراكز التخزين الرئيسية.
إنتاج النفط الأميركي يسجل رقماً قياسياً في مارس
فقد قالت ناديا مارتن ويغن، مديرة في شركة “سفيلاند كابيتال” (Svelland Capital)، في مقابلة مع تلفزيون “بلومبرغ”: “عند النظر إلى مخزونات دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، نجد أنها لا تزال عند مستويات منخفضة نسبياً. صحيح أن هناك تخمة متوقعة في المعروض، لكننا بحاجة لرؤية هذا الأمر يتحقق فعالياً”.