الأسواق تترقب خفض الفائدة.. ورهانات صعود الأسهم والسندات تتراجع

يركز السؤال الأهم للمستثمرين هذا الأسبوع على ما إذا كان مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي سيتحركون لمواجهة توقعات الأسواق بخفض أسعار الفائدة عدة مرات خلال العام المقبل.
يُنظر إلى خفض ربع نقطة مئوية على أنه أمر محسوم عند إعلان الاحتياطي الفيدرالي قراره بشأن السياسة النقدية يوم الأربعاء، مع احتمال ضئيل لخفض نصف نقطة وسط مؤشرات على تباطؤ نمو الوظائف في الولايات المتحدة بشكل حاد.
قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب للصحفيين يوم الأحد إنه يتوقع “خفضاً كبيراً” هذا الأسبوع. غير أن الأسواق تأخذ بالفعل في الاعتبار تخفيضات إضافية تمتد حتى 2026 لتفادي الركود.
هذا الافتراض دفع عوائد سندات الخزانة إلى أدنى مستوياتها منذ أشهر، وأوصل الأسهم الأميركية إلى مستويات قياسية، وأضعف الدولار. ظلت السندات قصيرة الأجل مستقرة يوم الاثنين، حيث بلغ عائد السندات لأجل عامين 3.55%، بينما ارتفع عائد السندات لأجل 10 سنوات نقطة أساس واحدة ليصل إلى 4.07%.
قد يهمك: رئيس الاحتياطي الفيدرالي يترك الباب مفتوحاً أمام خفض الفائدة في سبتمبر
استباق قرار “الفيدرالي”
يكمن الخطر على تلك الرهانات في أن رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول وزملاءه قد يشيرون إلى أن المستثمرين سبقوا الأحداث، مع بقاء التضخم أعلى من مستهدف البنك المركزي واستمرار تأثير الرسوم الجمركية على الأسعار. هذا الوضع يزيد التدقيق في تصريحات باول وتوقعات أسعار الفائدة للمسؤولين، ما يُعرف بـ”المخطط النقطي”، لتقييم ما إذا كان البنك يخطط لاتباع نهج أكثر حذراً في تخفيف السياسة النقدية.
قال جاك ماكنتاير، مدير محفظة السندات في شركة “برانديواين غلوبال إنفستمنت مانجمنت” (Brandywine Global Investment Management): “أرجّح أن نشهد هذا الأسبوع خفضاً بمقدار 25 نقطة أساس.”، في إشارة إلى خفض ربع نقطة. وأضاف: “القضية هي ما إذا كان البيان سيركز على سوق العمل أكثر من التضخم”.
يواصل ماكنتاير شراء السندات، وأضاف سندات لأجل 30 عاماً معتقداً أن المزيد من المؤشرات على ضعف سوق العمل قد تجعل المستثمرين يرون أن الاحتياطي الفيدرالي تأخر كثيراً في التيسير. تميل أسواق المال عموماً إلى إعطاء الأولوية للمخاوف بشأن سوق العمل هذا الأربعاء، مع توقع أن يصدر الاحتياطي الفيدرالي نبرة تميل إلى التيسير.
مؤشرات الأسهم والسندات الأميركية
في سوق السندات، تدور عوائد سندات الخزانة القياسية لأجل 10 سنوات حول أدنى مستوى لها منذ أبريل. وفي الوقت نفسه، يقترب مؤشر “إس آند بي 500” من مستوى تاريخي مرتفع، فيما سجل مؤشر “ناسداك 100” الذي تغلب عليه أسهم التكنولوجيا أطول سلسلة مكاسب له منذ أكثر من عام، في طريقه إلى رقم قياسي جديد يوم الجمعة. أما على صعيد العملات، فقد واجه الدولار صعوبة في التعافي من أكبر خسارة له في النصف الأول من العام منذ 1973، متأثراً جزئياً بتوقعات تخفيضات حادة من قبل الاحتياطي الفيدرالي.
ومع ذلك، يتخذ بعض متداولي الأسهم مراكز تحوط ضد احتمال حدوث تقلبات، ويرجع ذلك جزئياً إلى النتيجة المتوقعة لخفض ربع نقطة تم تسعيرها بالفعل. يراهن متداولو الخيارات على أن مؤشر “إس آند بي 500” سيتحرك بنسبة 1% في أي من الاتجاهين يوم الأربعاء، ما سيكون أكبر تحرك للمؤشر في نحو ثلاثة أسابيع.
طالع أيضاً: توقعات بخفض الفيدرالي الأميركي للفائدة مرتين قبل نهاية العام
قال غاريث رايان، المدير التنفيذي لشركة “IUR كابيتال” (IUR Capital)، إن درجة التيسير التي يعكسها المخطط النقطي للاحتياطي الفيدرالي ستكون حاسمة. وأضاف أنه إذا أكد المخطط خفضاً آخر بحلول نهاية العام وفي الربع الأول من 2026، فلن يتوقع ردة فعل كبيرة في الأسهم. وتابع: “لكن إذا كان المخطط النقطي أقل وضوحاً بشأن خفض أسعار الفائدة في الربع الأول، فإن ذلك يفتح الباب لتحرك أكبر في السوق”.
رأي محللي بلومبرغ:
قال مايكل بول، محلل استراتيجي الاقتصاد الكلي في “ماركتس لايف”: “مع استمرار التضخم في الارتفاع بوتيرة بطيئة وعدم تسارعه، وتراجع بيانات سوق العمل واستقرار الإنفاق الاستهلاكي، يزداد تقييم المتداولين لاحتمالات مسار أكثر قوة للتيسير من جانب الاحتياطي الفيدرالي، وكيف يمكن أن يدعم ذلك المزيد من المكاسب في سندات الخزانة”.
حذر قسم التداول في “جيه بي مورغان تشيس” من خطر مماثل على الأسهم، قائلاً إن الاجتماع “قد يتحول إلى حدث بيع عند إعلان الأخبار مع تراجع المستثمرين”.
بطبيعة الحال، يأخذ المستثمرون في الاعتبار الضغط الأخير على الاحتياطي الفيدرالي، إذ يواصل ترمب انتقاد باول بسبب تباطؤه في خفض تكاليف الاقتراض. كما أن مستشار ترمب الاقتصادي ستيفن ميران قد يكون في طريقه للحصول على موافقة لتعيينه عضواً في مجلس الاحتياطي الفيدرالي في الوقت المناسب للمشاركة في قرار هذا الأسبوع.
اقرأ المزيد: ترمب يرشح ستيفن ميران لشغل منصب كوغلار في “الفيدرالي”
في يوليو، حين أبقى الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة ثابتة، عارض ناخبان ذلك لصالح خفض الفائدة. وقد يستمد المستثمرون إشاراتهم من تركيبة التصويت هذه المرة، وفقاً لفينير بهنسالي، مؤسس شركة إدارة الأصول “لونغ تيل ألفا” (LongTail Alpha).
قال بهنسالي إنه إذا خفض البنك ربع نقطة ولم يكن هناك معارضون يرغبون في خفض أكبر، أو كان ميران فقط في حال تعيينه، سوف يٌعتبر ذلك موقفاً متشدداً. أضاف: “تضع السوق في الاعتبار الآن بنكاً مركزياً مسيساً إلى حد كبير سيتجه نحو تيسير مفرط. هذه هي الفكرة التي تمثل الخطر”.