الأسواق الأميركية تغلق منخفضة رغم الرهانات على خفض الفائدة

أنهت الأسهم الأميركية تداولات يوم الثلاثاء على انخفاض طفيف، رغم أن محضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر عزز التوقعات بإجراء تخفيضات إضافية على أسعار الفائدة العام المقبل. في المقابل، تعافت أسعار الفضة والذهب بعد تراجعها من مستويات قياسية.
تراجع مؤشر “إس آند بي 500” بنسبة 0.1%، مسجلاً ثالث جلسة هبوط على التوالي، بعدما ظل يتحرك في نطاق ضيق طوال معظم اليوم. وارتفعت عوائد سندات الخزانة الأميركية، مع استقرار عائد السندات لأجل 10 سنوات قرب 4.12%، فيما صعد مؤشر “بلومبرغ” الفوري للدولار.
نقص المحفزات يحد من حركة الأسواق
باستثناء صدور محضر اجتماع الاحتياطي الفيدرالي، شهدت الأسواق نقصاً عاماً في المحفزات القادرة على تحريك التداولات خلال الأيام الماضية، خصوصاً مع تراجع تدفقات الأخبار وأحجام التداول.
اقرأ أيضاً: محضر الاحتياطي الفيدرالي يؤكد انقسام المسؤولين بشأن سياسة الفائدة
وأظهر محضر الاجتماع الأخير للاحتياطي الفيدرالي أن معظم المسؤولين يؤيدون خفضاً إضافياً للفائدة إذا واصل التضخم التراجع بمرور الوقت، لكنه سلط الضوء في الوقت نفسه على الانقسامات داخل المجلس، وعلى مدى صعوبة قرار خفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في وقت سابق من هذا الشهر.
رهانات السوق على فيدرالي أكثر تيسيراً
قالت أماندا أغاتي، كبيرة مسؤولي الاستثمار في “بي أن سي أسيت مانجمنت غروب” (PNC Asset Management Group)، في مقابلة مع تلفزيون “بلومبرغ” يوم الثلاثاء، إن سوق الأسهم بحاجة إلى احتياطي فيدرالي ميّال للتيسير حتى تتمكن من مواصلة الصعود العام المقبل.
وأضافت: “أمزح دائماً بأن سوق الأسهم تشبه طفلة في متجر للحلوى، وتسعى لمزيد من التيسير في السياسة النقدية واحتياطي فيدرالي أكثر ميلاً للتيسير، لكنها لا تعرف ما الأفضل لها”.
اقرأ أيضاً: تفاؤل حذر يسود توقعات الأسهم الأميركية 2026.. والأمل في الذكاء الاصطناعي
وتابعت أن “سوق السندات هي الشخص البالغ الذي يسحب آخر قطعة حلوى. وربما تكون هذه المرة الأولى في التاريخ الملحوظ للأسواق التي نرى فيها تفاعلاً مع مخاوف مستويات العجز والدين. وأعتقد أن هناك ضغوطاً صعودية مستمرة على العوائد طويلة الأجل”.
تصريحات ترمب تزيد الضبابية
كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد قال يوم الإثنين، إنه يملك مرشحاً مفضلاً لرئاسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي، لكنه ليس في عجلة من أمره للإعلان، كما لمح إلى احتمال إقالة جيروم باول.
وقالت أغاتي: “لا أعتقد أن إقالة رئيس للاحتياطي الفيدرالي في العام الجديد أمر مسعّر في الأسواق، لكن طالما بقينا ميّالين للتيسير قليلاً ولم نبدأ الحديث عن التحرك في الاتجاه المعاكس، فمن المرجح أن تتمكن الأسواق من تجاوز هذه الضوضاء”.
كما قام المتعاملون يوم الثلاثاء بتحليل بيانات أظهرت تسارعاً طفيفاً في نمو أسعار المنازل في الولايات المتحدة خلال أكتوبر.
وقالت كريستين أكينو، المديرة التنفيذية في “بلومبرغ ماركتس لايف”: “لا يزال المتداولون يميلون أكثر إلى ترجيح خفضين للفائدة العام المقبل، بدلاً من ثلاثة تخفيضات كانوا يسعرونها في وقت سابق من ديسمبر”.
اقرأ أيضاً: استراتيجيات انتقاء الأسهم تحت المجهر مع نزوح تريليون دولار من الصناديق
وأضافت: “رغم تركيز صانعي السياسة في الاحتياطي الفيدرالي على مخاطر سوق العمل، من المرجح أن ينتظر المتعاملون بيانات متأخرة تؤكد هذه المخاوف”.
تحركات العملات والأسهم العالمية
في تطور لافت في أسواق العملات، ارتفع اليوان الصيني في السوق المحلية متجاوزاً مستوى 7 يوانات للدولار للمرة الأولى منذ عام 2023.
وتراجع مؤشر للأسهم الآسيوية بشكل طفيف، بينما قفزت الأسهم الأوروبية مع ارتفاع أسعار المعادن الذي دعم شركات التعدين. وبشكل عام، تتجه الأسهم العالمية لتحقيق ثالث مكسب سنوي على التوالي، إلا أن الأداء في الأيام الأخيرة اتسم بالفتور.
اقرأ أيضاً: أسهم كوريا الجنوبية تتصدر العالم في 2025 بأقوى أداء منذ ربع قرن
ويمثل يوم الثلاثاء آخر جلسة تداول في العام للعديد من أسواق الأسهم، من بينها ألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية.
فقدان الزخم مع اقتراب نهاية العام
كتبت كاثلين بروكس، مديرة الأبحاث في “إكس تي بي” إن “السمة الغالبة هي أن مؤشرات الأسهم العالمية فقدت زخمها مع اقتراب نهاية العام”.
وأضافت: “هناك العديد من الأسباب لذلك، من بينها تحقيق عوائد جيدة خلال 2025، وانتظار المستثمرين لما بعد عطلة عيد الميلاد قبل اتخاذ قرارات تداول كبيرة”.
ومع ذلك، لا يزال لدى المستثمرين أسباب تدعو للتفاؤل مع دخول العام الجديد. فقد ارتفع مؤشر “إم إس سي آي” للأسهم العالمية بمعدل 1.4% في يناير خلال السنوات العشر الماضية، وحقق مكاسب في ست من تلك السنوات، بحسب بيانات جمعتها “بلومبرغ”.
اقرأ أيضاً: هل تبلغ أونصة الذهب 5000 دولار في 2026؟ وماذا عن الفضة؟
وفي حين تواصل الرسوم الجمركية وضعف ثقة المستهلكين في خلق رياح معاكسة للشركات الأميركية، من المتوقع أن تسهم هذه العوامل في رفع نمو أرباح شركات المواد الأساسية في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى منذ خمس سنوات.
ومن المنتظر أن تحقق الشركات العاملة في قطاعات المعادن والتغليف أكبر استفادة، مع دعم الحماية التجارية لأسعار الصلب، وارتفاع الطلب من شركات السلع الاستهلاكية على كل شيء من علب الحبوب إلى علب المشروبات الغازية.
تحركات الفضة والذهب
ظلت المعادن النفيسة في دائرة الضوء بعد موجة تقلبات حادة خلال الأيام الماضية. فقد استعادت الفضة معظم خسائرها بعد أكبر هبوط يومي لها منذ أكثر من خمس سنوات، كما ارتفع الذهب بشكل طفيف بعد أن خسر أكثر من 4%.
وقال مات مالي، كبير استراتيجيي الأسواق في “ميلر تاباك آند كو”: “قد نشهد شداً وجذباً في أسواق المعادن النفيسة خلال الأيام القليلة المقبلة، قبل أن تتضح الصورة على المدى القريب”.
في المعادن الأخرى، سجل النحاس أطول موجة مكاسب له منذ عام 2017 في ديسمبر، مدفوعاً بتوقعات زيادة الضغوط على سلاسل الإمداد. وبلغ النيكل أعلى مستوى له منذ مارس بعدما ألمحت إندونيسيا، أكبر منتج، إلى خطط لخفض المعروض.
وفي أسواق الطاقة، استقرت أسعار النفط مع موازنة المتعاملين بين التوترات الجيوسياسية الممتدة من فنزويلا إلى روسيا واليمن، وبين المخاوف من فائض عالمي في الإمدادات.



