اخر الاخبار

الأسهم الأميركية تواجه اختبار رسوم ترمب وسط مبالغة في تقييماتها

يبدو أن الرأي السائد في وول ستريت هو أن الارتفاع الأخير في سوق الأسهم الأميركية نحو مستويات قياسية لم يهدأ بعد، والسبب أن الرئيس دونالد ترمب، عندما يتعلق الأمر بتهديدات الرسوم الجمركية، يتحدث بصوت عالٍ ولكنه لا ينفذ.

ومع ذلك، وبغض النظر عن قرارات ترمب النهائية بشأن الرسوم الجمركية على واردات ما تبقى من الشركاء التجاريين، فإن بعض الأصوات البارزة في السوق تقول إن المستثمرين يقللون من شأن تلك التهديدات، بل حتى من خطر الرسوم الجمركية المفروضة بالفعل.

قفزت الرسوم الجمركية التي يدفعها المستوردون الأميركيون في المتوسط إلى ما يزيد عن 13%، أي أكثر من خمسة أضعاف ما كانت عليه العام الماضي، وفقاً لتقديرات “بلومبرغ إيكونوميكس”. يرى ألاستير بيندر، رئيس استراتيجية الأسهم العالمية في “إتش إس بي سي”، أن الرسوم الجمركية الأعلى كافية لخفض نمو أرباح الشركات بنسبة 5% أو أكثر.

مع تداول مؤشر “إس آند بي 500” عند ما يقترب من أعلى تقييماته في فترة ما بعد كوفيد، فإن القلق يأتي من خيبة أمل في نتائج أرباح الشركات والبيانات الاقتصادية خلال بقية العام والتي قد تسحب البساط من تحت الارتفاع الأخير.

قال بول نولت، استراتيجي السوق وكبير مستشاري الثروات في “مورفي آند سيلفست ويلث مانيجمنت” في دالاس: “نظراً لتسعيرنا المعتمد على توقعات شديدة التفاؤل، فإن أي خيبة أمل أو انحراف عن هذه التوقعات المتفائلة، قد تُعيد تقييم الأسهم”. وأضاف: “هناك بالون يحوم في وول ستريت يبحث عن دبوس، ولا أحد يعرف من أين سيأتي هذا الدبوس. قد يكون هذا هو وصف الوضع الحالي”.

ما حجم الضرر الذي قد يُلحقه هذا الدبوس بمؤشرات الأسهم التي بلغت مستويات عالية؟ بالنسبة لنولت، هو يرى أن السوق مُعرّضة لمسار هبوطي حقيقي: موجة بيعية بنسبة 20% أو أكثر.

الاستعداد للاضطرابات

حتى بعض أكثر المتفائلين بارتفاع الأسعار في وول ستريت يستعدون للاضطرابات التي قد تحدث مع بدء تطبيق الرسوم الجمركية وتضرر أرباح الشركات بسببها. أحد هؤلاء مايك ويلسون، كبير استراتيجيي الأسهم الأميركية في “مورغان ستانلي”، الذي تحول من متشائم إلى متفائل للغاية بعد نجاح السوق في التعافي من موجة البيع الكثيفة في وقت سابق من هذا العام.

وفي حين أنه متفائل بشأن الأسهم على مدى 12 شهراً ولا يتوقع انخفاضاً حاداً في الأسعار، إلا أنه يُقرّ بخطر أن تكون توجيهات أرباح الشركات على المدى القريب أسوأ من المتوقع، ما قد يُسبب بعض الاضطراب في السوق.

وأضاف: “هناك خطر في الربع الثالث حيث قد تتأثر الشركات بالرسوم الجمركية، ما قد يخفّض الهوامش قليلاً، أي تراجع بنسبة تتراوح بين 5% و10%”.

وفي حين أننا لا نزال في بداية موسم إعداد التقارير المالية لأحدث الأرباح الفصلية، بدأت الروايات تكثر بأن الرسوم الجمركية المفروضة بدأت تُحدث تأثيراً بالفعل. وتخضع الشركات لرسوم جمركية متعددة وواسعة النطاق، منها 10% على بضائع معظم الدول و20% إضافية على الصين، وهي رسوم ربطها ترمب بمخدر الفنتانيل.

تكاليف أعلى

توقعت “جنرال ميلز” الشهر الماضي ارتفاعاً في تكلفة منتجاتها بنسبة تتراوح بين 1% و2%، وهي تعمل على الحد من هذه التكاليف عبر استبدال المكونات وإعادة تصميم المنتجات. كما خفضت “أكسفورد إندستريز”، المالكة لعلامة “تومي باهاما”، توقعات أرباحها لهذا العام، حيث تتوقع زيادة إضافية في التكاليف بنحو 40 مليون دولار ناتجة عن التعريفات الجمركية. وحذرت شركة “فيديكس”، التي تعطي مؤشراً على أداء الاقتصاد، من أن أرباحها ستكون أسوأ من المتوقع في هذا الربع، حيث لا تزال الحرب التجارية تضغط على أعمالها، بما في ذلك شحناتها عالية الربحية بين الولايات المتحدة والصين.

يُرتقب أن تصدر وول ستريت أرقاماً جديدة هذا الأسبوع، حيث تُعلن العديد من الشركات الكبرى المعرضة للتعريفات الجمركية ولأداء الاقتصاد عن نتائجها. تواجه “جنرال موتورز ” التعريفات المفروضة على قطاع السيارات، بينما قد يُلقي التحديث الفصلي الصادر عن “كابيتال وان فاينانشال” الضوء على قوة المستهلك الأميركي.

على مستوى الاقتصاد الكلي، ثمة مؤشرات على أن الرسوم الجمركية ربما تكون قد بدأت تظهر بالفعل في التفاصيل الدقيقة للتقارير الاقتصادية. أظهرت بيانات التضخم الصادرة يوم الثلاثاء تسارع ارتفاع أسعار المستهلك الأساسية في يونيو، وأظهرت فئات السلع المعرضة للرسوم الجمركية، مثل الأثاث والملابس، إلى أن الشركات بدأت تُحمّل المستهلكين تكاليف أعلى.

قد تكون هناك علامات تحذيرية أقوى خلال الفترة القادمة. يترقب بيندر، من بنك “إتش إس بي سي”، تراجع مبيعات التجزئة في وقت لاحق من العام، وارتفاع الأسعار بعد أن تستهلك الشركات مخزونات السلع التي اشترتها عندما كانت معدلات الرسوم الجمركية منخفضة.

تباطؤ النمو

بشكل عام، ستُقلّص معدلات الرسوم الجمركية الحالية حجم الاقتصاد الأميركي بنحو 1.6% خلال العامين أو الثلاثة المقبلة، مقارنةً بسيناريو خالٍ من الرسوم، وفقاً لتقديرات “بلومبرغ إيكونوميكس”. ويقول الاقتصاديون إن أسعار المستهلك سترتفع بنسبة 0.9%.

أي ارتفاع إضافي، أو حتى رسوخ في التضخم قد يُحبط آمال مستثمري الأسهم في خفض أسعار الفائدة هذا العام، حتى مع مزيد من الإهانات التي سيوجهها ترمب لرئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول.

بالطبع، ليس كل المتفائلين بالأسواق يتراجعون عن توقعاتهم. يرى الكثيرون في وول ستريت أسباباً تُمكّن الأسهم من البقاء عند مستوياتها المرتفعة. ويُشير استراتيجيو “غولدمان ساكس” إلى أن أسعار الفائدة المنخفضة، وتراجع معدلات البطالة، وارتفاع ربحية الشركات تُبرر التقييمات الباهظة.

تأثير قانون الضرائب والإنفاق

علاوةً على ذلك، فمشروع قانون الضرائب والإنفاق الذي وقّعه ترمب هذا الشهر، يجعل العديد من الخصومات الضريبية على الشركات دائمة. يُقدّر أن يرفع مشروع القانون وحده أرباح مؤشر “إس آند بي 500” بنسبة تتراوح بين 5% و7%، وفقاً لويلسون من “مورغان ستانلي”.

وقال ناثان سونينبرغ، كبير مسؤولي استثمار مكتب العائلة في “بيتكيرن”، إن المستثمرين “دخلوا هذا العام متوقعين أن إدارة ترمب ستُطبّق المزيد من إجراءات التقشف”. وأضاف أنه مع إقرار مشروع قانون الإنفاق، “أدركنا أن تأثيره التحفيزي سيكون أكبر”.

ومع ذلك، فإن طبيعة الرئيس الأميركي دونالد ترمب المتقلبة تعني أن أي تدوين لتقديرات الأثر المالي والاقتصادي لسياساته المتعلقة بالرسوم الجمركية يجب أن تتمّ بالقلم الرصاص، لا بالحبر. وبينما تراجع ترمب عن بعض أشدّ تهديداته المتعلقة بالرسوم الجمركية، لا يزال هناك خطر قائم من أن ترتفع المستويات الإجمالية بشكل كبير بحلول الموعد النهائي في الأول من أغسطس.

قال بهانو باويجا، كبير الاستراتيجيين في بنك “يو بي إس”، يوم الاثنين على تلفزيون بلومبرغ: “إن تجاهل هذه الرسوم الجمركية والمضي قدماً هو رد فعل خاطئ. عندما يظهر تأثير التضخم، ويؤثر على الدخل الحقيقي المتاح للمستهلكين، عندها أعتقد أن الأسواق ستبدأ في ملاحظة ذلك”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *