الأسهم الأميركية تصعد مدفوعة بعمليات شراء بعد التراجعات

عادت موجة الشراء للأسهم الأميركية بعد أن أثارت المخاوف بشأن خطط شركة “أوراكل” لإنفاق رأسمالي ضخم على بنية الذكاء الاصطناعي انسحاباً واسعاً من الأصول عالية المخاطر.
وتمكن مؤشر “إس آند بي 500” من تعويض خسائره ليصعد بنسبة 0.2%، مسجلاً رقماً قياسياً في الإغلاق، ويقترب من أعلى مستوى له خلال جلسة التداول في أكتوبر.
كما صعدت مؤشرات الأسهم القيادية والصغيرة، التي طالما تخلفت عن موجة الصعود المدفوعة بالتكنولوجيا، إلى مستويات قياسية.
وقلّص “ناسداك 100” تراجعاً بلغ 1.6%، رغم استمرار المزاج السلبي تجاه أسهم التكنولوجيا بعد نتائج مخيبة لـ”أوراكل”، وهي من المؤشرات الأساسية على طفرة الاستثمار في الذكاء الاصطناعي. وسيحصل المتعاملون على قراءة جديدة لقوة سوق الذكاء الاصطناعي مع صدور نتائج “برودكوم” بعد الإغلاق.
ضغوط على أسهم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي
استمر الحذر تجاه أسهم الذكاء الاصطناعي ذات الوزن الكبير في السوق، إذ تراجع سهم “إنفيديا” بنسبة 1.5% وسط خسائر “العظماء السبعة” (أبل، ألفابت، إنفيديا، أمازون، ميتا، مايكروسوفت، تسلا). وقلّصت “بتكوين” تراجعها بعد هبوطها دون 90 ألف دولار، بينما انخفض الدولار بشكل طفيف.
وقفز سهم “برودكوم” إلى أكثر من الضعف مقارنة بأدنى مستوياته في أبريل، وتتوقع وحدة “بلومبرغ إنتليجنس” نتائج متماشية مع التقديرات أو متفوقة عليها بشكل طفيف، مع استمرار عملاء الحوسبة السحابية الضخمة في زيادة الإنفاق.
عززت نتائج “أوراكل” المخاوف المتعلقة بتقييمات شركات التكنولوجيا وما إذا كانت الاستثمارات الضخمة في بنية الذكاء الاصطناعي ستؤتي ثمارها، وهي مخاوف غذّت أسابيع من التقلبات خلال نوفمبر.
وبينما لعب القطاع دور المحرك الرئيسي لصعود “إس آند بي 500” المذهل هذا العام، دفعت المخاوف من الإنفاق بعض المستثمرين إلى التحول نحو قطاعات أخرى، رغم قوة آفاق الاقتصاد الأميركي.
“أوراكل” الحلقة الأضعف
قالت سوزانا كروز، المحللة في “بانمور ليبيروم”: “أصبحت الأسواق أكثر حذراً بكثير من الإنفاق المرتبط بالذكاء الاصطناعي، وهو تناقض حاد مع منتصف 2025، عندما كان أي تلميح لزيادة الإنفاق الرأسمالي يثير الحماسة”.
وأضافت أن “أوراكل” كانت “الحلقة الأضعف في كل هذا، إلى حد كبير لأنها تموّل جزءاً كبيراً من استثماراتها عبر الديون”.
جاءت نتائج “أوراكل” بعد أن أغلق “إس آند بي 500” قرب مستوى قياسي يوم الأربعاء، بدعم من خفض الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي، ونبرة متفائلة من رئيسه جيروم باول.
وقد وجد المستثمرون بعض الارتياح في إبقاء صناع السياسات الباب مفتوحاً لمزيد من التيسير العام المقبل، رغم أن الخفض بمعدل ربع نقطة، أثار ثلاثة اعتراضات داخل لجنة السوق المفتوحة. وتمسّك المتعاملون بالرهانات على خفضين في 2026، رغم أن توقعات الفيدرالي الجديدة أشارت إلى خفض واحد فقط.
الفيدرالي يعزز التفاؤل
قال ألبرتو توكّيو، مدير المحافظ في “كايروس بارتنرز”: “كان تأثير أوراكل أكبر من تأثير الفيدرالي. هذا يخبرنا بكل شيء، إذ نشهد تركّزاً قوياً في السوق وموضوعاً واحداً، الذكاء الاصطناعي، يقود التحركات. هذا لا يعني أن الذكاء الاصطناعي انتهى أو أنه فقاعة، لكننا بحاجة إلى التركيز على نطاق أوسع”.
ارتفعت سندات الخزانة الأميركية بعد أن اقترن خفض الفائدة بالسماح بمشتريات جديدة من أدوات دين قصيرة الأجل لإعادة بناء احتياطيات البنوك. وتواصلت المكاسب بعد أن جاءت طلبات إعانات البطالة الأسبوعية أعلى من المتوقع في أسبوع السادس من ديسمبر، لكنها تراجعت في وقت لاحق مع استقرار عائد السندات لأجل 10 سنوات عند 4.15%.
وأشار باول إلى أن الفيدرالي اتخذ خطوات كافية لدعم استقرار سوق العمل، مع الإبقاء على معدلات الفائدة عند مستويات تكبح ضغوط الأسعار. ورفع المسؤولون توقعاتهم للنمو في 2026 إلى 2.3% مقارنة بـ1.8% في سبتمبر، كما توقعوا تراجع التضخم إلى 2.4% العام المقبل، من 2.6% في التوقعات السابقة.
قال فلوريان إيلبو، رئيس قسم الاقتصاد الكلي في “لومبارد أودييه”إن “خفض الفائدة المتشدّد ولكن المتفائل من الفيدرالي يعزز نظرية تحقيق نمو أقوى في 2026، وتراجع أسرع في التضخم. التخفيضات مستمرة، لكنها لم تعد مضمونة، وهو ما يشكل عادة بيئة بنّاءة للأسهم”.
تحركات السلع ونظرة محللي بلومبرغ
في السلع، تراجع النفط متتبّعاً الخسائر الأوسع في الأصول عالية المخاطر. وواصلت الفضة تسجيل مستويات قياسية متجاوزة 63 دولاراً للأونصة.
ورأى استراتيجيون في “بلومبرغ” أن نتائج “أوراكل” لا تشير إلى “انهيار وشيك في أسهم التكنولوجيا، بل تعيد رسم الخط الفاصل بين الرابحين والخاسرين في سباق الذكاء الاصطناعي”.
وقالت تاتيانا دارييه، كبيرة محللي الاقتصاد الكلي في “ماركتس لايف”: “تعد المرحلة المقبلة من دورة الذكاء الاصطناعي بمزيد من التباين، إذ تتنافس الشركات على حصة من الإنفاق المتنامي، وعلى كفاءة أعلى وتكاليف أقل على جانب تقديم الخدمات”.



