الأسهم الأميركية ترتفع متجاهلة تهديدات الرسوم الجمركية
![](https://khaleejcapital.com/wp-content/uploads/2025/02/lMCz0qhCnG_1739218595-780x470.jpg)
استهلت الأسهم الأسبوع بمكاسب، متعافيةً من تراجع ناجم عن مخاوف بشأن التضخم وتهديدات الرسوم الجمركية الأميركية. ارتفع الدولار وسجل الذهب مستوى قياسياً.
قاد قطاع التكنولوجيا، الأكثر تأثيراً في السوق، مكاسب الأسهم، حيث صعد مؤشر “ناسداك 100” بأكثر من 1% يوم الاثنين. واصلت “إنفيديا” ارتفاعها للجلسة الخامسة على التوالي لتصل مكاسبها إلى 15%، بينما ارتفعت أسهم “ميتا” للجلسة الـ16 على التوالي.
كما برز منتجو المواد الخام وسط خطط الرئيس الأميركي دونالد ترمب لفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على جميع الواردات الأميركية من الصلب والألمنيوم، حيث ارتفعت أسهم “يونايتد ستيتس ستيل” (United States Steel Corp) و”ألكوا” (.Alcoa Corp) بما لا يقل عن 2.5%.
قال ترمب يوم الأحد إن الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم ستُطبق على الشحنات القادمة من جميع الدول، بما في ذلك كبار الموردين مثل المكسيك وكندا. ولم يحدد متى ستدخل هذه الرسوم حيز التنفيذ. كما قال إنه سيعلن هذا الأسبوع عن تعريفات انتقامية على الدول التي تفرض ضرائب على الواردات الأميركية.
إلى جانب المشهد التجاري العالمي، سيركز المستثمرون أيضاً هذا الأسبوع على بيانات التضخم الرئيسية وشهادة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول أمام الكونغرس. ظلت معدلات التضخم المتوقعة للعام المقبل والثلاثة أعوام القادمة دون تغيير عند 3% في يناير، وفقاً لنتائج مسح بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك حول توقعات المستهلكين الصادرة يوم الاثنين.
اقرأ المزيد: “غولدمان”: رسوم ترمب قد تضرب أرباح وأسهم أكبر الشركات الأميركية
محركات السوق الرئيسية
قال كريس لاركن من “إي* تريد” (E*Trade) التابعة لـ”مورغان ستانلي”: “تشكل بيانات التضخم، وشهادة باول أمام الكونغرس، والتعريفات الجمركية المحركات الرئيسية للسوق”. وأضاف: “إذا كان مؤشر “إس آند بي 500” سيخرج من نطاق التذبذب الذي شهده خلال الشهرين الماضيين، فقد يحتاج إلى استراحة من المفاجآت السلبية، مثل “ديب سيك” (DeepSeek) والرسوم الجمركية وثقة المستهلك، التي أعاقته خلال الأسابيع الماضية”.
برز دور صناديق التحوط كمشترين رئيسيين للأسهم الأميركية الأسبوع الماضي، وتخلت عن موقفها الهبوطي السابق في أعقاب تقارير أرباح أقوى من المتوقع. اشترت هذه الصناديق الأسهم الأميركية بأسرع وتيرة منذ نوفمبر، ما أدى إلى أعلى صافي شراء للأسهم الفردية في أكثر من ثلاث سنوات، وفقاً لتقرير الوساطة الرئيسية لـ”غولدمان ساكس” للأسبوع المنتهي في 7 فبراير. وتركزت أكبر عمليات الشراء في قطاع التكنولوجيا.
صعود جماعي
ارتفع مؤشر “إس آند بي 500” بنسبة 0.7%، وصعد مؤشر “ناسداك 100” بنسبة 1.3%، وزاد مؤشر “داو جونز الصناعي” 0.3%، وتقدم مؤشر بلومبرغ لأسهم “السبعة العظماء” للعائد الإجمالي بنسبة 0.9%، فيما ارتفع مؤشر “راسل 2000” بنسبة 0.5%.
لم يطرأ تغير يُذكر على عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات، حيث استقر عند 4.49%. وارتفع مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري بنسبة 0.2%. كما تجاوز سعر الذهب مستوى 2,900 دولار للأونصة.
يرى خوسيه توريس من “إنتراكتيف بروكرز” (Interactive Brokers) أن العديد من المستثمرين بدأوا يدركون أن معظم الحديث عن الرسوم الجمركية لن يتحقق فعلياً، حيث يبدو الخطاب بشكل متزايد كتكتيك تفاوضي.
قال: “الهدف من هذا التوجه هو تعزيز الظروف الاقتصادية المحلية بدلاً من تعطيل زخم التجارة العالمية، ومن المرجح أن تكون النتائج أفضل بكثير مما كان متوقعاً”. وأضاف: “لهذا السبب، يتقدم المتداولون اليوم ويشترون الأسهم”.
قال محللو “بيسبوك إنفستمنت غروب”: “منذ حفل التنصيب، سواء أحببته أم لا، يمكننا جميعاً الاتفاق على أن الولاية الثانية للرئيس ترمب بدأت بتدفق لا يتوقف من الأخبار والعناوين. ومع ذلك، ظلت السوق هادئة بشكل مفاجئ وسط هذا السيل المستمر من الأخبار”.
اقرأ المزيد: رسوم ترمب الجمركية تقود الذهب إلى مستوى قياسي
تداول في نطاق ضيق
على مدار آخر 100 يوم تداول، تم تداول الصندوق المتداول في البورصة، الذي تبلغ قيمته 630 مليار دولار ويتتبع مؤشر “إس آند بي 500″ (SPY) ضمن نطاق ضيق نسبياً يقل عن 10%، وفقاً لـ”بيسبوك”. على الرغم من أن هذا النطاق قد يبدو واسعاً، إلا أنه يقع في النسبة المئوية 13 فقط من بين جميع الفترات المماثلة منذ إنشاء “إس بي واي” في عام 1993. خلال جائحة كوفيد، ارتفع هذا المؤشر إلى أكثر من 50%، وخلال الأزمة المالية، توسع أكثر ليبلغ ذروته فوق 75%.
قال أنتوني ساجليمبيني من “أميريبرايز” (Ameriprise): “قد يكون من الأفضل للمستثمرين عدم التفاعل مع دورة الأخبار. من الأفضل التريث وترك قضايا التعريفات الجمركية، وشركات التكنولوجيا الكبرى، وتطورات أسعار الفائدة تتكشف على المدى القريب. اتخاذ قرارات استثمارية بناءً على نتائج غير مؤكدة يزيد من مخاطر الخطأ أو اتخاذ موقف غير مناسب إذا سارت التطورات في الاتجاه المعاكس”.
قال مارك هاكيت من “نيشن وايد” (Nationwide): “على الرغم من حالة الارتباك اليومية، فإن حالة عدم اليقين بشأن التعريفات الجمركية، والبيئة الجيوسياسية، وارتفاع تقييمات قطاع التكنولوجيا لا تزال أكبر العوامل المجهولة للمستثمرين. مجتمعة، تشير هذه العوامل إلى تحقيق مكاسب محسوبة هذا العام، بدلاً من العوائد الضخمة التي شهدتها السنوات الأخيرة”.
بحسب أحد المؤشرات، لم تكن توقعات المستثمرين تجاه سوق الأسهم بهذا الارتفاع من قبل عند بداية أي ولاية رئاسية. فقد بلغ معدل السعر إلى الأرباح المعدل دورياً، المعروف باسم مؤشر “CAPE”، نحو 38 في أواخر يناير، وهو مستوى وصفه تشارلي بيليلو من “كرييتيف بلانينغ” (Creative Planning) بأنه “مرتفع للغاية”.
مراكز المستثمرين
تعكس مراكز المستثمرين القصة ذاتها. فقد انخفض عائد مخاطرة الأسهم الأميركية (ERP)، وهو مقياس الفارق بين العوائد المتوقعة للأسهم والسندات، بشكل حاد إلى المنطقة السلبية، وهو أمر لم يحدث منذ أوائل الألفية. ويعتمد ما إذا كان ذلك إشارة سلبية لأسعار الأسهم على الدورة الاقتصادية؛ فقد يُشير الرقم المنخفض إلى توقعات بارتفاع أرباح الشركات، أو قد يعني أن الأسهم ترتفع بسرعة كبيرة وتتجاوز قيمتها الفعلية بفارق كبير.
قال ريتشارد سابرستين من “تريجري بارتنرز” (Treasury Partners): “على الرغم من ارتفاع التقييمات، فإننا نظل مستثمرين بالكامل بسبب احتمالية استمرار النمو الاقتصادي، وتراجع التضخم، ونهج الاحتياطي الفيدرالي المتساهل. توصيفنا للأسهم هذا العام هو سوق متقلب يميل إلى الارتفاع على مدار العام.”
أما كالي كوكس من “ريثولتز ويلث مانجمنت” (Ritholtz Wealth Management)، فقالت إن التوقعات المرتفعة، وارتفاع أسعار الفائدة، وحالة عدم اليقين في السياسات “ليست مزيجاً جيداً”.
وأضافت كوكس: “نحن ندرك ذلك عملياً بشكل فوري. عليك أن تسعى إلى تحقيق توازن في المحفظة الاستثمارية، وتذكر أن هناك عالماً خارج الذكاء الاصطناعي”.
اقرأ أيضاً: أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى أمام امتحان الأرباح وسط تقييمات مرتفعة
تراجعات محتملة
يعتقد استراتيجيون في “دويتشه بنك”، بمن فيهم بينكي تشادا، أن صمود الأسهم في مواجهة الرسوم الجمركية قد يدفع نحو مزيد من التصعيد التجاري، ما يجعل التراجعات في أسواق الأسهم أمراً محتملاً.
يرون أن هذه التراجعات تتطلب الاستراتيجية نفسها المتبعة في مواجهة الصدمات الجيوسياسية، حيث شهدت الأسواق تاريخياً عمليات بيع حادة ولكن قصيرة الأجل، مع وصول الأسهم إلى القاع حتى مع استمرار الحدث، واستعادة الخسائر قبل أي تهدئة.
في مثل هذه السيناريوهات، تميل الأسهم عادةً إلى الانخفاض بنسبة بين 6% و8%، متراجعة لمدة ثلاثة أسابيع قبل أن تتعافى على مدى ثلاثة أسابيع أخرى.
قال كريستيان فلورو من “برينسبال أسيت مانجمنت” (Principal Asset Management): “بالنسبة للمستثمرين، فإن أكبر مخاطر السوق تكمن على الأرجح في عدم القدرة على التنبؤ بالسياسات. في ظل هذا المناخ، يُعد التنويع ضرورياً لإدارة مخاطر المحافظ الاستثمارية واغتنام الفرص مع تكيف الشركات والدول والأسواق.”
بينما لا تزال العناوين الرئيسية تركز على المخاوف المتعلقة بالتعريفات الجمركية وإنفاق شركات التكنولوجيا الكبرى، فإن تحول الرواية السوقية نحو اتساع نطاق القيادة في السوق يتأكد من خلال الأسس الاقتصادية وديناميكيات السوق، وفقاً لـليزا شاليت من “مورغان ستانلي ويلث مانجمنت” (Morgan Stanley Wealth Management).
قالت: “راقبوا تبدل قيادة مؤشرات الأسهم من (العظماء السبعة) نحو الأسهم ذات القيمة، والقطاعات الدورية، والبنية التحتية للنمو العلماني غير المرتبط بالذكاء الاصطناعي التوليدي. ضعوا في الاعتبار إضافة الأسهم الدورية مثل الشركات المالية والطاقة والمصنعين المحليين وخدمات المستهلك إلى مراكز الأسهم الأميركية”.
زيادة وزن الأسهم الأميركية
قال استراتيجيون في “بلاك روك إنفستمنت إنستيتيوت” (BlackRock Investment Institute)، بمن فيهم جان بوافين ووي لي: “نحتفظ بتوصيتنا بزيادة الوزن للأسهم الأميركية بسبب التوقعات الاقتصادية القوية وقوة الذكاء الاصطناعي الكبرى، وهو تحول هيكلي كبير. كما نوصي بزيادة الوزن في السندات الحكومية في منطقة اليورو، حيث من المرجح أن تعزز تأثيرات التعريفات الجمركية تخفيضات أسعار الفائدة”.
مع مواجهة الأسهم الأميركية لمخاطر متزايدة، مثل التساؤلات حول الاقتصاد وتركز المكاسب في عدد محدود من الشركات، يرى ألكسندر ألتمان من “باركليز” أن الوقت مناسب للتحول إلى أسواق أسهم أخرى.
أما ألتمان، الذي يشغل منصب الرئيس العالمي لاستراتيجيات الأسهم التكتيكية في “باركليز”، وكان قد انضم إلى البنك العام الماضي بعد إدارته لمحفظة استثمارية في “ميلينيوم كابيتال مانجمنت” (Millennium Capital Management)، فيشكك في في فكرة “تفوق الأسهم الأميركية”، على الأقل بشكل مؤقت، نظراً لأن الأسهم الأميركية عند مستويات تقييم تاريخية مرتفعة.