الأسهم الآسيوية تقلص خسائرها بعد تخفيف ترمب لهجته تجاه الصين

ارتفعت العقود الآجلة للمؤشرات الأميركية في التعاملات الآسيوية، وتعافت أسعار النفط، بعد أن أبدى الرئيس الأميركي دونالد ترمب انفتاحاً على إبرام اتفاق مع الصين، مما عزز المعنويات في الأسواق عقب الهزة التي أثارها التصعيد الحاد في التوترات التجارية.
وصعدت عقود مؤشر “إس آند بي 500” بنسبة 1.3%، بينما قفزت عقود “ناسداك 100” بنسبة 1.8%، بعد أن خفّفت الإدارة الأميركية من لهجتها التصعيدية، إثر تهديد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على الصين رداً على قيود بكين على الصادرات.
كما افتتحت عقود الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات على ارتفاع، وزاد النفط بنسبة 1.7%. في الوقت نفسه، تأرجحت أسعار الفضة قرب مستوى قياسي تاريخي وسط ضغط قصير غير مسبوق في لندن وتوترات تجارية، فيما سجّل الذهب ذروة جديدة، وتعافت العملات المشفّرة.
تفاؤل حذر بعد تصعيد حاد في التوتر التجاري
أظهرت تراجعات الأسهم الآسيوية، التي كانت مغلقة عندما أدلى ترمب بتصريحاته الجمعة، استمرار القلق بشأن مدى استدامة الهدنة. إذ افتتحت المؤشرات القياسية في الصين وهونغ كونغ على انخفاض تجاوز 2%، قبل أن تقلّص خسائرها لاحقاً. أما اليابان، فكانت مغلقة لعطلة، من دون تداول فعلي على السندات الأميركية.
وشهدت الأصول عالية المخاطر في الآونة الأخيرة تحركات حادة إلى الأسفل على نحو نادر، وهو ما قد يفسر رد الفعل القوي تجاه التوترات التجارية. فمنذ الانهيار الذي أثارته الرسوم الجمركية في أبريل، قفز مؤشر “إس آند بي 500” مدعوماً بالتفاؤل حول الذكاء الاصطناعي وتوقعات خفض الفائدة من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي، ويتداول حالياً عند أحد أعلى مستويات التقييم خلال 25 عاماً، ما يترك هامش أمان ضيقاً أمام الأخبار السلبية.
وقالت آنا وو، استراتيجيّة الأصول المتعددة في شركة “فان إيك أسوشيتس كورب”: “لا يبدو ما يحدث تكراراً لما جرى في أبريل، بل أقرب إلى مرحلة تفاوض تمهيدية تتأرجح ذهاباً وإياباً قبل الموعد النهائي للهدنة الأميركية – الصينية في نوفمبر”، مضيفة أن “الأسواق تأخذ في الحسبان قدراً من المبالغة في البيع يوم الجمعة”.
مؤشرات على مرونة تفاوضية
بعد أن أعلنت الصين الأسبوع الماضي عن قيود تصدير شاملة على المنتجات التي تحتوي حتى على آثار بعض المعادن النادرة، ردّ ترمب بتهديده بإلغاء اجتماع مباشر كان مقرراً مع الرئيس شي جين بينغ، وهو الأول بينهما منذ ست سنوات.
وقال ترمب إنه سيفرض رسوماً إضافية بنسبة 100% على الصين، إضافة إلى قيود على تصدير “أي وجميع البرمجيات الحيوية” بدءاً من الأول من نوفمبر.
وردّت الصين بالقول إن على الولايات المتحدة أن تتوقف عن تهديدها بفرض رسوم أعلى، داعية إلى مزيد من المفاوضات لحل الخلافات العالقة، ومؤكدة أنها لن تتردد في الرد إذا مضت واشنطن قدماً في إجراءاتها ضد بكين.
وفي المقابل، أبدت إدارة ترمب، الأحد، انفتاحاً على التوصل إلى اتفاق، إذ لمح الرئيس الأميركي إلى “مخرج محتمل” لنظيره الصيني، مع توجيه تهديد مبطن بأن حرباً تجارية شاملة ستُلحق أضراراً بالصين.
ويُظهر ذلك أن واشنطن تسعى إلى مواصلة الضغط على بكين للتراجع عن إجراءاتها التجارية الأخيرة، مع طمأنة الأسواق بأن التصعيد المتبادل ليس أمراً محتوماً.
وكتب ديلين وو، المحلل في شركة “بيبرستون غروب”، في مذكرة: “الأسواق تناقش حالياً ما إذا كانت الجولة الأخيرة من الرسوم الجمركية ستتحقق فعلاً. فإذا كانت مجرد مناورة تفاوضية، فقد تشكّل التراجعات الحالية فرصة للشراء عند الانخفاض، لكن إذا تم تنفيذ الرسوم فعلاً، فقد نشهد موجة جديدة من التقلبات وإعادة تسعير عالمية للمخاطر”.
تحركات العملات والاضطرابات السياسية في اليابان
في أسواق العملات، ارتفع الدولار الأسترالي، المرتبط بالمخاطر، بعد أن خفّف ترمب لهجته بشأن النزاع التجاري مع الصين، في حين تراجع الين الياباني يوم الإثنين بعد انهيار الائتلاف الحاكم في اليابان، ما مثّل ضربة قوية لزعيمة الحزب الحاكم الجديدة ساناي تاكايشي.
وقال رودريغو كاتريل، المحلل في “ناشونال أستراليا بنك”: “يذكّرنا هذا بأن الدولار الأسترالي، بحساسيته العالية تجاه المخاطر، غالباً ما يكون أول من يتأثر عندما تسوء الأوضاع”، مضيفاً أن تحركات العملة الأسترالية مقابل الين “تضخّمت بفعل حالة عدم اليقين السياسي في اليابان”.
وعلى صعيد أوروبا، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأحد، عن تشكيل حكومي جديد، مع تصاعد الضغوط عليه وعلى رئيس وزرائه المعاد تعيينه سيباستيان لوكورنو، لتفادي تفاقم الأزمة السياسية في البلاد وتمرير الموازنة. وافتتحت العقود الآجلة للسندات الفرنسية على انخفاض.