الأسهم الآسيوية ترتفع وسط آمال بانحسار التوترات التجارية

سجلت الأسهم الآسيوية والعقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأميركية ارتفاعاً بعدما أعلنت الصين والولايات المتحدة عن “تقدم كبير” في محادثاتهما التجارية، مما حفّز شهية المستثمرين للمخاطرة. وتراجع الذهب بنحو 2% مع انحسار الطلب على أصول الملاذ الآمن.
وارتفعت الأسهم في الصين ومؤشرات الأسواق الإقليمية، إذ صعد مؤشر “توبكس” الياباني لليوم الثاني عشر على التوالي، في أطول سلسلة مكاسب منذ أكتوبر 2017. كما تقدم مؤشر “هانغ سنغ” لليوم الثامن، في أفضل أداء يومي له خلال عام.
قفزت العقود الآجلة لمؤشر “إس آند بي 500” في التداولات الآسيوية بنسبة 1.4%، فيما صعدت عقود “ناسداك 100” بنسبة 1.9%. وارتفع الدولار الأميركي مقابل الملاذات الآمنة التقليدية كالفرنك السويسري والين، متفوقاً على معظم نظرائه الأوروبيين. إلا أنه تراجع مقابل اليوان والعملات الحساسة للاقتصاد الصيني كالدولار الأسترالي والدولار النيوزيلندي.
رغم موجة الصعود الأخيرة في الأسواق، حيث اقترب مؤشر “إس آند بي 500” من استعادة مستوياته التي كان عليها قبل إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن الرسوم الجمركية المتبادلة في مطلع أبريل، إلا أن مواصلة المكاسب ستتوقف على مدى نجاح الطرفين في تهدئة الحرب التجارية.
مخاوف من “الركود التضخمي”
يخشى المستثمرون من أن استمرار التصعيد في فرض الرسوم قد يؤدي إلى موجة من “الركود التضخمي” تضرب الاقتصاد العالمي، من خلال دفعه نحو الركود بالتزامن مع ارتفاع التضخم.
قال راج سينغ، مدير محفظة الأصول المتعددة في شركة “برينسيبال لإدارة الأصول” في مقابلة مع “بلومبرغ” إن “شهية المخاطرة تعود إلى الأسواق”. وبينما يتوقع سينغ أن يستمر الشعور بالمخاطرة لفترة طويلة، “فإن الوضع التجاري برمته متقلب للغاية، وحالة عدم اليقين مرتفعة للغاية”.
وبعد يومين من المفاوضات في جنيف، قال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت والممثل التجاري جايمسون غرير إنهما سيشاركان مزيداً من التفاصيل يوم الإثنين. وقال غرير للصحفيين إن “الفروقات بين الجانبين لم تكن بالقدر الذي كان متوقعاً”.
وردد المسؤولون الصينيون الرسالة ذاتها في إيجاز صحفي منفصل يوم الأحد، مؤكدين أن المحادثات “حققت تطوراً سليماً ومستداماً” في العلاقة الصينية-الأميركية.
الكثير من التفاصيل في الاتفاقات التجارية
كانت جولات الرد والرد المضاد قد رفعت الرسوم الأميركية على الواردات من الصين إلى 145%، بينما فرضت الصين رسوماً جمركية بنسبة 125% على السلع الأميركية.
وكان ترمب قد علّق تطبيق أشد الرسوم على معظم الدول باستثناء الصين، ما أشعل موجة صعود في مؤشر “إس آند بي 500”. وساهم توقيع اتفاق تجاري مع المملكة المتحدة الأسبوع الماضي في دعم المعنويات، رغم أن تفاصيل الصفقة لم ترقَ إلى التوقعات. كما تجري الهند واليابان مفاوضات مع الولايات المتحدة حول اتفاقيات لتقليص الرسوم الجمركية.
وقال شون داربي، المدير العام في “ميزوهو سيكيوريتيز آسيا”، في مقابلة مع “بلومبرغ”: “في الواقع، أعتقد أن إنجاز هذه الاتفاقيات التجارية سيستغرق وقتاً أطول بكثير مما يُتوقع”. وأضاف: “هناك الكثير من التفاصيل الدقيقة في هذه الصفقات”.
كان الجانب الأميركي قد حدد هدفاً بخفض الرسوم الجمركية إلى أقل من 60% كخطوة أولى، ويعتقد أن الصين قد تكون مستعدة لمجاراتها، وفقاً لأشخاص مطلعين على المحادثات قبل نهاية الأسبوع. وصرح ترمب على مواقع التواصل الاجتماعي يوم الجمعة، بأن فرض رسوم بنسبة 80% “يبدو قراراً صائباً!”.
بدأت الضغوط التجارية بالفعل بإلحاق الضرر بالشركات الأميركية، إذ سحبت شركات مثل “يو بي إس” و”فورد موتور” و”ماتيل” توجيهاتها بشأن الأرباح. وأظهرت بيانات من “بلومبرغ إنتليجنس” أن متوسط الشركات المدرجة في “إس آند بي 500” حقق 6.1% من إيراداته من بيع السلع إلى الصين أو للشركات الصينية خلال عام 2024.
ترمب يستهدف أسعار الأدوية
في غضون ذلك، قال ترمب إنه يعتزم توقيع أمر تنفيذي لخفض أسعار الأدوية الموصوفة في أميركا، من خلال إلزام الأميركيين بدفع نفس السعر الذي تدفعه الدول صاحبة الأسعار الأدنى.
وقال في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي إنه سيوقّع الأمر في الساعة التاسعة صباحاً بتوقيت واشنطن، يوم الإثنين. وتراجعت أسهم شركات الأدوية الآسيوية عقب هذا الإعلان.
قد تستفيد الأصول المحفوفة بالمخاطر أيضاً من وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان، إضافة إلى مؤشرات على احتمال عقد لقاء بين قادة روسيا وأوكرانيا هذا الأسبوع.
وقال فالنتين مارينوف، رئيس أبحاث واستراتيجيات العملات في “كريدي أغريكول”: “تهدئة التوترات التجارية والاقتصادية والجيوسياسية قد تعزز شهية المخاطرة في الأسواق”.
وأضاف أن “التطورات الأخيرة قد تشكل دفعة للأصول والعملات المرتبطة بالمخاطرة، وضغوطاً على عملات الملاذ الآمن مثل الين والفرنك السويسري وحتى اليورو”.