اخر الاخبار

الأثرياء يرهنون مقتنياتهم الفنية لصعوبة بيعها

عرض عميل ثري لدى “بنك أوف أميركا” مجموعته الفنية حتى يتمكن من اقتراض ما يكفي لشراء امتياز رياضي. ونشر آخر مجموعة من المناظر الطبيعية الأميركية التي تعود إلى القرن التاسع عشر لتجديد عقاره.

هذا هو عالم الإقراض الفني المزدهر-حيث تُستخدم القطع الفنية لتأمين القروض، مما يسمح لأصحابها الأثرياء بالاستفادة من مجموعاتهم للحصول على نقود دون الحاجة إلى التخلي عن ممتلكاتهم الثمينة. تباطأت مبيعات الأعمال الفنية، مما أجبر الكثيرين على إعادة تقييم خياراتهم. انخفض موسم المزادات الرئيسي في نيويورك في مايو بنحو 23% من حيث القيمة عن العام السابق، مع إحجام أغنى أغنياء العالم عن المشاركة والاكتفاء بالمتابعة من بعيد.

قال أدريانو بيسيناتي دي تورشيلو، منسق الفن والتمويل العالمي في ديلويت (Deloitte): “إذا كنت مالكاً وتحتاج إلى سيولة الآن، فإنك تتوقف عن البيع، وبدلا ًمن ذلك تقترض مقابل فنّك، في انتظار ظروف سوق أفضل”. وأضاف أن هذا يساهم في نمو سوق الإقراض الفني.

سوق جذابة

مع توسع هذه السوق، تعمل كبرى شركات وول ستريت على زيادة جهودها من خلال إضافة موظفين وتسويق الخدمة للعملاء الجدد والحاليين. وفي حين أن الحجم الدقيق للسوق غير مؤكد، تقدر “ديلويت” أن القروض المستحقة مقابل الأعمال الفنية قد تتجاوز 36 مليار دولار في عام 2024، ارتفاعاً من 29 إلى 34 ملياراً العام الماضي. ويُقارن هذا أيضاً مع 20.3 إلى 23.6 مليار دولار من هذه القروض المستحقة قبل خمس سنوات، وفق الشركة.

تتطلع أكبر البنوك الأميركية إلى توسيع نطاق وصولها إلى سوق الفن كوسيلة لجذب بعض أغنى الأفراد والعائلات في العالم والاحتفاظ بهم. وغالباً ما يعني تقديم الخدمات للأثرياء التباري مع المنافسين لتقديم منتجات أكثر تنوعاً، ومحاربة التهديد المستمر المتمثل في أن العملاء يمكنهم نقل أموالهم إلى مكان آخر.

يوفر إقراض الأعمال الفنية مزايا محددةً للمالكين الأثرياء الذين يقيمون استثماراتهم بينما تواجه الأسواق المالية الأوسع نطاقاً تقلبات. وعلى عكس الأسهم، لا تخضع الأعمال الفنية لتقلبات يومية وإنما تخضع لتقييم سنوي.

قالت كاتي لينغل، رئيسة حلول الإقراض في الولايات المتحدة في “جيه بي مورغان تشيس آند كو برايفت بنك” الخاص: “نحن لا نسأل عن قيمة الأعمال الفنية الثمينة كالتي أبدعها الفنان الأميركي الشهير آندي وارهول الخاصة بك كل يوم”.

طلب على قروض الفن

تباطأ سوق الفن العالمي من التقييمات المرتفعة القياسية لدى الخروج من حقبة جائحة كورونا. وحتى مع انخفاض المبيعات وتراجع القيم، فإن الطلب على قروض الفن موجود.

شهد “بنك أوف أميركا” ارتفاع خطوط الائتمان الجديدة المدعومة بالفن بأكثر من 14% مقارنةً بالعام الماضي، وفق درو واتسون، رئيس خدمات الفن. بلغ دفتر قروض الفن في الآونة الأخيرة أعلى مستوى له على الإطلاق. وفي أعمال إدارة الأصول والثروات في “جيه بي مورغان”، ارتفع إقراض الأعمال الفنية 1% على أساس سنوي، بما يتماشى مع القروض الأخرى في هذا العمل، وفقاً لمتحدث باسم البنك.

قال واتسون: “حتى في بيئة أسعار الفائدة الأعلى، لا يزال الناس يستغلون الفرص في الوقت المناسب”، فيأخذون قروضاً على فنّهم بدلاً من بيعه بخصم، أو بيع أسهم.

ومنذ تشكيل مجموعة خدمات الفن في عام 2017، نمت حصة “بنك أوف أميركا” السوقية لتتجاوز 30%، بحسب متحدث باسم البنك. يضم الفريق، الذي يواصل البنك الاستثمار فيه، 12 متخصصاً في سوق الفن عبر الائتمان وتخطيط الثروة والعمل الخيري. يشير واتسون إلى أن عملاء البنك الذين لديهم قروض بالفعل يحتفظون بها، في حين ظل استخدامها عند نحو 70% هذا العام.

وقال: “ينعكس الاحتفاظ بالقروض والاستخدام القوي في الأرصدة المستحقة، والتي ظلت قوية”.

هيكل قروض الفن

يضع “بنك أوف أميركا” هيكلاً لهذه القروض على أساس سعر فائدة متغير، لذلك بمرور الوقت يمكن أن تنخفض تكلفة رأس المال إذا انخفضت كلفة الاقتراض. وقال واتسون إن سعر الفائدة يعتمد على سعر التمويل المضمون لليلة واحدة، بالإضافة إلى الفارق. لذا مع خفض أسعار الفائدة، من المرجح أن تزيد القروض من هذا القبيل.

أما “سيتي غروب”، التي تقدر حصتها في السوق بنسبة 10 إلى 15%، فلديها قاعدة ثابتة من عملاء إقراض الفن لأن أسعار قروض الفن لا تزال مواتية مقارنة بالقروض الأخرى، بحسب فوتيني زيداس، رئيسة تمويل الفن في “سيتي برايفت بنك”.

وقالت “رغم ارتفاع أسعار الفائدة، فإن الفن هو أصل مستقر للغاية على المدى الطويل، مقارنة بالأصول الأخرى من حيث التقلب”.

تعمل قروض الفن كخطوط ائتمان، لذلك يسحب العملاء منها ويسددونها حسب استطاعتهم. وهي متاحة فقط للأثرياء، نظراً لطبيعة الضمان. فكلما كانت المجموعة أكبر، زادت المرونة للمقترضين.

وللحصول على قرض من “بنك أوف أميركا” أو “سيتي غروب”، يجب أن تبلغ قيمة المجموعة عادةً 10 ملايين دولار على الأقل، مما يضمن قرضاً بقيمة 5 ملايين دولار أو أكثر. يقدم “بنك أوف أميركا” عادةً قرضاً بنسبة 50% من القيمة، شريطة ألا تقل قيمة كل عمل فني عن 100 ألف دولار. وتتراوح مدة القروض من عام إلى ثلاثة أعوام، مع خيار التجديد، ولا يزال بإمكان العملاء الاحتفاظ بقطعهم محمية في المنزل طالما كانت داخل الولايات المتحدة. وتبحث “سيتي غروب” عن قيمة لا تقل عن 200 ألف دولار لكل قطعة فنية.

شروط قروض الفن

ويستند “جيه بي مورغان تشيس” في تحديد أحجام قروضه على قيمة المجموعة وقوة المقترض. وقال لينغل إن البنك يبحث عن تنوع القطع، ويضمن أنها “ذات جودة تؤهلها للعرض في المتاحف”. كما يقوم بتحليل مالي للمقترضين للتأكد من قدرتهم على سداد الديون.

واستخدم أحد عملاء “سيتي غروب” الذي جمع عدة قطع من أعمال بابلو بيكاسو وكلود مونيه هذه القطع لتأمين خط ائتمان لتغطية الضرائب المرتبطة بالتخطيط العقاري، وهو استخدام شائع آخر لهذا المنتج.

أراد مدير استثمار خاص آخر الحصول على خط ائتمان للمساعدة في تمويل طلب رأس المال. وقد سهّل “بنك أوف أميركا” قرضاً قيمته 10 ملايين دولار لمقترض واحد يساوره قلق إزاء تقلبات السوق، باستخدام مجموعته من الفن المعاصر وما بعد الحرب ضماناً.

وقال فيليب هوفمان، مؤسس “ذا فاين آرت غروب” (The Fine Art Group)، وهي شركة استشارات فنية ومتخصصة في التمويل تتنافس مع البنوك: “هناك طلبات لتغطية حساب الهامش، والوفاة، والطلاق، والإفلاس، لذلك لدينا اهتمام لا نهاية له بالإقراض”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *