اعتماد الصين على الصادرات يُعرّضها لتأثيرات جمركية أشد وطأة

النمو الأقوى من المتوقع للاقتصاد الصيني في الربع الأول يُخفي نقطة ضعف رئيسية تتمثل في الاعتماد المتزايد على الطلب الخارجي، مما يزيد خطر تعرضه لتأثيرات أشد وطأةً مع تصاعد التوترات التجارية.
ساهم صافي الصادرات في نحو 40% من نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الأول، الذي بلغ 5.4%، وهي أعلى مساهمة في مثل هذا الوقت من السنة منذ أكثر من عقد. كما يُمثل زيادةً أيضاً عن العام الماضي، حين شكّلت التجارة ما يقرب من ثلث النمو الإجمالي (33%).
خطر الاعتماد على التصدير في ظل توتر التجارة
الاعتماد الكبير على الطلب الخارجي يتزامن مع مرحلة محفوفة بالمخاطر. فمع زيادة الولايات المتحدة الرسوم الجمركية على السلع الصينية وضُعف الطلب العالمي بسبب التداعيات الأوسع نطاقاً لسياسات الرئيس دونالد ترمب التجارية الفوضوية، قد يكون مُحرك التصدير الذي يدعم انتعاش اقتصاد الصين معرضاً لخطر الركود.
كما تُظهر المساهمة القوية للتجارة مدى هشاشة الاقتصاد المحلي، إذ يواجه ضغوطاً ناتجة عن الانكماش وضُعف الطلب الاستهلاكي وتراجع سوق العقارات لفترة طويلة.
خفض اقتصاديون، من بينهم خبراء من “سيتي غروب” و”يو بي إس”، توقعاتهم لنمو اقتصاد الصين في عام 2025 إلى نحو 4% أو أقل، ودعوا إلى تقديم مزيد من التحفيز لدعم استقرار الاقتصاد.
الفائض التجاري مع أميركا مرتفع.. ولكن يتراجع
بلغ فائض الصين التجاري مع الولايات المتحدة 77 مليار دولار في الربع الأول، وهو ما يُمثل 28% من إجمالي فائضها التجاري في السلع، ومن المتوقع أن يتراجع مع دخول الرسوم الجمركية حيز التنفيذ. وقد حذّرت “بلومبرغ إيكونوميكس” من أن الرسوم الأميركية الجديدة ستُؤدي إلى تراجع كبير في حجم الصادرات، وخفّضت توقعها لنمو الناتج المحلي الإجمالي هذا العام إلى 4.2%.
رأي خبراء “بلومبرغ إيكونوميكس”
“مجموعة التعريفات الجمركية الكبيرة التي فرضها الرئيس دونالد ترمب بشكل سريع ومتتابع تعني أن السلع الصينية تواجه الآن ضريبة أميركية فعلية تبلغ حوالي 115%. وإلى جانب الآثار غير المباشرة الناتجة عن انخفاض عمليات إعادة الشحن وتباطؤ النمو العالمي، قد تؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تتراوح بين 2% و2.5%”، بحسب المحللين الاقتصاديين إريك تشو وتشانغ شو وديفيد كو.
تشير البيانات المالية الصادرة أواخر الأسبوع الماضي أيضاً إلى ضُعف كامن في الاقتصاد، مع انكماش عائدات الضرائب بنسبة 3.5% في الربع الأول، وهو ما يعد أقل بكثير من النمو الاسمي للناتج المحلي الإجمالي الذي بلغ 4.6%.
الخصومات الضريبية للمصدرين تقفز
يُرجّح أن جانباً من عجز الإيرادات ينبع من زيادة الخصومات الضريبية للمُصدرين والإعفاءات الضريبية الأخرى، حيث ارتفعت خصومات ضرائب التصدير بنسبة 14% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. ارتفعت نسبة العوائد الضريبية المتعلقة بالتصدير من إجمالي الشحنات الخارجية إلى 12.3% في الفترة من يناير إلى مارس، مما يشير إلى تسريع عمليات الدفع لدعم الوضع المالي للشركات الصينية.
استمر هبوط مبيعات الأراضي وانخفضت الإيرادات بنسبة 16% في الربع الأول بعد ثلاث سنوات متتالية من التراجع. وقد أدى استمرار انكماش مبيعات الأراضي وإيرادات الضرائب إلى انخفاض إجمالي الدخل في الميزانيتين الرئيسيتين بنسبة 2.6% إلى 6.9 تريليون يوان (950 مليار دولار) في الربع الأول.
الحكومة قد تضطر للاقتراض
التباطؤ في الإيرادات يحدث حتى قبل التأثير الكامل للرسوم الجمركية الأميركية، مما يُشير إلى أن الحكومة الصينية ستضطر للاقتراض لمساعدة الاقتصاد على التعافي أو الاستقرار. في حين تعهدت الحكومة الصينية بمواجهة الصدمات الخارجية من خلال بذل جهود أقوى لتحفيز الطلب المحلي، تُظهر أحدث بيانات الميزانية أن الأموال المخصصة للبنية التحتية لم تُستثمر بشكل كافٍ.
انخفض الإنفاق في مجالات مثل التنمية الحضرية والريفية والحفاظ على المياه والنقل في الموازنة العامة، وهي السجل الرئيسي للحكومة، بنسبة 4.2% في الربع الأول مقارنة بالعام السابق، وهو أول انخفاض خلال عامين. قد يكون من الضروري تغيير الاتجاه بسرعة إذا تضررت التجارة العالمية بشكل أكبر نتيجة لزيادة عدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية.
“يجب أن يكون التحفيز المالي هو العامل الحاسم في تخفيف آثار الصدمة الخارجية ودعم الطلب المحلي”، بحسب “بلومبرغ إيكونوميكس”، وأضافت: “نتوقع أن تسرع الحكومة تنفيذ ميزانيتها الموسعة لعام 2025. ولكن قد تكون هناك حاجة إلى مزيد من الدعم في وقت لاحق من العام إذا لم يحدث تراجع ملحوظ في الرسوم الجمركية خلال الأشهر القادمة”.