ارتفاع العملات المشفرة يتلاشى بعد تشكيك في خطة احتياطي ترمب

قوبل إعلان دونالد ترمب بشأن إدراج ثلاث عملات رقمية غير معروفة على نطاق واسع ضمن الاحتياطي الإستراتيجي للعملات المشفرة الأميركية بقدر كبير من التشكيك في أوساط الصناعة؛ حيث شكك المستثمرون في جدوى المشروع، فيما تخلّت العملات التي يفضلها عن بعض المكاسب التي حققتها فور هذا الإعلان.
قال ترمب، الأحد، عبر منصة “تروث سوشال” إن عملات “إكس آر بي” (XRP) و”سول” (SOL) و”إيه دي إيه” (ADA) ستُدرج ضمن الاحتياطي إلى جانب “بتكوين” و”إيثر”. أدى الإعلان إلى ارتفاع فوري في أسواق العملات المشفرة، ليمنح فئة الأصول هذه بعض الارتياح بعد أسوأ شهر لها منذ 2022.
لكن الحماس الأولي سرعان ما تلاشى وسط تساؤلات حول جدوى خطة ترمب والدوافع وراءها. وعادت الأسواق إلى التراجع يوم الإثنين، حيث سجلت “إكس آر بي” و”سول” و”إيه دي إيه” انخفاضات يومية بأكثر من 10%، بعد أن شهدت قفزة كبيرة في اليوم السابق.
أشار محللون إلى أن “الاحتياطي الإستراتيجي الذي يبدو وكأنه محفظة لمتداول تجزئة من عام 2017، يكشف أن الإدارة الأميركية لا تفهم حقاً القيمة الفعلية لبتكوين أو بقية سوق العملات المشفرة”.
ضغط على ترمب بعد تراجع الأسواق
شهدت العملات المشفرة موجة بيع قوية في فبراير، ما زاد الضغط على ترمب الذي عاد إلى البيت الأبيض بعد تلقيه دعماً مالياً وترحيباً واسعاً من الصناعة. حتى تراجع لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية عن حملتها الصارمة التي استمرت لسنوات لم يكن كافياً لوقف موجة البيع، التي يعزوها كثيرون جزئياً إلى المخاوف من تعريفات ترمب الجمركية وسياساته الجذرية لتقليص البرامج الحكومية.
قالت شركة “كيو سي بي كابيتال” (QCP Capital) في مذكرة الإثنين: “بالنسبة إلى رئيس يزدهر عندما يكون بطل الأسواق، لم يكن أداء أصول المخاطرة الأسبوع الماضي مُلهِماً على الإطلاق. الحسابات السياسية كانت واضحة، وهي أن ترمب كان بحاجة إلى انتصار قبل أن تبدأ شعبيته بالتراجع، وهو مؤشر يأخذه على محمل شخصي”.
في بيانه الأول عن إنشاء احتياطي للعملات المشفرة في يناير، قال البيت الأبيض إن الاحتياطي “قد يتم تجميعه من العملات المشفرة التي صادرتها الحكومة الفيدرالية بشكل قانوني من خلال جهودها في إنفاذ القانون”. عادة ما تكون بتكوين العملة الرئيسية التي تصادرها السلطات، بما في ذلك في حملة القضاء على موقع “سيلك رود” الشهير.
لكن الإعلان الأولي افتقر إلى التفاصيل حول كيفية إنشاء الاحتياطي، ما خيّب آمال المستثمرين ومهّد الطريق لموجة بيع فبراير.
بيع مفاجئ للعملات المشفرة قبل قمة البيت الأبيض
تزامنت منشورات ترمب يوم الأحد مع استعداد ديفيد ساكس، المسؤول عن سياسة العملات المشفرة في البيت الأبيض، لاستضافة القمة الأولى للصناعة. في تطور لافت، أعلن ساكس عبر منصة “إكس”، الإثنين، أنه باع جميع حيازاته من العملات المشفرة، بما في ذلك بتكوين وإيثر وسول، قبل تولي ترمب منصبه في يناير.
“إكس آر بي” هي العملة المشفرة المرتبطة بشركة “ريبل لابز” (.Ripple Labs Inc) التي يديرها براد غارلينغهاوس. أما “سول” و”إيه دي إيه” فهما الرموز الأصلية لشبكتي “سولانا” و”كاردانو” (Cardano) على التوالي.
فيما يلي ملخص لتاريخ هذه العملات والأشخاص المرتبطين بها.
عملة XRP:
ترمب سبق أن شارك تقريراً لمنصة “كوين ديسك” عن براد غارلينغهاوس، الرئيس التنفيذي لشركة “ريبل”، عبر “تروث سوشال” في فبراير، ما أثار حماس مؤيدي “إكس آر بي”، في حين استقبل قادة آخرون في قطاع العملات المشفرة الخطوة بفتور.
في ديسمبر الماضي، أعلن غارلينغهاوس أن الشركة ستتبرع بـ5 ملايين دولار من “إكس آر بي” لاحتفالات تنصيب ترمب. كما التقطته الكاميرات مع ستيو ألدروتي، كبير المسؤولين القانونيين في “ريبل”، أثناء تناولهما العشاء مع ترمب في مار-آ لا-غو.
يشكّل هذا الوصول السياسي تحولاً جذرياً في مسار الشركة التي كانت قد خاضت معركة قانونية ضد لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية في عام 2020، حيث اتهمتها اللجنة ببيع أوراق مالية غير مسجلة. في وقت لاحق، قضت محكمة فيدرالية بأن “إكس آر بي” تعد ورقة مالية عند بيعها للمؤسسات، لكنها ليست كذلك عند بيعها للأفراد، وهو ما اعتُبر انتصاراً جزئياً لصناعة العملات المشفرة. ومع ذلك، لا تزال القضية قيد الاستئناف.
تأسست “ريبل” في عام 2012 تحت اسم أوبن كوين (Opencoin)، وكانت من أوائل الشركات التي بدأت في تطوير تقنية دفتر الأستاذ الموزع لتقديم خدمات مالية تقليدية. أنشأت الشركة منصتها الخاصة بهدف تسريع وتسخير تكاليف تسوية المدفوعات الدولية.
كما هو الحال مع العديد من الشركات الناشئة في مجال بلوكتشين التي تستهدف تدفقات الخدمات المالية التقليدية، حققت “ريبل” نتائج متباينة فيما تتباطأ البنوك في تبني التكنولوجيا.
عملة Solana:
أصبحت “سولانا” الوجهة المفضلة لإصدار عملات “الميم”، وهي أصول رقمية تفتقر إلى قيمة جوهرية لكنها قد ترتفع بشدة إذا اكتسبت شعبية على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي المقابل، قد تنهار بالسرعة ذاتها.
في يناير، أطلق ترمب وزوجته ميلانيا عملات ميم على شبكة “سولانا”. وتراجع سعر العملة الخاصة بترمب بنحو 80% من أعلى مستوى لها عند 74 دولاراً، وفقاً لبيانات “كوين جيكو”.
في فبراير، تعرض الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي لفضيحة سياسية بعد أن أوصى متابعيه عبر منصة “إكس” بعملة ميمية قائمة على “سولانا” تحمل اسم “ليبرا” (Libra).
أُطلقت “سولانا” في 2020، وكانت على صلة وثيقة برائد الأعمال سام بانكمان-فريد وشركته “ألاميدا ريسيرش”، قبل انهيارهما في نوفمبر 2022. وبعد انهيار امبراطوريته، هبطت قيمة “سول” بشدة لكنها عاودت الارتفاع عام 2024، لتسجل 295 دولاراً في 19 يناير، وهو اليوم ذاته الذي طرح فيه ترمب عملته الميمية. غير أن سعرها انخفض بنسبة 45% منذ ذلك الحين، ليتم تداولها حالياً عند 160 دولاراً.
عملة Cardano:
أُطلقت “كاردانو” في عام 2017 بعد أن جمعت أكثر من 60 مليون دولار من خلال بيع رموزها، وفقاً لـ”كوين جيكو”. وعلى عكس “إيثريوم” التي تُعتبر الركيزة المحورية للتمويل اللامركزي، لم تتمكن “كاردانو” من الاستحواذ على حصة كبيرة في السوق.
قال تشارلز هوسكينسون، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة “آي أو جي” (IOG) المطورة لـ”كاردانو”، في بودكاست بعد فوز ترمب في نوفمبر، إنه ساعد نواباً أميركيين في صياغة تشريعات خاصة بالعملات المشفرة.
وفقاً لمنصة “دي في لاما” (DeFiLlama)، تبلغ القيمة الإجمالية للأصول المقفلة على “كاردانو” حالياً 607 ملايين دولار، مقارنةً بحوالي 90 مليار دولار على شبكة “إيثريوم”.