اخر الاخبار

اتجاه قوي للشركات الأميركية لإصدار سندات باليورو

تتجه الشركات بشكل متزايد نحو أوروبا لجمع الأموال بتكلفة منخفضة، وهو تحولٌ يُمثل نقلة نوعية على المدى القريب في سوق ديون الشركات الأميركية.

باعت شركة “فيريزون كوميونيكيشنز” (Verizon Communications) هذا الأسبوع ديوناً بقيمة ملياري يورو (2.31 مليار دولار)، في أول صفقة لها في السوق الأوروبية منذ أوائل 2024. وفي وقت سابق من يوليو، أصدرت كلٌ من “فيديكس كورب” (FedEx Corp) و”بيبسيكو” (PepsiCo) ديوناً بالعملة الموحدة لمنطقة اليورو، في أول طرحين لهما هناك منذ 2021.

باعت الشركات الأميركية ديوناً بقيمة 116.3 مليار يورو (134 مليار دولار) في أوروبا هذا العام، فيما يُعرف بإصدارات “اليانكي العكسية”، أي أقل بـ4.4 مليار يورو من الرقم القياسي السنوي مع تبقي حوالي خمسة أشهر على نهاية العام. بعض الشركات، مثل “فيديكس” و”بيبسيكو”، تعيد تمويل ديونها المستحقة المصدرة باليورو، لكن الرقم الإجمالي أعلى لسبب وجيه: البنك المركزي الأوروبي يُجري تخفيضات نشطة لأسعار الفائدة وسط ضغوط تضخمية خافتة، بينما لم تُخفّض الولايات المتحدة أسعار الفائدة منذ ديسمبر.

وقال جوردون شانون، مدير المحفظة في “توينتي فور أسيت مانجمنت” (TwentyFour Asset Management): “من وجهة نظر الجهة المصدرة، فإن الاقتراض باليورو أقل تكلفة”.

ضبابية مسار الفائدة الأميركية

تزداد التوقعات ضبابية بشأن أسعار الفائدة الأميركية في الأشهر المقبلة. فقد أشار تقرير صدر يوم الجمعة إلى تباطؤ حاد في نمو الوظائف خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وارتفاع معدل البطالة، ما يشير إلى أن سوق العمل يتجه نحو التباطؤ، وهو ما يفسح المجال أمام الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة.

اقرأ أيضاً: للمرة الخامسة.. الفيدرالي يبقي الفائدة دون تغيير متجاهلاً ضغوط ترمب

انخفضت عوائد سندات الخزانة الأميركية، لكنها وصلت إلى مستوياتها المسجلة في أوائل يوليو. وحتى مع تحركات السوق يوم الجمعة، لا يزال الاقتراض في أوروبا أرخص. وبالنسبة للمقترضين الذين يلجأون إلى التحوط، قد تتغير هذه الديناميكية في الأيام المقبلة.

رغم ذلك، فمن المرجح أن يكون تحول الشركات بمرور الوقت نحو المزيد من إصدار السندات في أوروبا، وفقاً لهانز ميكلسن، استراتيجي الائتمان الأميركي في “تي دي سكيوريتيز” (TD Securities) التابعة لبنك “تورنتو دومينيون” (Toronto-Dominion).

وخلال مقابلة، قال ميكلسن إنه مع استمرار الولايات المتحدة في فرض المزيد من الرسوم الجمركية على الدول الأخرى، بما في ذلك الرسوم الجديدة التي تم الإعلان عنها يوم الخميس، قد يميل المستثمرون الأجانب، وهو “تصرف طبيعي”، إلى شراء كميات أقل من سندات الشركات الأميركية، مفضلين ديون الشركات المقومة باليورو. وسيؤدي انخفاض الطلب إلى سعي الشركات إلى البحث عن المستثمرين أينما كانوا.

أوضح ميكلسن خلال المقابلة: “إنه تطور هيكلي طويل الأجل نوعاً ما، حيث سنرى المزيد من الشركات الأميركية تتجه نحو أسواق أخرى”. وتابع “سينخفض الطلب على سندات الشركات الأميركية، فيما سيزداد على سندات الشركات غير الأميركية، وستظل الشركات الأميركية بحاجة إلى إصدار ديون. ما يُحتم عليها إدراك ضرورة جمع التمويل بعملات أخرى”.

نفور عن إصدار الديون بالدولار

وإضافة إلى سعي الشركات الأمريكية للاقتراض باليورو، تتجنب الشركات الأوروبية بشكل متزايد الاقتراض بالدولار. في يوليو، بلغ إصدار اليانكي العكسي حوالي 9 مليارات دولار، مقارنة بمتوسط 3 مليارات دولار شهرياً على مدى السنوات الثلاث السابقة، بحسب ميكلسن. على الجانب الآخر، اقترضت الشركات الأوروبية ما يزيد قليلاً عن ملياري دولار في يوليو، مقارنة بمتوسط 13 مليار دولار شهرياً على مدى السنوات الثلاث السابقة.

قد يهمك أيضاً: العجز الأميركي يحول المستثمرين من السندات الحكومية إلى ديون الشركات

كتب ميكلسن أن هذه التحولات نحو الإصدارات الأوروبية تُفسر بشكل كبير سبب انخفاض مبيعات سندات الدولار الأميركي عن توقعات متداولي وول ستريت الشهر الماضي. وكان المتداولون قد توقعوا مبيعات تُقارب 100 مليار دولار لشهر يوليو، بينما بلغت المبيعات الفعلية نحو 81 مليار دولار، وفقاً لبيانات جمعتها “بلومبرغ”.

على المدى القريب، يُمكن لأي عامل يُقلل من حجم البيع، وهو ما يُعرف بالعامل الفني، أن يُساعد في الحفاظ على فروق ضيقة نسبياً لأسعار سندات الشركات الأمريكية عالية الجودة. في الوقت نفسه، لا يزال الطلب، وهو عامل فني أيضاً، قوياً عالمياً، مع تدفق السيولة النقدية إلى صناديق الائتمان. تواجه ديون الشركات الأميركية سلسلة من الضغوط في الوقت الحالي، لكن التقييمات خلال معظم الأسبوع الماضي كانت عند أقوى مستوياتها هذا العام، حيث بلغت فروق الأسعار 0.76 نقطة مئوية فقط عند إغلاق يوم الخميس.

وقال جون سيرفيديا، الرئيس المشارك العالمي للتمويل الاستثماري في “جيه بي مورغان تشيس”: “إذا أخذنا هذا الاتجاه الشامل المتمثل في انخفاض صافي المعروض، وقيام البنوك بإصدار كميات أقل بسبب توقعات الإصلاح التنظيمي كما كان الحال في الربع الماضي، وزيادة عدد الشركات الأميركية التي تُصدر في أوروبا، فإن كل هذا يؤدي إلى تعزيز العوامل الفنية الإيجابية في السوق الأميركية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *