اخر الاخبار

إسبانيا تطالب الاتحاد الأوروبي بتمويل الدفاع من أصول روسيا المجمدة

اقترحت إسبانيا تأسيس صندوق دفاع جديد يهدف إلى تقديم منح غير قابلة للاسترداد لتعزيز خطوط الدفاع الأوروبية ودعم أوكرانيا، عبر استخدام أصول البنك المركزي الروسي المجمدة.

ودعا وزير الاقتصاد الإسباني كارلوس كويربو، يوم السبت، نظراءه في الاتحاد الأوروبي إلى إنشاء أداة مؤقتة لتمويل مشاريع دفاعية واسعة النطاق على مستوى القارة.

قال كويربو على هامش اجتماع مع نظرائه في الاتحاد الأوروبي في وارسو، إن “هذا هو الوقت المناسب لإظهار التضامن الأوروبي لدعم أوكرانيا والدول الواقعة على الخطوط الأمامية الشرقية”. وأضاف: “نحن بحاجة للاستثمار معاً في قطاع الدفاع، باعتباره منفعة عامة أوروبية حقيقية تعزز أمننا الاقتصادي وتعود بالنفع على مواطنينا”.

ناقش وزراء مالية الاتحاد الأوروبي خلال عطلة نهاية الأسبوع سبل تمويل جهود إعادة التسلح بالمنطقة، وسط تزايد الشكوك بشأن التزام الولايات المتحدة ببند الدفاع المشترك في حلف الشمال الأطلسي “الناتو”، وتصاعد التهديدات من الجانب الروسي، وهو ما دفع الاتحاد إلى تسريع استعداداته الدفاعية.

تواجه بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ضغوطاً مالية، ما يفرض على التكتل ضرورة العمل على إيجاد خيارات إضافية لتعويض أعوام من نقص الاستثمارات. وكان من بين المقترحات المطروحة إنشاء أدوات تمويلية جديدة على مستوى القارة.

وعلى خلاف الحلول المطروحة حتى الآن، والتي تركز أساساً على تقديم قروض بشروط ميسّرة، تدفع إسبانيا نحو تقديم الاتحاد الأوروبي مِنح للدول الأعضاء، خصوصاً دول شرق أوروبا والتي تواجه تهديدات روسية مباشرة.

وتقترح إسبانيا إنشاء هذه الأداة كآلية ذات غرض خاص يتم تمويلها من مساهمات الدول الأعضاء، إلى جانب ديون الاتحاد الأوروبي، والاستفادة من صندوق الإنقاذ المعروف باسم “آلية الاستقرار الأوروبي”.

تمويل القدرات الدفاعية عبر الأصول الروسية

بالإضافة إلى ذلك، قالت مدريد إن جزءاً من أصول البنك المركزي الروسي المجمدة في أوروبا، والتي تقدر بنحو 200 مليار يورو (227 مليار دولار)، يمكن استخدامه أيضاً في تمويل مشاريع عسكرية تدعم أوكرانيا.

هذا المقترح سيشكل نقلة أكثر جرأة وإثارة للجدل، إذ لا تزال بعض الدول، بما فيها ألمانيا وبلجيكا، تُبدي مقاومة لاستخدام أصل المبلغ، خشية تداعيات محتملة على الاستقرار المالي في المنطقة، وكذلك على مكانة اليورو.

حتى الآن، استخدم الاتحاد الأوروبي، الذي تُحفظ فيه معظم الأصول لدى شركة المقاصة “يوروكلير” (Euroclear) ومقرها بروكسل، العائدات الناتجة عن هذه الأصول لتغطية جزء من ميزانية أوكرانيا، وذلك ضمن حزمة قروض بقيمة 50 مليار دولار قدمتها مجموعة السبع.

ومع ذلك، تدرس المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، خيارات إضافية للاستفادة من هذه الأصول في دعم كييف وسط مخاوف أوروبية بشأن المساعدات الأميركية.

تأتي فكرة إنشاء هذا الصندوق الدفاعي المقترح بالتوازي مع أداة تمويل جديدة تعتمد على القروض، بقيمة 150 مليار يورو (170 مليار دولار)، والمقرر إطلاقها قريباً بهدف دعم القدرات الصناعية الدفاعية في أوروبا، خصوصاً في القطاعات الاستراتيجية، وذلك بالتعاون مع عدد من الشركاء المقربين، من ضمنهم أوكرانيا.

كما أبدت المفوضية الأوروبية استعدادها لـ”التغاضي” عن إنفاق دفاعي إضافي يصل إلى 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي للدول الأعضاء، شريطة أن يُخصص لتعزيز القدرات الدفاعية، وذلك ضمن نطاق إشرافها المالي. وبحسب تقديرات بروكسل، فإن هذا الإعفاء قد يُسهِم في تعبئة ما يصل إلى 600 مليار يورو من الإنفاق العسكري على مستوى عواصم الاتحاد الأوروبي.

في المقابل، تطالب بعض الاقتصادات، مثل إسبانيا وإيطاليا، بخيارات تمويل مختلفة لا تؤدي إلى تضخيم ميزانياتها، والتي تراقبها الأسواق المالية بشكل دقيق، وتشمل هذه الخيارات تحويلات مالية من ميزانية الاتحاد الأوروبي، أو تقديم ضمانات أوروبية لجذب التمويل الخاص.

آليات جديدة لتعزيز الدفاع

أكد وزير المالية البولندي أندريه دومانسكي، الذي ترأس اجتماع يوم السبت في ظل تولي بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، أن “بعض الدول أكثر استعداداً للمشاركة في بعض الأدوات مقارنة بغيرها.. مهمتنا هي إيجاد حل وسط جيد يخدمنا جميعاً”.

في هذا السياق، اقترحت المفوضية الأوروبية إدخال تعديلات على سياسات الإقراض لدى بنك الاستثمار الأوروبي، لتسهيل توجيه المزيد من التمويل نحو قطاع الدفاع. كما شملت المقترحات إجراء تعديلات على صندوق التماسك الأوروبي البالغ قيمته 392 مليار يورو، بما يسمح للدول باستخدام جزء من موارد الاتحاد الأوروبي في مشاريع دفاعية محددة.

وبالتزامن مع ذلك، بدأت البنوك استكشاف سُبل توسيع تمويلها للشركات العاملة في إنتاج الأسلحة، والتي لطالما اعتُبرت جهات “سامة”.

كما ناقش الوزراء خلال الاجتماع مقترحاً بإنشاء آلية دفاع أوروبية تتولى المشتريات الدفاعية المشتركة وتوفير أصول دفاعية رئيسية في قطاعات محددة، مع توافر التمويل اللازم لها، وفقاً لمقترح قدمه مركز الأبحاث “بروغيل” (Bruegel) ومقره بروكسل.

وأوضح تقرير “بروغيل” أن هذه الآلية الجديدة، المصممة خارج أطر معاهدات الاتحاد الأوروبي والتي تحاكي آلية الاستقرار الأوروبي الحالية، يمكن أن تمتلك أصولاً استراتيجية وتفرض رسوماً على الدول الأعضاء مقابل استخدامها، مما يُخفف من الأثر المالي لجهود إعادة التسلح على الميزانية ويسهل تنفيذ المشاريع واسعة النطاق.

تتداول الأوساط الأوروبية حالياً مقترحات متعددة لإنشاء آلية أكثر ديمومة لتعزيز القدرات الدفاعية، حيث يندرج بعضها تحت مظلة الاتحاد الأوروبي ويتم تمويله عبر سندات اليورو، بينما تقترح أطراف أخرى إنشاء أدوات ذات أغراض خاصة تُدار من قبل أطراف ثالثة مثل بنك الاستثمار الأوروبي، وهو ما قد يسهل انضمام شركاء خارجيين يتشاركون الرؤية مثل المملكة المتحدة، النرويج، وكندا.

ورغم زخم هذه المقترحات، أشار دبلوماسيون إلى أن بعض الدول الأعضاء تفضل التريث وتطبيق المبادرات القائمة حالياً قبل الانخراط في أدوات جديدة. كما أكدوا أن الأدوات الأكثر ديمومة لا تزال تثير جدلاً واسعاً داخل الاتحاد الأوروبي، خاصة في ظل القيود الدستورية التي تواجهها ألمانيا، والتزام كل من النمسا وإيرلندا بالحياد، ما يستدعي مواصلة النقاشات خلال الأشهر المقبلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *