اخر الاخبار

أي نوع من المساكن يبحث عنه السعوديون؟

مع انتقال المحامي المصري الشاب طاهر عبد الله إلى الرياض قادماً من دبي قبل أقل من عام، كان أول ما يشغله هو العثور على شقة صغيرة للإيجار تكون مناسبة له. لكن بعد أسابيع من البحث بدت المهمة أصعب مما كان يتخيل.

يقول طاهر (اسم مستعار بناءً على طلبه) إن المعروض في الأحياء القريبة من مقر شركة التكنولوجيا التي يعمل في إدارتها القانونية، والتي قررت نقل جزء كبير من أعمالها إلى العاصمة السعودية، كان يتمثل في فيلات كبيرة أو شقق لا تقل عن ثلاث غرف، ما يعني أنه سيكون مضطراً لسداد قيمة مساحات لا يحتاجها، إضافةً إلى زيادة عبء تأثيثها.

فجوة العرض والطلب

المشكلة متكررة وليست فردية وفقاً لتقارير تشير إلى فجوة بين الطلب والمعروض في السوق العقارية، من ناحية نوعية العقارات أو سعرها. وبحسب فيصل دوراني، الشريك ورئيس قسم أبحاث الشرق الأوسط لدى “نايت فرانك” للاستشارات العقارية؛ “هناك بالفعل نقص كبير في أماكن الإقامة التي بُنيت خصيصاً لتلبية الطلب المتزايد على الإيجار”.

وأوضح دوراني أن تنامي الطلب على استئجار المنازل الصغيرة يعكس تغيرات بشرائح الباحثين عن المساكن في السعودية، حيث ينشأ الطلب على المنازل للإيجار من فئتين رئيسيتين: المغتربون الذين يفضل 40% منهم الاستئجار وليس التملك، بالإضافة إلى مجموعة متزايدة من السعوديين الشباب وغير المتزوجين الذين يتنقلون داخل المملكة بحثاً عن فرص عمل أفضل. 

كانت أسعار الإيجار في المملكة شهدت ارتفاعاً ملحوظاً، إذ زادت بنسبة 31% خلال عام ونصف العام، وفق حسابات “الشرق”.

دوراني نوّه لـ”الشرق” أيضاً بأنه إضافةً إلى الشح في المعروض من المنازل ذات المساحات الصغيرة، فإن “السوق العقارية تشهد كذلك نقصاً في نوعية المنازل الفاخرة التي تنامى عليها الطلب، وهي التي تحتوي على مرافق ووسائل راحة مثل الاستقبال، والأمن، والمحلات التجارية داخل المجمع، وصالات رياضية، وأحواض سباحة”.

الأسعار لا المساحات هي مشكلة راغبي التملك 

في سوق بيع العقارات السكنية بغرض التملك، تبدو الصورة مختلفة عن المنازل المؤجرة، لكن يجمع بينهما عدم تلبية المعروض لشريحة من الطلب حيث لا يجد المشترون ما يبحثون عنه.

وفقاً لتقرير أصدرته “نايت فرانك”، فإن الفلل لا تزال أكثر أنواع العقارات طلباً في المملكة، حيث يفضل 51% من السعوديين والأجانب المقيمين في السعودية العيش في منزل عائلي مستقل وواسع. ويرى دوراني أن “هذا الطموح لامتلاك فيلا لا يتجه للتراجع، رغم أن التكاليف المرتفعة تساهم في تقبل ثقافة العيش في الشقق”.

وفيما تزداد الرغبة في العيش في الفلل مع ارتفاع الدخل، لتصل إلى 74% بين الذين تتراوح رواتبهم بين 40 ألف و50 ألف ريال سعودي شهرياً، وفقاً لشركة الاستشارات العقارية، فإن الميزانيات المخصصة للشراء لا تتماشى مع الأسعار الحالية في السوق، ما يبرز فجوة بين تطلعات المشترين والأسعار الفعلية، خصوصاً الأشخاص من ذوي الدخل المنخفض إلى المتوسط.

يلحظ التقرير، الذي استطلع آراء أكثر من ألف مشارك نحو 90% منهم من السعوديين، أن متوسط ميزانية شراء المنازل للمواطنين السعوديين يتراوح بين 2.1 مليون ريال و3.7 مليون ريال، فيما تتراوح ميزانية 91% من المغتربين بين 750 ألف ريال و2.5 مليون ريال. يُقارن هذا بمتوسط سعر يبلغ حوالي 2.8 مليون ريال للفيلا المكونة من 4 غرف نوم في الرياض. 

أنماط جديدة من العقارات

من المتوقع أن تشهد الفترة المُقبلة تغييرات في أنواع العقارات المعروضة لتلبية الطلب الجديد، حيث تظهر مؤشرات أن المطورين العقاريين منتبهون بالفعل إلى تنامي الطلب على أنواع جديدة من العقارات السكنية سواء بغرض التملك أو الاستئجار.

ويعتبر دوراني أنه “من غير المحتمل أن تتلاشى الرغبة في تملك فيلا في النهاية. لكن ستُساهم التكاليف العالية في تقبل ثقافي للعيش في شقق، ودوماً ستكون المساكن المجتمعية التي تحتوي على مرافق ووسائل راحة على بُعد مسافة مشي هي الأكثر طلباً”. لافتاً إلى أن هناك نمواً حالياً في المشروعات التي تطرح منازل عائلية متلاصقة، بتكلفة أقل من الفلل المستقلة”.

ينبه تقرير “نايت فرانك” على احتمال وجود فائض من المساكن الفاخرة مستقبلاً، إذ من المتوقع تسليم أكثر من مليون وحدة سكنية جديدة في جميع أنحاء المملكة بحلول عام 2030، لكن من المرجح أن يتم تسعير معظم هذه الوحدات بأكثر من مليون دولار (نحو 3.7 مليون ريال)، ما يعني أن معظم الوحدات السكنية المخطط لها ستكون خارج نطاق القدرة الشرائية لمعظم الأسر. 

وأرجع دوراني هذا التخوف إلى أن هناك “فقط 4% من السكان يكسبون أكثر من 50 ألف ريال شهرياً، أي ما يعادل 166 ألف أسرة، فيما أظهرت أبحاثنا أن 40% من المشترين المحتملين لديهم سقف ميزانية يبلغ 1.5 مليون ريال”. مُرجحاً أن تستمر أسعار الفلل في الارتفاع، ولكن بوتيرة أقل حدة مما كانت عليه مؤخراً. ويعود هذا، برأيه، إلى سلسلة عوامل من بينها الفجوة بين الميزانيات والأسعار، والاقتراب من تحقيق مستهدف تملك العقارات السكنية بين المواطنين السعوديين بمعدل 70% بحلول 2030.

اقرأ أيضاً: بريق مشروعات السعودية الكبرى يخطف أنظار مشتري العقارات السكنية

تغير آخر قد يطرأ على العقارات السكنية المعروضة يشير إليه محمد عيتاني، الشريك ورئيس مبيعات وتسويق المشروعات السكنية في “نايت فرانك” الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ورئيس السوق السعودية، وهو اتجاه المطورين العقاريين لبناء ناطحات سحاب، وخاصةً في الرياض التي تشهد حالياً موجة بناء حوالي 100 برج سكني ومكتبي باستثمارات تبلغ 100 مليار ريال.

ويؤكد عيتاني على نمو في الطلب على العقارات الفاخرة ذات التصميم العصري، لاسيما في الرياض، وسط اهتمام متزايد من المستثمرين السعوديين والأجانب بالاستثمار فيها، مع التزايد المستهدف لعدد سكان العاصمة إلى 9.5 مليون عام 2030، إلى جانب استعداد المدينة لاستضافة معرض إكسبو 2030. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *