اخر الاخبار

أول مزاد لدار “سوذبيز” في السعودية يبيع قطعاً بـ17 مليون دولار

استضافت مدينة الدرعية التاريخية المبنية بالطين في السعودية ليلة السبت الماضي حدثاً فريداً، حيث اجتمع عشاق الفن وهواة الاقتناء الجدد وحاملو ألواح المزايدة لأول مرة للمشاركة في أول مزاد تنظمه دار “سوذبيز” في المملكة.

شأنه شأن الزائرين، تميز المزاد بتنوع معروضاته، إذ شملت ساعات فاخرة وحقائب يد نادرة ولوحات فنية ومجوهرات وأعمال تذكارية رياضية، وقد بيعت لصاحب أعلى عرض. كان الحظ حليف رجل الأعمال السعودي عمرو زيدان. 

اقتنص زيدان قطعتين مميزتين من بينهما لوحة بعنوان “سوسايتي وومان” (Society Woman) للرسام الكولومبي فرناندو بوتيرو مقابل مليون دولار. أوضح زيدان، وهو من الهواة الجدد لجمع الأعمال الفنية، أنه يخطط لضم القطعة إلى تشكيلة مقتنيات بدأها مع زوجته.

كانت لوحة “سوسايتي وومان” من بين أبرز القطع المعروضة في تلك الأمسية، إلى جانب عمل للفنان بانكسي، وقد بيع مقابل 1.2 مليون دولار. بشكل عام، شهد المزاد بيع 117 قطعة بإجمالي 17 مليون دولار، متماشياً مع التوقعات الأولية التي تراوحت بين 14 و20 مليون دولار.

اقرأ المزيد: مركز لفنون المستقبل والوسائط الجديدة في الدرعية

انطلاقة في السعودية

على الرغم من أن هذا الرقم ليس ضخماً مقارنةً بالمزادات الفنية الكبرى أو بحجم الإنفاق في السعودية، إلا أن دار “سوذبيز” كانت تهدف إلى انطلاقة ثابتة، وإن كانت محدودة في السعودية التي تسعى للحاق بجيرانها في المنطقة.

فقد رسخت الإمارات مكانتها في المشهد الفني منذ سنوات، حيث فتح متحف اللوفر أبوظبي أبوابه للزوار منذ 2017، بينما تعمل “سوذبيز” و”كريستيز” بالفعل في دبي. على الرغم من أن صناعة الفن السعودية لا تزال في طور النمو، إلا أن اقتصاد المملكة، وهو الأكبر في الشرق الأوسط، يشهد تحولات كبيرة، مع تشجيع الجيل الشاب على الانخراط في القطاعات الإبداعية لتعزيز النمو بعيداً عن النفط.

كانت الرهانات في هذا المزاد مرتفعة بالنسبة لـ”سوذبيز”. دار المزادات تسعى إلى توسيع عملياتها في أسواق جديدة وسط تباطؤ عالمي في سوق الفنون، في ظل المنافسة مع دار “كريستيز”. صرح الرئيس التنفيذي تشارلز ستيوارت بأن هذه خطوة لتعزيز تركيزها على الشرق الأوسط، باعت “سوذبيز” مؤخراً حصة أقلية لصندوق الثروة السيادي في أبوظبي، ما يتيح لها شراكة إقليمية استراتيجية.

يأتي تنظيم أول مزاد عالمي في السعودية ضمن هذه الاستراتيجية، حيث نوّه ستيوارت بأن “هذه مجرد بداية لعهد جديد من التوسع والتركيز”.

اهتمام كبير بـ”سوذبيز” بالسعودية

قبل انطلاق المزاد، أبدى الحاضرون والمزايدون المسجلون الذين تحدثوا إلى “بلومبرغ” اهتماماً كبيراً بمعرفة القطع التي ستلقى أكبر إقبال، مشيرين إلى أن الأسعار بدت أقل مقارنة بمزادات نيويورك وباريس.

قال علي مبارك، الذي يعمل في دار فنية محلية: “الزائرون يختبرون السوق، ومن الصعب التنبؤ بما يريده الناس في سوق جديدة كهذه”.

أُقيم المزاد في مكان مفتوح تحت أشجار النخيل المضاءة بألوان ذهبية وسط أجواء معطرة برائحة الهيل المنبعثة من القهوة العربية، وتوفرت فيه 250 مقعداً. وفقاً لـ”سوذبيز”، حضر المشاركون من 45 دولة، وكان نحو ثلث المشترين من السعودية، بينما كان أكثر من 30% من المزايدين تحت سن الأربعين، ما يعكس الاهتمام المتزايد بالفن في أوساط الشباب.

تم اختيار تشكيلة المزاد بعناية لتغطية نطاق واسع من الفنون والمقتنيات، وذلك لمنح “سوذبيز” فرصة لاختبار توجهات السوق الجديدة وعرض تنوع مزاداتها لجمهور غير معتاد على هذه الفعاليات، وفقاً لتصريحات ستيوارت.

كانت هبة العلي إحدى المشاركات التي أتت خصيصاً من خارج المملكة لحضور الحدث، حيث قطعت خمس ساعات بالسيارة من البحرين إلى الدرعية القريبة من العاصمة السعودية الرياض، للمزايدة لأول مرة بعد سنوات من متابعة المزادات عبر الإنترنت.

قالت العلي، التي خسرت المزايدة على لوحة بوتيرو، إحدى أبرز القطع في الأمسية: “حضرت الليلة لأعيش هذه التجربة أخيراً بشكل شخصي، من المهم بالنسبة لنا في العالم العربي أن نرى مثل هذا الحدث يُقام في السعودية”.

اقرأ أيضاً: مدير “سوذبيز”: الأعمال الرقمية في تصاعد صاروخي ونبحث عن فناني “NFT” في السعودية

منافسة بالفن المعاصر

كان الاهتمام الأكبر بالفن الحديث والمعاصر، بما في ذلك اللوحات الفنية والخزف والأعمال المستوحاة من الفن الإسلامي. شهدت اللوحة الافتتاحية، وهي عمل زيتي على القماش للفنانة اللبنانية الراحلة هوجيت كالان، واحدة من أكثر جولات المزايدة سخونة، حيث تنافس المزايدون عبر الهاتف وعبر الإنترنت ومن الحضور في القاعة، قبل أن تُباع في النهاية لأحد المزايدين عبر الهاتف.

حظيت أعمال أخرى بمنافسة قوية، من بينها عمل فني ورقي لبابلو بيكاسو، وقطعة تركيب ضوئي للفنان جيمس توريل. أما فيما يتعلق بالفن السعودي، فقد تصدرت المزاد لوحة للرسام محمد السليم، حيث بيعت مقابل 660 ألف دولار، أي ثلاثة أضعاف التقديرات الأولية.

مع تتابع الأمسية الفنية، وانتقال المزاد إلى الأعمال الفاخرة، بما في ذلك مقتنيات رياضية ارتداها كريستيانو رونالدو، أول نجم كرة قدم عالمي ينضم إلى دوري محلي سعودي، بدأ عدد الحضور في مزاد الدرعية ينخفض تدريجياً. واستمرت المزايدات عبر الإنترنت بوتيرة سريعة ومكثفة، في حين تراجع التفاعل المباشر داخل القاعة.

بيعت مقتنيات رونالدو التي شملت أربع قمصان وأحذية موقعة بخط يده، بإجمالي بلغ حوالي 151 ألف دولار. وفي فئة الفخامة، بيعت أقراط متدلية تحمل شعار العلامة التجارية “غراف” (Graff) مرصعة بألماس كمثري الشكل مقابل 780 ألف دولار.

أبرز المعروضات

قبل انطلاق البيع، كانت ثلاث قطع تحمل أعلى التقديرات بقيمة تتراوح بين مليون و1.5 مليون دولار، وهي منحوتة للفنان فرناندو بوتيرو، ولوحة لرينيه ماغريت، وساعة من “ريتشارد ميل”. في النهاية، بيعت لوحة بعنوان “حالة اليقظة” (L’État de veille) لماغريت، والموقعة في عام 1958، مقابل 1.2 مليون دولار، وهو السعر نفسه الذي حققه عمل بانكسي “التوافر المشروط” (Subject to Availability)، الذي ينتمي إلى سلسلة لوحات التعديل التي قام بها للأعمال الزيتية.

في حين أن منحوتة بوتيرو لم تكن الأبرز في المزاد، إلا أن لوحته “سوسايتي وومان” حظيت بتصفيق الحضور عندما فاز بها مزايد سعودي، بعد منافسة بين ثلاثة مزايدين، قبل أن يقتنصها رجل الأعمال السعودي عمرو زيدان، الذي وصفها بأنها “صفقة جيدة”. قال زيدان: “كنا في التوقيت والمكان المثاليين”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *