أول قيود من نوعها.. الصين تحظر على دول بيع منتجات إلى أميركا
تعتزم الصين تمديد نطاق قوانينها المحلية عبر الحدود الدولية من خلال فرض حظر على بيع عدد من السلع إلى الولايات المتحدة، والذي ينطبق على الشركات داخل البلاد وخارجها على حد سواء.
تطبيق قواعد قيود التصدير الجديدة لأول مرة يهدف إلى محاكاة تأثير العقوبات الأميركية والأوروبية خارج الحدود الإقليمية، عبر فرض قيود تشمل المنتجات الصينية أو البضائع التي تحتوي على مكونات صينية. وأعلنت الصين في بيان صدر هذا الأسبوع اعتزامها حظر بيع المنتجات مزدوجة الاستخدام إلى الجيش الأميركي، وتصدير مواد خام مثل الغاليوم والجرمانيوم إلى الولايات المتحدة كذلك.
وأشارت وزارة التجارة يوم الثلاثاء إلى أن هذه القيود ستسري على الشركات والأشخاص خارج البلاد، وأن “أي شركة أو شخص من أي دولة أو منطقة يخالف هذه القوانين وينقل أو يورد المنتجات مزدوجة الاستخدام المذكورة التي يعود منشؤها إلى جمهورية الصين الشعبية لشركات أو أفراد في الولايات المتحدة سيحاسب بمقتضى القانون”.
أول قيود صينية من نوعها
يمثل هذا القرار المرة الأولى التي تفرض فيها الصين قيوداً جديدة تشمل المنتجات ذات الاستخدام المدني والعسكري في نفس الوقت، ودخلت القواعد حيز التنفيذ الأحد الماضي، وتتيح إمكانية تقديم طلبات السماح بالتصدير، على غرار لوائح إدارة التصدير الأميركية، بحسب تقرير أصدرته شركة المحاماة “كوفينغتون آند بورلينغ” (Covington & Burling)، الذي أشار إلى “قلة التفاصيل” عن موعد سريان هذه القواعد خارج الحدود الإقليمية.
يرقى الإجراء الأول من نوعه إلى درجة التصعيد مع الولايات المتحدة قبل أسابيع من تولي الرئيس المنتخب دونالد ترمب منصبه رسمياً، فالصين هي أكبر دولة موردة في العالم لعشرات المعادن الحيوية، وقد تزايدت المخاوف في واشنطن من هذه الهيمنة منذ فرضت بكين قيوداً أولية على صادرات الغاليوم والجرمانيوم العام الماضي.
قال كوري كومبس، المدير المساعد في شركة البحوث “تريفيوم تشاينا” (Trivium China): “لا أعرف أي حالة مشابهة في ظل النظام التنظيمي الحالي. بالنسبة للشركات، فإن تطبيق هذه القيود خارج الحدود الإقليمية يعني أن عليها ألا تعول على أي ثغرات للحفاظ على تدفق الإمدادات. بصيغة أوضح؛ على الشركات التي تستخدم عناصر الإنتاج المتأثرة بالقيود إيجاد إمدادات بديلة في أقرب ما يمكن”.
وأضاف أن القواعد الجديدة تستند إلى صيغة سابقة وردت في قانون تقييد التصدير لعام 2020، الذي نص أيضاً على سريان القانون على الأفراد أو المؤسسات داخل الصين أو خارجها.
مقاومة الصين لعقوبات أميركا
عززت الحكومة الصينية خلال السنوات الماضية أدواتها لمجابهة العقوبات والقيود التجارية الأميركية، فأنشأت “قائمة الكيانات غير الموثوقة” وأصدرت “قانون مراقبة التصدير” في 2020، وبعدها قانون “التصدي للعقوبات الأجنبية” في 2021. كما أصدرت قانون الأمن القومي لهونغ كونغ الذي رسخ سلطتها القضائية على الجرائم المرتكبة خارج الأراضي الصينية.
ورغم أن الصياغات الجديدة في القواعد تثير القلق، يشير كومبس قائلاً: “لم نر حتى الآن إجماع آراء واضحاً حول الحد الأقصى الذي قد تلجأ له بكين في التعامل مع دول ثالثة، سواء من جهة التحقيق أو العقوبات، يُشتبه في قيامها بإعادة تصدير المنتجات المحظورة”.
واستطرد أن “الصياغات الجديدة للقواعد تسعى بشكل أساسي لسد الثغرات المحتملة أمام الشركات المحلية في محاولة إعادة توجيه الصادرات، مقارنة بالسعي للتوصل إلى وسيلة جديدة لمعاقبة الدول الثالثة”.
رأي “بلومبرغ إيكونوميكس”:
“يُرجح ألا تتمكن قيود التصدير الجديدة التي فرضتها بكين من مضاهاة واشنطن من حيث الرقابة والامتثال والتنفيذ على المستوى الدولي، فبيان بكين يهدد بشكل مبهم الدول التي تساعد الولايات المتحدة في الالتفاف على القيود”.
جيرارد ديبيبو، ميفا كوزين، نيكول غورتون كاراتيللي
مع ذلك، يبدو أن الصين قد بدأت في استخدام قائمة الكيانات غير الموثوقة للنظر في الإجراءات المتخذة خارج الصين، في ظل تحقيق الحكومة في أمر الشركة المالكة لعلامتي “تومي هيلفيغر” و”كلفن كلاين” التجاريتين للملابس بشبهة مقاطعة القطن المنتج في إقليم شينجيانغ.
وفي حالة إثبات التمييز في حق المنتجات المرتبطة بشينجيانغ، قد تتعرض الشركة لعقوبات متنوعة، من بينها منع مزاولة النشاط في الصين.
ورداً على الانتقادات الأميركية لتقييد الصين صادرات الغاليوم والمواد الخام الأخرى، دافع المتحدث باسم وزارة الخارجية، هي يادونغ، عن الإجراءات التي اتخذتها بلاده، متذرعاً بأن “الولايات المتحدة هي التي أساءت استخدام إجراءات تقييد الصادرات”، واتهم الولايات المتحدة بممارسة “الإكراه الاقتصادي الذي أضر بشدة باستقرار سلسلة التوريد العالمية”. كما أكد هذا الأسبوع أن “إجراءات الصين تتوافق مع القانون المحلي وتهدف إلى حماية أمن البلاد ومصالحها”.
وانخفضت صادرات الغاليوم والجرمانيوم إلى الولايات المتحدة إلى قرب الصفر هذا العام، وفق بيانات الجمارك الصينية.