أوروبا تسعى لبناء جسور مع سوريا وتقليص نفوذ بوتين
كثف الاتحاد الأوروبي مساعيه لبناء العلاقات مع قادة سوريا الجدد، وإقناعهم بالحد من نفوذ روسيا في الدولة التي أنهكتها الحرب، وذلك من خلال زيارة لوزيري خارجية ألمانيا وفرنسا إلى دمشق.
تعقد وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، ونظيرها الفرنسي، جان نويل بارو، يوم الجمعة محادثات مع أحمد الشرع القائد بحكم الأمر الواقع للبلاد. وهذه أرفع زيارة يقوم بها مسؤولون أوروبيون إلى سوريا منذ أن أطاحت “هيئة تحرير الشام” التي يقودها الشرع بنظام بشار الأسد الشهر الماضي.
وقالت بيربوك إن الاتحاد الأوروبي يريد مساعدة سوريا في تحقيق “انتقال سلمي للسلطة شامل للجميع” وكذلك المساهمة في جهود إعادة الإعمار، لكنها أقرت في الوقت نفسه بأن “الطريق سيكون مليئاً بالصعاب”.
لم تسيطر هيئة تحرير الشام بعد على كامل الأراضي السورية، وربما تمر سنوات قبل أن تستقر البلاد بما يكفي لإجراء انتخابات. علاوة على ذلك، لا يزال القلق يساور الكثير من السوريين والدول الغربية إزاء الجماعة التي كانت تابعة لتنظيم القاعدة حتى 2016.
بداية جديدة في سوريا
تقول هيئة تحرير الشام إنها تحولت إلى منهج معتدل وإن الجميع سيلقى معاملة عادلة تحت حكمها. من جهتها، ألغت الولايات المتحدة مكافأة قدرها 10 ملايين دولار كانت قد رصدتها لاعتقال الشرع، وأرسلت مسؤولين لمقابلته الشهر الماضي لكنها لا تزال تصنف الهيئة كمنظمة إرهابية وكذلك يفعل الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة.
“لا يمكن أن تكون هناك بداية جديدة إلا إذا أتاح المجتمع السوري الجديد لجميع المواطنين، نساءً ورجالاً، وبغض النظر عن انتماءاتهم العرقية أو الدينية، مكاناً في العملية السياسية، ومنحهم حقوقهم وتقديم الحماية لهم” وفقاً لما ذكرته بيربوك في بيان مُرسل بالبريد الإلكتروني قبل الزيارة.
العلاقة مع “هيئة تحرير الشام” لها أهمية إضافية بالنسبة لبرلين التي تريد عودة جزء من السوريين الذين هاجروا لألمانيا هرباً من نظام الأسد إلى بلادهم، ويبلغ عددهم حوالي مليون شخص.
منذ الإطاحة بالأسد، الديكتاتور الذي حكم سوريا لفترة طويلة واشتهرت حكومته بالتعذيب وانتهاكات أخرى، سعت هيئة تحرير الشام لطمأنة غير المسلمين على حقوقهم وحرياتهم.
وقالت بيربوك: “نعرف أيديولوجية هيئة تحرير الشام وما فعلته في الماضي، لكن رغم كل الشكوك، علينا ألا نفوت فرصة دعم الشعب السوري في هذا المفترق المهم”.
الحد من النفوذ الروسي
كما دعت الوزيرة روسيا للتخلي عن وجودها العسكري في سوريا. ويحتفظ الكرملين بمنشأتين رئيسيتين في البلاد؛ قاعدة بحرية في طرطوس على ساحل البحر المتوسط، وأخرى جوية بالقرب منها في بلدة حميميم.
كانت “بلومبرغ” أفادت بوجود محادثات بين موسكو و”هيئة تحرير الشام” للسماح ببقاء القوات الروسية. ومن شأن خروج القوات أن يشكل ضربة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي كان حليفاً رئيسياً للأسد، إذ سيقلص نفوذه في الشرق الأوسط ويُصعِّب على موسكو إدارة عملياتها العسكرية في أفريقيا.
واتهمت بيربوك، التي قالت إنها وبارو يزوران سوريا نيابة عن الاتحاد الأوروبي بأكمله، بوتين بالتغطية على جرائم نظام الأسد خلال الحرب الأهلية السورية.
وأضافت أن “الشعب السوري لن ينسى القصف وانتهاكات حقوق الإنسان الهائلين… وأن ألمانيا وشركاءها الدوليين ملتزمون أيضاً بضمان عدم تعطيل العملية الداخلية في سوريا (بتدخل) من الخارج”.
تتطلع أوكرانيا هي الأخرى لبناء علاقات مع سوريا وقال الرئيس فولوديمير زيلينسكي يوم الخميس إنه يريد إعادة العلاقات الدبلوماسية، المقطوعة منذ 2022 بعدما أيد الأسد الغزو الروسي لأوكرانيا.