اخر الاخبار

أميركا تدرس تفكيك “غوغل” في خطوة نادرة لمكافحة الاحتكار

تدرس وزارة العدل الأميركية خياراً نادراً يتمثل في تفكيك شركة “غوغل” التابعة لـ”ألفابت”، بعد حكم تاريخي صادر عن المحكمة قضى بأن الشركة احتكرت سوق البحث عبر الإنترنت، وفق أشخاص مطلعين على المناقشات.

ستكون هذه الخطوة أول محاولات واشنطن لتفكيك شركة بسبب احتكارها غير القانوني منذ الجهود التي لم تُكلل بالنجاح لتفكيك “مايكروسوفت” قبل عقدين. تشمل الخيارات الأقل صرامة إجبار “غوغل” على مشاركة مزيد من البيانات مع المنافسين، واتخاذ تدابير لمنعها من تحقيق ميزة غير عادلة في منتجات الذكاء الاصطناعي، بحسب الأشخاص الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم عند مناقشة المداولات الخاصة.

رغم ذلك، يرجح أن تسعى الحكومة إلى فرض حظر على نوع العقود الحصرية التي كانت صميم قضيتها ضد “غوغل”. وإذا مضت وزارة العدل قُدُماً في خطة التفكيك، فإن نظام التشغيل “أندرويد” ومتصفح الويب “كروم” سيكونان الوحدتان اللتان يُحتمل تصفيتهما بشكل أكثر، وفقاً للأشخاص. كما يدرس المسؤولون محاولة فرض بيع محتمل لمنصة “آد ووردز” (AdWords)، وهي منصة تستخدمها الشركة لبيع الإعلانات النصية.

المرحلة الثانية من القضية

تزايدت مناقشات وزارة العدل بعد صدور حكم القاضي أميت ميهتا في الخامس من أغسطس، والذي قضى بأن “غوغل” احتكرت بشكل غير قانوني أسواق البحث عبر الإنترنت والإعلانات النصية على شبكة البحث. وقد صرحت “غوغل” بأنها ستستأنف هذا القرار، لكن ميهتا أمر كلا الجانبين ببدء التخطيط للمرحلة الثانية من القضية، والتي ستشمل مقترحات الحكومة لاستعادة المنافسة، بما فيها طلب التفكيك المحتمل.

انخفضت أسهم “ألفابت” بنسبة 2.5% لتصل إلى 160.11 دولار في تداولات بعد إغلاق السوق قبل أن تعوض بعض الخسائر.

رفض متحدث باسم “غوغل” التعليق على هذه الحلول. كما رفضت متحدثة باسم وزارة العدل التعليق.

ستحتاج خطة الولايات المتحدة إلى موافقة القاضي ميهتا، الذي سيوجه الشركة للامتثال. وسيكون تفكيك “غوغل” القسري الأكبر لشركة أميركية منذ تفكيك “إيه تي آند تي” (AT&T) في ثمانينات القرن الماضي.

أعرب محامون في وزارة العدل، الذين يعملون بالتشاور مع الشركات المتضررة من ممارسات “غوغل”، عن قلقهم بشأن مناقشاتهم بأن هيمنة الشركة في مجال البحث تمنحها مزايا في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، بحسب الأشخاص المطلعين. كجزء من التصحيح، ربما تسعى الحكومة إلى منع الشركة من إجبار المواقع الإلكترونية على السماح باستخدام محتواها في بعض منتجات الذكاء الاصطناعي التابعة لـ”غوغل” للظهور في نتائج البحث.

اتفاقيات إلزامية تحجب المنافسين

يعتبر بيع نظام التشغيل “أندرويد”، المستخدم على حوالي 2.5 مليار جهاز حول العالم، أحد الحلول التي ناقشها محامو وزارة العدل بشكل متكرر، بحسب الأشخاص المطلعين. ووجد ميهتا أثناء اتخاذ قراره أن “غوغل” تُلزم صانعي الأجهزة بتوقيع اتفاقيات للحصول على تطبيقاتها مثل “جي ميل” (Gmail) و”غوغل بلاي ستور” (Google Play Store).

ووجد أن هذه الاتفاقيات تتطلب أيضاً تثبيت محرك البحث التابع لـ”غوغل” ومتصفح “كروم” على الأجهزة بطريقة لا يمكن حذفها، مما يمنع فعلياً محركات البحث الأخرى من المنافسة.

يأتي قرار ميهتا بعد حكم صدر عن هيئة محلفين في كاليفورنيا في ديسمبر، والذي قضي بأن الشركة احتكرت توزيع تطبيقات “أندرويد”، لكنه لم يقرر بعد التدابير الصحيحة التي ينبغي اتخاذها. وقدمت لجنة التجارة الفيدرالية، التي تنفذ قوانين مكافحة الاحتكار أيضاً، مذكرة بشأن القضية هذا الأسبوع، وقالت في بيان إن “غوغل” لا ينبغي أن يُسمح لها “بجني ثمار الاحتكار غير القانوني”.

دفعت “غوغل” 26 مليار دولار للشركات لجعل محرك البحث الخاص بها هو الافتراضي على الأجهزة وفي متصفحات الويب، علماً بأن شركة “أبل” حصلت على 20 مليار دولار من هذا المبلغ.

احتكار الإعلانات

ووجد ميهتا أيضاً أن “غوغل” احتكرت الإعلانات التي تظهر أعلى صفحة نتائج البحث لجذب المستخدمين إلى المواقع الإلكترونية، والتي تُعرف باسم الإعلانات النصية. وتُباع هذه الإعلانات عبر “غوغل آدز”، التي أعيدت تسميتها من “آد ووردز” خلال 2018، وتوفر للمسوقين وسيلة لإدارة إعلانات مقابل كلمات بحث معينة تتعلق بأعمالهم. يأتي حوالي ثلثي إجمالي إيرادات “غوغل” من إعلانات البحث، والتي تجاوزت 100 مليار دولار في 2020، وفقاً لشهادة محاكمة خلال العام الماضي.

إذا لم تطالب وزارة العدل ببيع “آد ووردز”، فقد تطلب شروطاً تشغيلية تجعلها تعمل بسلاسة على محركات البحث الأخرى، بحسب المطلعين.

الوصول إلى البيانات

ربما يتطلب خيار آخر أن تتخلى “غوغل” عن بياناتها أو ترخيصها للمنافسين مثل محرك البحث “بينغ” (Bing) من “مايكروسوفت” أو “دك دك غو” (DuckDuckGo). وقد خلص حكم ميهتا إلى أن عقود “غوغل” لا تضمن فحسب حصول محرك بحثها على أكبر قدر من بيانات المستخدمين، أي ما يتجاوز 16 مرة مقارنة بأقرب منافس لها، بل إن تدفق البيانات يمنع أيضاً منافسيها من تحسين نتائج بحثهم والمنافسة الفعالة.

فرضت القوانين الرقمية الجديدة التي أقرتها أوروبا مؤخراً متطلبات مماثلة تقضي بأن تتيح “غوغل” بعض بياناتها لمحركات البحث التابعة للجهات الخارجية. وأعلنت الشركة أن مشاركة البيانات قد تثير مخاوف بشأن خصوصية المستخدمين، لذا فإنها توفر فقط المعلومات المتعلقة بالبحث التي تفي بمعايير معينة.

كان إلزام المحتكرين بالسماح للمنافسين بالوصول إلى التكنولوجيا يشكل حلاً في قضايا سابقة. ففي القضية الأولى لوزارة العدل ضد “إيه تي آند تي” خلال عام 1956، طُلب من الشركة توفير تراخيص بدون رسوم لبراءات الاختراع الخاصة بها.

وفي قضية مكافحة الاحتكار ضد “مايكروسوفت”، ألزمت التسوية عملاق التكنولوجيا في ريدموند بواشنطن بتوفير بعض ما يُعرف بواجهات برمجة التطبيقات الخاصة بها لأطراف ثالثة مجاناً. وتُستخدم واجهات برمجة التطبيقات لضمان قدرة برامج الكمبيوتر على التواصل وتبادل البيانات مع بعضها البعض بشكل فعال.

منتجات الذكاء الاصطناعي

لسنوات، سمحت المواقع الإلكترونية لمتتبع الويب الخاص بشركة “غوغل” بالوصول إلى محتواها لضمان ظهورها في نتائج بحث الشركة. لكن في الآونة الأخيرة، استُخدمت بعض هذه البيانات لمساعدة “غوغل” في تطوير الذكاء الاصطناعي.

في الخريف الماضي، أنشأت “غوغل” أداة للسماح للمواقع الإلكترونية بحجب جمع البيانات للذكاء الاصطناعي بعد شكاوى من الشركات، لكن هذا الخيار لا ينطبق على كل شيء. ففي مايو، أعلنت “غوغل” أن بعض عمليات البحث ستتضمن “ملخصات ذكاء اصطناعي”، وهي ردود سردية تعفي الناس من النقر على الروابط المختلفة. وتظهر اللوحة العاملة بالذكاء الاصطناعي أسفل الاستعلامات، وتعرض معلومات موجزة مأخوذة من نتائج بحث “غوغل” عبر الويب.

لا تسمح “غوغل” للناشرين عبر المواقع الإلكترونية برفض الظهور ضمن ملخصات الذكاء الاصطناعي، حيث تعتبر هذه ميزة من ميزات البحث وليست منتجاً منفصلاً. ويمكن للمواقع الإلكترونية حجب استخدام “غوغل” للمقتطفات، لكن ذلك ينطبق على كل من البحث وملخصات الذكاء الاصطناعي.

رغم أن ميزة ملخصات الذكاء الاصطناعي تظهر فقط ضمن جزء بسيط من عمليات البحث، كان إطلاق هذه الميزة متعثراً بعد أن قدمت بعض المقتطفات اقتراحات محبطة، مثل نصح الناس بتناول الحجارة أو وضع الغراء على البيتزا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *