اخر الاخبار

“أميركا أولاً” تدفع الشركات الناشئة في أفريقيا للبحث عن داعمين جدد

كانت شركة “أوكو فاينانس” (Oko Finance)، وهي شركة ناشئة مدعومة من بنك “مورغان ستانلي” وتوفر تأميناً ضد الكوارث للمزارعين في أفريقيا، على وشك أن تتحول إلى الربحية خلال العام الجاري، إلى أن أدت تخفيضات التمويل التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإقصاء أكبر عملائها.

كانت “الوكالة الأميركية للتنمية الدولية” تُمثل ما يقرب من 75% من إيرادات “أوكو فاينانس”. وفقاً للرئيس التنفيذي سيمون شوال، فإن قرار ترمب بخفض معظم التمويل الخارجي أجبر الشركة على الاستغناء عن 126 عاملاً بعقود مؤقتة في مالي، وتقليص عدد الموظفين العاملين على مشاريع للوكالة.

تمويل الولايات المتحدة يتبخر

في مكان آخر، تبخرت منحة بقيمة 1.5 مليون دولار كانت مخصصة لشركة “باسيغو” (BasiGo) الكينية المتخصصة في الحافلات الكهربائية، إذ لم تتمكن من الحصول سوى على ربع هذا المبلغ لمشروعها في رواندا.

هذا الاضطراب أثار قلق المستثمرين، لا سيما أن الشركات الناشئة في أفريقيا لطالما اعتمدت على دعم أكبر من الوكالة الأميركية مقارنة بنظيراتها في مناطق أخرى. كما أن رأس المال الجرئ الأميركي لعب دوراً مهيمناً حيث كان، أكثر من ثُلث التمويل الذي تلقته 39 شركة ناشئة شملها استطلاع رأي أجرته “بلومبرغ” مصدره الولايات المتحدة الأميركية، وذلك قبل تنصيب ترمب.

مع غياب اليقين بشأن هذا المسار التمويلي، يسعى المؤسسون الآن إلى تنويع قاعدة المستثمرين لديهم، متوجهين إلى مديري الأصول في الشرق الأوسط وأوروبا والصين ومختلف أنحاء أفريقيا.

قال ديفيد سوندرز، مدير في شركة الأبحاث “بريتر بريدجز” (Briter Bridges): منطقة الخليج العربي وآسيا يبدوان الآن منطقتين مثيرتين للاهتمام”. وتابع أن العديد من صناديق رأس المال الجريء يتجهون إلى هناك لمحاولة تعويض الدور الذي كانت تلعبه الولايات المتحدة الأميركية.

سد الفجوة الاستثمارية

على سبيل المثال، تسعى “أوكو فاينانس” حالياً لجمع تمويل بقيمة 500 ألف دولار لتعويض الفجوة التي خلفها انسحاب الوكالة الأميركية، دون وجود مستثمر أميركي واحد في هذه الجولة التمويلية الأخيرة.

رغم هذه التحديات، فإن بروز المستثمرين الأفارقة يُعد بمثابة نقطة مضيئة وسط المشهد القاتم. بينما شكل المستثمرون الأميركيون نحو 34% من العينة التي شملها استطلاع “بلومبرغ”، شكل مديرو الصناديق في أفريقيا ما يقارب 46%.

قالت آبي مصطفى مادواكور، الرئيسة التنفيذية لـ”رابطة رؤوس الأموال الخاصة الأفريقية” إن تشكيلة المستثمرين تغيرت خلال السنوات الأخيرة، حيث كانت 80% من الاستثمارات تأتي من خارج القارة، أما الآن فأصبحت النسبة 60% فقط. أضافت: “بالتأكيد هذه فرصة للنظر في حشد رؤوس الأموال المحلية في أفريقيا، أو فرصة لتعويض فجوة التمويل من خلال مصادر محلية”.

رغم ذلك، قال مولاي تابوري، الشريك المؤسس لشركة “أنكا” (Anka) للتجارة الإلكترونية في ساحل العاج والمدعومة من مؤسسة تابعة لجو تساي، رئيس مجلس إدارة “مجموعة علي بابا القابضة”، إن اختفاء دعم الوكالة الأميركية “أحدث هزة في المنظومة. أضاف: “لم نر بعد كل الآثار المترتبة على ذلك، وسنفقد أيضاً بعض العملاء”.

تراجع التمويل لدول أفريقيا

كانت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية تقدم منحاً وتستثمر في شركات ناشئة تركز على الزراعة والصحة والتصنيع الزراعي وقطاع الضيافة في أفريقيا. انتهى تمويل بنحو مليار دولار كان مخصصاً لشركات في 6 دول إفريقية، بحسب ما أفاد تقرير نشره موقع “بيزنس إنسايدر أفريقيا” الشهر الماضي. كما خفضت مبادرة “الاستثمار في الابتكار في أفريقيا” المدعومة من مؤسسة “غيتس” عدد الشركات الناشئة التي كانت تعتزم دعمها إلى أقل من النصف.

ومن الجدير بالذكر أن تمويل الشركات الناشئة في أفريقيا كان يتراجع حتى قبل تولي ترمب منصبه. انخفضت تمويلات رأس المال الجريء المخصص للشركات الناشئة 22% خلال 2024 لتصل إلى 3.6 مليار دولار، بعد أن سجلت رقماً قياسياً خلال 2022، وفقاً لرابطة رؤوس الأموال الخاصة الأفريقية. قد يستغرق العثور على مستثمرين جدد وقتاً.

أضح أووسو أكوتو، مؤسس شركة “فريز لينك” (FreezeLink) الغانية الناشئة التي تقدم حلولاً لسلسلة التبريد: “من الطبيعي أن نشهد مشاركة أكبر من المستثمرين في الشرق الأوسط”. وأضاف “لكن العلاقات يجب أن تُبنى أولاً قبل أن تأتي الاستثمارات. نحن في فريز لينك لا نملك علاقات مع مستثمرين في الشرق الأوسط أو الصين”.

تنويع مصادر الاستثمار

ويُعد إيجاد مجموعة متنوعة من المستثمرين أمراً حيوياً للنمو الاقتصادي وإيجاد فرص العمل في القارة، إذ أسهمت الشركات الناشئة الأفريقية في سد فجوات البنية التحتية، مثل تسهيل الوصول إلى أنظمة الدفع في المناطق النائية وجذب الاستثمارات وخلق الوظائف.

شمل استطلاع رأي “بلومبرغ” 147 شركة ناشئة في أفريقيا، توظف نحو 5 آلاف شخص، قبل تنصيب ترمب رئيساً للولايات المتحدة. أفادت هذه الشركات بأنها تسعى لجمع تمويل بقيمة إجمالية تبلغ نحو 270 مليون دولار.

ذكر سوندرز من “بريتر بريدجز”: “بالنسبة للشركات الناشئة الأفريقية، فأنت عادة تستثمر في شركة توفر وصولاً للطاقة بطرق جديدة، أو الخدمات المالية أو الأسواق. لا يتعلق الأمر بالاستثمار في شركات التواصل الاجتماعي، بل بتعزيز الوصول إلى الخدمات، وبتكلفة أقل للمستخدمين، وبالتالي يكون التأثير واضحاً”.

من شأن تعزيز قدرة المستثمرين داخل القارة على تمويل هذه الشركات أن يساعد في دعم شركات مثل “أوكو فاينانس”، التي تستهدف الآن تحقيق الربحية بحلول 2027، وتخطط لجولة تمويل من الفئة (أ) بقيمة تقارب 5 ملايين دولار. كما أنها تغير استراتيجيتها لتقليل الاعتماد على المشاريع الحكومية، وتركز بدلاً من ذلك على العمل مع القطاع الخاص.

التأمين على المزراعين

قال شوال إن “أوكو فاينانس” تعمل مع شركات مثل “هاينكن” (Heineken) لتوفير التأمين للمزارعين الذين تتعاون معهم الشركة. 

اختتم: “عندما يكون التأمين مدمجاً في نماذج التمويل، يصبح نموذج العمل أكثر أماناً بالنسبة لنا، لأنه لا يعتمد على السياسة أو التمويل المقدم من المانحين”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *