أغرب 11 استثماراً في 2024: ازدهار وانهيار ومكاسب استثنائية 2900%
جنون المضاربة بين المستثمرين الأفراد، والاضطرابات المستمرة بسبب الذكاء الاصطناعي، وارتفاع العملات المشفرة الاستثنائي الذي لا يصدقه العقل.
في عام مليء بالصدمات والمفاجآت، أتاحت الأسواق العالمية للمستثمرين فرصاً للانتعاش وتحقيق الأرباح، أو للخسائر والفشل، بالدرجة نفسها. انتعشت التعاملات الممولة بالقروض بقوة في أغسطس لفترة وجيزة. وأتى رهان وول ستريت الكبير على دونالد ترمب بثماره. وتلقت صناديق التحوط ذات الاستراتيجيات المعقدة عدة ضربات. وأثبت المستثمرون الذين اعتمدوا على استراتيجيات بسيطة، في النقد أو أسهم التكنولوجيا، أنهم أذكياء.
مع اقتراب عام التداول من نهايته، تسلط “بلومبرغ” الضوء على التقلبات اللافتة للنظر، كما يرويها المراسلون من كافة الأسواق العالمية.
العملات المشفرة: إلى عنان السماء
كان 2024 هو العام الذي ساعدت فيه وول ستريت، والرئيس القادم إلى البيت الأبيض، على إنشاء منظومة استثمارية مزدهرة للعملات المشفرة أذهلت عالم التمويل التقليدي.
في حين حققت “بتكوين” بالفعل عودة ملحوظة في عام 2023، إلا أن موافقة الولايات المتحدة خلال يناير على الصناديق المتداولة في البورصة لأكبر عملة مشفرة في العالم كانت بمثابة حافز إضافي لتحقيق المكاسب. لكن فوز دونالد ترمب في نوفمبر هو الذي دفع السوق إلى الارتفاع، ما أدى إلى صعودها بشكل قياسي، وشهد اختراق العملة المشفرة لمستوى 100 ألف دولار. وخلال ذلك، صخ المستثمرون أكثر من 100 مليار دولار في صناديق الاستثمار المتداولة، ما مهد الطريق لأدوات الاستثمار المماثلة المرتبطة بالعملات المشفرة. في المقابل، انفجر النشاط في عملات الميم، والتي غالباً ما يتم تداولها مقابل جزء من السنت.
ترمب، الذي كان متشككاً في “بتكوين” قبل ذلك، وتحول إلى نصير لها (ورائد أعمال في مجال التمويل اللامركزي)، شجع مجتمع الأصول الرقمية بوعود بوقف حملة الولايات المتحدة على العملات المشفرة في عهد الرئيس جو بايدن، وجعل أميركا مركزاً لهذا النشاط. في الأسابيع التي تلت الانتخابات، أعلن عن منصب القيصر الجديد للذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة، وعيّن بول أتكينز المؤيد لهذا القطاع محل غاري غينسلر عدو العملات المشفرة لرئاسة هيئة الأوراق المالية والبورصات.
واحدة من أشهر التعاملات وأكثرها إثارة للجدل خلال الارتفاع الأخير هي الرهان على تقلب أسهم شركة “مايكروستراتيجي” لتكديس العملات بيتكوين، حيث راكم المؤسس المشارك ورئيس مجلس الإدارة مايكل سايلور حيازتها من العملة المشفرة، التي بلغت قيمتها الآن أكثر من 40 مليار دولار، من خلال مزيج من مبيعات الأسهم بسعر السوق وطرح السندات القابلة للتحويل.
أدى ارتفاع سهم الشركة بأكثر من خمسة أضعاف العام الماضي إلى زيادة الطلب من المستثمرين عليه. وفي الوقت نفسه، كانت صناديق التحوط تُقبل على شراء السندات التي تغذي الرهانات المربحة التي تستغل التقلب الشديد للأصل الأساسي.
في هذه الأثناء، يمكن لسايلور، الذي بدت استراتيجيته لشراء “بتكوين” لأربع سنوات متعصبة بالنسبة لمجتمع قطاع التمويل التقليدي، أن يحظى ببعض الإقرار بصحة موقفه، على الأقل في الوقت الحالي.
الصناديق المتداولة بالبورصة: جموح المضاربة
في العام الذي شهدت فيه الأسهم الأميركية والعملات المشفرة ارتفاعاً حاداً، وأدت إلى اشتعال الإقبال على المخاطرة، كانت الصناديق المتداولة في البورصة هي الاستثمار اليومي الذي يلجأ إليه المستثمرون. استغلت وول ستريت رغبة الجمهور في رهانات المضاربة، وأطلقت جميع أنواع الرهانات التي تعتمد على المشتقات، بدءاً من صناديق المؤشرات المتداولة التي صُممت لتحقيق ضعف عائد بتكوين من المنتجات المدرة للدخل التي تبيع على المكشوف أكبر الأسهم في الشركات الأميركية. وبالنسبة لأولئك الذين يقفون على الجانب الآخر من طيف المخاطرة، هناك الآن صناديق أسواق النقد المتداولة في البورصة.
ازدهر التداول في المنتجات التي تسمح للمستثمرين بتكثيف الرهانات على الأسهم الأكثر شعبية في العالم، حيث ضخ المستثمرون أموالاً قياسية تجاوزت 6.5 مليار دولار في “صناديق السهم الواحد المتداولة في البورصة”، وهي أدوات استثمار تتتبع شركة واحدة فقط ولكنها تستخدم المشتقات لتكثيف الرهانات الصعودية أو الهبوطية. كان الفائز الرئيسي في هذه الفئة هو صندوق من شركة “غرانيت شيرز” (GraniteShares) يحقق ضعف العوائد القوية اليومية لشركة “إنفيديا” في السوق. وشهد هذا الصندوق، الذي يتم تداوله تحت الرمز “NVDL”، ارتفاع قيمة الأصول إلى ذروة بلغت 6.7 مليار دولار في أواخر نوفمبر، مع عوائد تجاوزت 350% هذا العام. سجلت الصناديق التي تتتبع أسهم “مايكروستراتيجي” و”تسلا” و”كوين بيس غلوبال” مسارات مماثلة.
سجل 2024 أيضاً رقماً قياسياً في تدفق الأموال إلى الصناديق المتداولة في البورصة في الولايات المتحدة؛ حيث أعطى فوز ترمب بالرئاسة الأميركية حافزاً إضافياً للمستثمرين الذين تشجعوا بالفعل لمضاعفة استثماراتهم. وفي حين استحوذت الصناديق التي تتتبع مؤشر “إس آند بي 500” على معظم التدفقات، فإن أحد أبرز الوافدين الجدد للعام الماضي، وهو صندوق “بتكوين” المتداول (Bitcoin ETF) التابع لشركة “بلاك روك” كان أيضاً واحداً من أبرز الصناديق الناجحة، حيث جاء في الترتيب الثالث بين أكثر الصناديق جذباً للاستثمارات في 2024.
الأسهم: دروس قاسية لأصحاب استراتيجية توقيت السوق
ربما حقق المستثمرون أرباحاً كبيرة وسريعة بسهولة على هامش المضاربة في سوق الاستثمار، ولكن الأمر كان بمثابة صراع حقيقي في عالم الأسهم ذات رؤوس الأموال الكبيرة الأكثر شيوعاً. يعود ذلك إلى استراتيجية التوقيت الحرج في السوق. فقد اشترى المستثمرون الأفراد ما يُسمى بأسهم “الميم” بكثافة في النصف الأول من العام، لكنهم ما لبثوا أن وجدوا الشركات التي كانت مثيرة ومتألقة تتخلف عن السوق الأوسع نطاقاً بعد ارتفاعها دون مبرر واضح أو منطقي.
في النصف الثاني، تخلى صغار المستثمرين عن أسهم الشركات المالية بشكل جماعي، فقط لكي تلتحق هذه المجموعة بموجة “تجارة ترمب” وتصبح أكبر الرابحين في مؤشر “إس آند بي 500” بين شهري يوليو ونوفمبر. ومثل العديد من المستثمرين خلال فترة الانهيار القصير للسوق في أغسطس، باع جمهور المستثمرين الأفراد بذعر بعضاً من أنشط أصولهم، بما في ذلك سهمي “إنفيديا” و”تسلا”، وكل ذلك عند أدنى المستويات. تبيّن أن ذلك كان خطأ كبيراً. فعلى سبيل المثال، تضاعفت قيمة أسهم شركة إيلون ماسك لصناعة السيارات الكهربائية تقريباً منذ ذلك الحين.
أدت مثل هذه المواقف الاستثمارية الخاطئة إلى خفض مكاسب مجموعة المستثمرين الأفراد العام الماضي إلى 9.8% فقط، وفقاً لإيما وو، خبيرة التحليل الكمي والمشتقات في “جيه بي مورغان” وزملائها. وهذا ثاني أضعف أداء لهم في الأعوام التي سجل فيها المؤشر عائداً إيجابياً منذ عام 2015.
لكن الأمر لا يقتصر فقط على ما يُسمى بالأموال التي تُستثمر بشكل عشوائي. فحتى في ظل مناخ مهيأ لانتقاء الأسهم، تفاجأ محترفو صناديق الاستثمار، الذين يكسبون عيشهم من انتقاء الأوراق المالية. مع ارتفاع مؤشر “إس آند بي 500” بنسبة 5.7% في نوفمبر في أفضل أداء له خلال عام، تفوق أداء 23% فقط من صناديق الاستثمار ذات رؤوس الأموال الكبيرة على مؤشراتها المعيارية، وهو أسوأ أداء لهذه المجموعة منذ أن بدأ الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في رفع أسعار الفائدة في مارس 2022، وفقاً لتقديرات “بنك أوف أميركا”. كان الأداء الضعيف واضحاً بشكل خاص، بالنظر إلى أن أكثر من نصف الأسهم المدرجة على مؤشر “إس آند بي 500” تفوقت في أدائها على المؤشر، وهو ما يمثل توسعاً في ارتفاع السوق، يُفترض أن يكون، نظرياً على الأقل، فرصة ثمينة للإدارات النشطة.
الأرجنتين: مكاسب مذهلة
هرول المستثمرون الذين عانوا طويلاً في الأرجنتين إلى التخارج قبيل إجراء انتخابات رئاسية مهمة العام الماضي. وكانت السوق تتداول السندات السيادية المقومة بالدولار بأقل من 30 سنتاً لكل دولار في ظل تعثر الاقتصاد تحت وطأة تضخم من ثلاثة أرقام ومتاهة من قيود تداول العملة. أما الظهور المفاجئ لخافيير ميلي، من خارج النخبة السياسية، كفائز في الانتخابات التمهيدية فلم يؤد إلا إلى زيادة المخاوف.
وعد هذا الليبرالي الراديكالي، الذي يتميز بشعره الكثيف غير المهندم وسوالف ألفيس وأربعة كلاب مستنسخة من فصيلة الماستيف، بدولرة الاقتصاد وإغلاق البنك المركزي تماماً. لكن بحلول الوقت الذي فاز فيه بالانتخابات في نوفمبر، كان المستثمرون قد اقتنعوا به. والآن، بعد مرور عام واحد تقريباً من ولايته، يبدو أن “العلاج بالصدمة” الذي اتبعه ميلي، بما في ذلك التقشف المالي الصارم لضبط الميزانية وخفض التضخم، قد بدأ يؤتي ثماره، ما عزز الثقة في المسار الاقتصادي بين الناخبين، والمستثمرين.
كان العائد على ديون البلاد من أفضل العوائد في الأسواق الناشئة في 2024؛ حيث ارتفع بنسبة 104%، وفقاً للبيانات التي جمعتها “بلومبرغ”. حققت الشركات التي اقتنصت السندات طوال عام 2024، مثل “نوبرغر برمان” (Neuberger Berman) و”غرانثام مايو فان أوترلو” (Grandham Mayo Van Otterloo & Co)، مكاسب كبيرة غير متوقعة. قال غوركي أوركويتا، مدير محفظة ديون الأسواق الناشئة في شركة “نوبرغر”: “اتخذنا مركزاً أساسياً متوقعين أن ميلي يمكن أن يحدث تحولاً”.
خلافاً لكلاب ميلي، من غير المرجح أن يحدث استنساخ للصعود الذي حدث في عام 2024 في أي وقت قريب، ولا تزال هناك العديد من الأسئلة. فلم يرفع ميلي بعد القيود المفروضة على العملة، وتراجع الاستثمار الأجنبي، فيما تُجري البلاد محادثات مع صندوق النقد الدولي قبل مدفوعات الديون التي سترتفع بشكل كبير في عامي 2025 و2026. ومع ذلك، فقد أثبتت “إل لوكو” أنها نعمة للمستثمرين.
-كيفن سيماوتشي، ودافيسون سانتانا، وفينيسيوس أندرادي
سندات الخزانة: النقد هو الملك
حصد مستثمرو الدخل الثابت مكاسب كبيرة وسهلة باتباع استراتيجية عدم التداول على الإطلاق: أي تخزين أموالهم في أذون الخزانة الخالية من المخاطر، وهي تعادل النقد، للتفوق على سندات الحكومة الأميركية.
حققت سندات الخزانة الأميركية مكاسب بنسبة 0.7% في المتوسط العام الماضي حتى 18 ديسمبر، مقارنة بعائد 5.1% في أذون الخزانة. كان هذا هو العام الرابع الذي تتفوق فيه السندات على النقد، وهو رقم قياسي منذ أن بدأت “بلومبرغ” في تجميع البيانات حول عوائد أذون الخزانة في عام 1991. على مدى السنوات الأربع الماضية، حققت الأذون عوائد إجمالية بنسبة 12%، مقارنةً بخسارة 10% في السندات الحكومية.
نمت صناديق أسواق النقد الأميركية، التي تحتفظ بأدوات مالية شبيهة بالنقد مثل أذون الخزانة والأوراق التجارية، بأكثر من 800 مليار دولار العام الماضي، مما أدى إلى ارتفاع أصولها إلى 7 تريليونات دولار لأول مرة مع إقبال المستثمرين. ومن بين الشركات التي تحتفظ بأموال فيها أيضاً شركة “بيركشاير هاثاواي” المملوكة لوارن بافيت، التي ارتفعت حيازاتها من سندات الخزانة بأكثر من الضعف في 2024 لتقترب من 300 مليار دولار اعتباراً من الربع الثالث.
لم يكن من المفترض أن تسير الأمور على هذا النحو. ففي بداية عام 2024، كان الرأي المجمع عليه هو تباطؤ النمو في الولايات المتحدة، وربما حتى الركود، مع سلسلة من تخفيض أسعار الفائدة التي قد تصل إلى 7 تخفيضات من جانب الاحتياطي الفيدرالي. وكان يُعتقد أن هذا من شأنه أن يُمهد الطريق أمام عام مميز للسندات. وبدلاً من ذلك، أدى الاقتصاد القوي إلى قيام البنك المركزي بتيسير السياسة النقدية بدرجة أقل مما كان متوقعاً، ودفع صناع السياسة في اجتماعهم الأخير إلى تقليص توقعاتهم لخفض أسعار الفائدة في عام 2025. أدى ذلك إلى بقاء العوائد على الأوراق الشبيهة بالنقود الخالية من المخاطر عند مستويات مرتفعة حتى مع تعرض أوراق الديون الأميركية الأطول أجلاً لتقلبات.
مع ذلك، بدأت الأمور تتغير، ومن المرجح أن يكون 2025 أكثر صعوبة بالنسبة للمستثمرين من أنصار شراء “أذون الخزانة وانتظار العائد”. بعد فترة امتدت لأكثر من عامين تجاوزت خلالها أسعار الفائدة على الأذون أسعار الفائدة على الديون الأميركية طويلة الأجل، اختفت هذه الميزة في العائد، ما أدى إلى سد الفجوة التي كانت تبلغ 1.5 نقطة مئوية تقريباَ في بداية عام 2024. من المرجح أن يستمر هذا الاتجاه إذا استمر “الاحتياطي الفيدرالي” في خفض أسعار الفائدة كما هو متوقع، على الرغم من أن جهود دونالد ترمب الداعمة للنمو لفرض الرسوم الجمركية والتخفيضات الضريبية قد يصعب الطريق أمام صناع السياسة النقدية.
الأهم من ذلك أن السندات عادت للظهور من جديد كوسيلة تحوط ضد الأصول الخطرة، مثل الأسهم التي وصلت قيمها إلى أعلى مستوياتها التاريخية. وقال فورد أونيل، مدير السندات في شركة “فيديلتي إنفستمنتس”: “إذا انخفضت الأسهم، سيؤدي ذلك إلى ارتفاع في محفظة سندات الخزانة الخاصة بك. ومن الواضح أن الحال يختلف بالنسبة لأذون الخزانة”. – يي شيه
“أرباجيدون”: الجحيم في حقيبة يد
ما كان من المتوقع أن يكون عام عودة التداول في الأسهم المقرر دمجها اتضح أنه غير ذلك. فكانت استراتيجية التداول هذه هي الأسوأ أداءً العام الماضي من بين أكثر من 30 أسلوباً من أساليب صناديق التحوط التي تتتبعها “بلومبرغ” حتى نهاية أكتوبر. وبالكاد كافأ عائدها البالغ 3% في تلك الفترة المستثمرين على المخاطرة.
ارتفع حجم الصفقات العالمية المُعلن عنها في عام 2024، إلا أن قواعد لعبة التداول بهذه الأسهم، أي تحقيق عوائد من خلال المراهنة على موعد واحتمال إتمام صفقات الاندماج المقترحة، تعرضت لضغوط، مع الخلفية التنظيمية في عهد بايدن ورئيسة لجنة التجارة الفيدرالية المتشددة لينا خان، مما جعل حتى الصفقات المتفق عليها صعبة التنفيذ.
تضمنت إحدى الحلقات الأكثر إيلاماً صفقة مقترحة لحقائب اليد كانت تهدف إلى توحيد شركة “تابستري” (Tapestry) وعلاماتها التجارية “كوتش وكيت سبيد” مع علامة “مايكل كورس” التابعة لشركة “كابري هولدينغز” (Capri Holdings). حتى بعد أن طعنت لجنة التجارة الفيدرالية في الصفقة التي بلغت قيمتها 8.5 مليار دولار على أساس مكافحة الاحتكار، حافظت مجموعة من المستثمرين، بما في ذلك شركة “ميلينيوم مانجمنت”، على مراكزهم في “كابري”، مراهنين على أن الاستئناف القانوني اللاحق الذي قدمته الشركتان سيُحسم لصالحهما. وبدلاً من ذلك، انحاز قاضٍ فيدرالي في أكتوبر إلى جانب لجنة التجارة الفيدرالية وأوقف الصفقة، ما أدى إلى انخفاض أسهم “كابري” بنسبة 50% تقريباً وتوجيه ضربة قوية إلى جمهور المستثمرين الذين يراهنون على عمليات تداول الاندماج.
بعد مرور أكثر من شهر بقليل، حققت لجنة التجارة الفيدرالية انتصاراً آخر حيث حكم قاضٍ بمنع إتمام صفقة اندماج في نشاط البقالة بقيمة 24.6 مليار دولار بين شركتي “ألبيرتسونز” (Albertsons) و”كروغر” (Kroger)، في حين أن صفقة البيع المعلقة بقيمة 14 مليار دولار لشركة “يونايتد ستيتس ستيل كورب” (United States Steel Corp) الأميركية للصلب إلى شركة يابانية منافسة أصبحت على أرضية مهزوزة وسط معارضة متزايدة من النقابات وكذلك من بايدن بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومي. ومع فشل بعض أكبر رهانات المتعاملين على مدار العام، دفع ثمن ذلك الموظفون في شركات “ميلينيوم” و”بالياسني أسيت مانجمنت” لإدارة الأصول و”شونفيلد ستراتيجيك أدفايزرز”، حيث قامت الشركات الثلاث بتسريح عدد من مديري المحافظ الاستثمارية المتخصصين في هذه الاستراتيجية. – ييكين شين
اليابان: حافظ على الهدوء واستمر
في يوم الإثنين الأول من شهر أغسطس، انهارت فجأة تجارة موثوقة وشائعة للغاية تنطوي على اقتراض الين لشراء أوراق مالية محفوفة بالمخاطر، بسبب تحول صغير في سياسة “بنك اليابان”، وساهمت في انهيار السوق العالمية في أعقاب ذلك. فقد سارع المستثمرون إلى التخارج من مراكزهم الاستثمارية في كل شيء بدءاً من السندات الأسترالية وأسهم الشركات الأميركية الضخمة إلى “بتكوين”، خوفاً من حدوث انهيار في دورة الاستثمار المعتمد على القروض وسط حالة من الشك والغموض بشأن التوقعات النقدية والاقتصادية.
كان من أكبر الخاسرين: التعاملات الممولة بالعملة اليابانية التي تتربح من فروق أسعار الفائدة في الأسواق الناشئة، إذ تبددت معظم مكاسب هذه الاستراتيجية خلال العام الماضي حيث قام المستثمرون بالتخلص من 75% من استثماراتهم. بعد ذلك، كما هو معروف الآن في وول ستريت، انتهى الانهيار الكبير للسوق في عام 2024 بمجرد أن بدأ تقريباً، وعادت الرغبة في المخاطرة بقوة في جميع الأصول.
رفع معنويات سوق العملات من جديد في أكتوبر
قال رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا –في أول يوم له في منصبه– إن الاقتصاد ليس مهيأً بعد لتشديد نقدي جديد. وفي المقابل، حققت سلة من عملات الأسواق الناشئة الممولة بالين الياباني عائداً بنحو 13% العام الماضي حتى يوم الخميس على الرغم من التقلبات، حيث تحدت العملة اليابانية توقعات مؤسسات مالية مثل شركة “بي إن واي” (BNY) التي أشارت إلى إمكانية ارتفاعها إلى 100 ين مقابل الدولار الواحد مع إلغاء مزيد من عمليات البيع على المكشوف. وكان ذلك بمثابة تبرئة من نوع ما لوسطاء تداول العملة في شركات مثل”إيه تي غلوبال ماركتس” (AT Global Markets) و”بيبرستون غروب” (Pepperstone Group)، الذين سارعوا إلى الدعوة إلى إحياء التداولات الممولة بالين سيئة السمعة. – ماثيو بورغس
العقارات التجارية: فرصة للعودة إلى الحياة
بالنسبة للمستثمرين هذا العام، كانت العقارات المكتبية قصة خسائر على غرار عام 2008، فضلاً عن المكاسب المفاجئة.
تعرض عدد كبير من حاملي السندات العالقين في ديون قديمة مرتبطة بالوحدات المكتبية لضربات حتى في أكثر السندات أماناً. ففي شهر مايو، استرد مشترو الشرائح المصنفة AAA من السندات المرتبطة بمبنى 1740 برودواي في وسط مانهاتن أقل من ثلاثة أرباع استثماراتهم الأصلية. وكانت تلك أول خسارة من نوعها في حقبة ما بعد الأزمة، وقد نشهد مزيداً من الخسائر في المستقبل.
ومع ذلك، وفي خضم هذه المتاعب، من المحتمل أن مجموعة من مطاردي الصفقات قد حققت أرباحاً. كانت كل من “إلينغتون مانجمنت غروب” (Ellington Management Group) و”بيتش بوينت كابيتال مانجمنت” (Beach Point Capital Management) و”وبالبك كابيتال” (Balbec Capital) و”ميكا كريك كابيتال بارتنرز” (Mica Creek Capital Partners) و”تي بي جي أنغلو” (TPG Angelo Gordon) من المشترين النشطين للأوراق التجارية المدعومة بالرهن العقاري في 2024.
أحد مصادر المكاسب المحتملة هو عند الخوف من تخلي إحدى الشركات المهمة المستأجرة عن المبنى، وينتهي الأمر بقيامها بتجديد عقد الإيجار بدلاً من ذلك. على سبيل المثال، تم تداول الشرائح الأعلى خطراً من سندات بقيمة 271 مليون دولار مرتبطة بمبنى المكاتب ومحال التجزئة المكون من 11 طابقاً في 85 الجادة العاشرة في نيويورك، بجوار سوق تشيلسي، بحوالي 63 سنتاً للدولار في بداية العام.
يعتمد المبنى إلى حد كبير على مستأجر واحد كان عقد إيجاره يحتاج للتجديد: هو شركة “جوجل”. عندما أعلنت شركة التكنولوجيا العملاقة أنها ستجدد عقد الإيجار في أكتوبر، قفز سعر السندات التي يتم تداولها الآن بحوالي 90 سنتاً على الدولار، مما يحقق معه عوائد كبيرة للمشترين الذين اشتروا السندات عند قاع الهبوط. – كارمن أرويو
ديون متعثرة: الذكاء الاصطناعي قادم للإنقاذ
للتعرف على كيف غيرت نشوة الذكاء الاصطناعي اللعبة تغييراً مفاجئاً بالنسبة للشركات الأميركية، انظر إلى حالة شركة “تالين إنيرجي”. بعد إفلاس الشركة العاملة في مجال الطاقة النووية العام الماضي، تحولت حظوظها بشكل ملحوظ نحو الأفضل بعد أن أبرمت صفقة لبيع مركز بيانات وتزويد شركة “أمازون ويب سيرفيسيز” لخدمات الإنترنت بالطاقة. سرعان ما تمتع الدائنون الذين تحولوا إلى مساهمين بقفزة في قيمة أسهمهم، حيث ارتفعت الآن بأكثر من 200% على مدار العام. ونظراً للكميات الهائلة من الطاقة اللازمة لتغذية طفرة الذكاء الاصطناعي، فإن أمثال شركة “تالين إنيرجي” في حالة من الانتعاش.
من الأسماء الأخرى التي لم تكن محبوبة قبل ذلك وشهدت دفعة من الذكاء الاصطناعي شركة “لومن” (Lumen). ففي العام الماضي، أجرت شركة الاتصالات السلكية واللاسلكية واحدة من أكبر عمليات تبادل الديون المتعثرة وأكثرها إثارة للجدل على الإطلاق. أبرمت الشركة صفقة مع مجموعة من المستثمرين بما في ذلك صندوق “سيتادل” التابع لكين غريفين لمبادلة بعض الأوراق المالية المرتبطة بإحدى وحداتها بأخرى ذات آجال استحقاق أطول وكوبون أعلى، مع جمع تمويل جديد. وفي المقابل، حصل هؤلاء المستثمرون على حق الأولوية في الأصول، ما أدى إلى تجريد الدائنين الآخرين من ضماناتهم.
هذا العام، تحولت الصفقة إلى مكسب كبير حتى بالنسبة للدائنين الذين تم استبعادهم من العملية، حيث تمكنت الشركة من الاستفادة من الطلب المتزايد على شبكة الألياف الخاصة بها بين الشركات التي تركز على الذكاء الاصطناعي. واعتباراً من شهر أغسطس، كانت الشركة قد حصلت على أعمال جديدة بقيمة 5 مليارات دولار، بما في ذلك صفقة مع شركة “مايكروسوفت” لتوسيع سعة شبكتها. – ريشمي باسو
الصين: انتعاش مزدوج
دخل المستثمرون الذين يركزون على الصين عام 2024 وهم يشعرون بخيبة الأمل، وكثيرون منهم يشعرون بالإحباط بعد الفشل في تحقيق الانتعاش الاقتصادي الذي كان متوقعاً على الرغم من الجهود الحكومية الرامية إلى تحفيز النمو وتخفيف أزمة العقارات المترسخة. في الوقت الذي أثّر فيه ركود ثاني أكبر اقتصاد في العالم على الأصول من الدولار الأسترالي إلى البات التايلندي، قامت شركة “فيديليتي إنترناشونال” (Fidelity International) بالمراهنة على السندات الصينية- وهو رهان أتى بثمار جيدة.
منذ يناير على الأقل، كانت شركة إدارة الأموال تفضل الديون الصينية، مراهنةً جزئياً على أن البنك المركزي سيحتاج إلى تيسير السياسة النقدية. وفي الوقت نفسه، بدأت شركة “أبردن” (Abrdn) في شراء سندات لأجل 10 سنوات و30 سنة منذ أكتوبر. أسفر ذلك عن ارتفاع قياسي في السندات الصينية، قوي لدرجة أن السلطات كثفت من إجراءات التدخل، بينما شوهدت البنوك الكبرى تبيع السندات الحكومية في محاولة لتهدئة السوق. أما عن مدى قوة الارتفاع، فقد حقق صندوق المؤشرات المتداولة الذي يتتبع السندات الحكومية الصينية لأجل 30 عاماً عائداً بنحو 21% في 2024.
تتزايد التوقعات بأن يمتد هذا الارتفاع بعد أن تعهد المكتب السياسي، وهو هيئة صنع القرار في الحزب الشيوعي، باتباع سياسة نقدية “تيسيرية باعتدال” لدعم الاقتصاد، في لغة لم تشهدها الصين منذ الأزمة المالية العالمية.
حققت الأسهم الصينية أيضاً أرباحاً للمستثمرين بعد أن وصلت إلى أدنى مستوياتها في يناير. فقد ارتفع مؤشر”شنغهاي شنزن 300″ المعياري بأكثر من 14% العام الماضي مقوماً بالدولار، وهو أول مكسب سنوي له بعد ثلاث سنوات من الخسائر. تحافظ شركة “فيديليتي إنترناشونال” على رهانها في السندات الصينية، على الرغم من أنها تتوقع أن تقدم أسهم البلاد عائداً أفضل في المستقبل إذا بدأ الاقتصاد يشهد أحداثاً عظيمة الأهمية.
قال ماثيو كوايف، الرئيس العالمي لإدارة الاستثمار متعدد الأصول في مقابلة: “من الواضح أن الأسهم الصينية تدر عائداً أفضل مقابل أموالك، هذا من حيث محاولة فهم أوضاع الصين فهماً صحيحاً في العام الجديد”. – إيريس أويانغ وماثيو بورغيس
مكاسب إسبانيا: أرباح بنسبة 2900%
ربما يأتي الارتفاع الأكثر جموحاً والمفاجئ للجميع من سوق متخصصة في مدريد، بإسبانيا. أما عن مدى هذا الجموح، فتخيل 2900% في ثوانٍ معدودة. بقي الأمر برمته حوالي 20 عاماً في طور الإعداد. والحكاية باختصار أن سندات أُصدرت في بداية العقد الأول من الألفية من قبل بنك استحوذ عليه أحد البنوك الذي استحوذ عليه بنك آخر، وفي مرحلة ما من كل تلك المناورات، تخلى المستثمرون عن هذه السندات. فقد شطبها معظمهم على أنها عديمة القيمة من الناحية العملية، بسبب كل تلك المناورات الخادعة المتعلقة بالملكية.
وهكذا ظل الأمر لسنوات حتى تلقوا ذات يوم في سبتمبر مذكرة من “بانكو سانتاندير” (Banco Santander) (آخر من استحوذ على البنك المصدر) تخبرهم بأن السند –وهو عبارة عن ورقة مالية خاصة تصدرها البنوك لرفع مستوى رأس المال– سيتم الوفاء به أخيراً. فارتفعت قيمته ارتفاعاً صاروخياً على الفور. لم يذكر بنك “سانتاندير” الكثير عن سبب قيامه بالدفع، ولكن المراقبين يتكهنون بأن الأمر يتعلق بتنقية ميزانيته العمومية. – تاسوس فوسوس