أسهم شركات الرقائق تضيف 200 مليار دولار لقيمتها بفضل الذكاء الاصطناعي

ارتفعت القيمة السوقية لشركات الرقائق العالمية بقوة مع تهافت المستثمرين على اقتناص فرص الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، في أحدث مؤشر على موجة الصعود المحمومة التي تدفع بأسهم التكنولوجيا إلى مستويات قياسية.
يستفيد القطاع من سلسلة أخبار إيجابية من شركات الذكاء الاصطناعي، أبرزها تقييم شركة “أوبن إيه آي” المالكة لتطبيق “تشات جي بي تي” عند 500 مليار دولار في صفقة بيع أسهم داخلية للموظفين، إلى جانب اتفاقاتها مع مجموعة من مصنّعي الرقائق الكوريين الجنوبيين.
يضاف إلى ذلك تقرير عن محادثات تجريها “إنتل” لضم “أدفانسد مايكرو ديفايسز” (AMD) كأحد عملائها.
اقرأ أيضاً: الأسهم الآسيوية ترتفع بقيادة شركات التكنولوجيا المرتبطة بالرقائق
هذا الزخم رفع القيمة السوقية المجمعة لمؤشر فيلادلفيا لأسهم أشباه الموصلات ومؤشر الرقائق الآسيوية بأكثر من 200 مليار دولار خلال الجلسة الأخيرة، وفقاً لحسابات بلومبرغ.
وكانت أسهم الرقائق الكورية الجنوبية من بين الرابحين الكبار يوم الخميس، بعد إعلان صفقة “أوبن إيه آي”، ما دفع مؤشر “كوسبي” إلى مستوى قياسي. وقفز سهم “إس كيه هاينكس” بنسبة 10%، فيما صعد سهم “سامسونغ إلكترونيكس” 3.5%.
تجاهل فقاقة الذكاء الاصطناعي
يرى محللون أن موجة الصعود الحالية يقودها ما يُعرف بـ”الخوف من تفويت الفرصة” (FOMO)، في وقت يتجاهل المستثمرون إلى حد كبير المخاوف من تكوّن فقاعة في قطاع الذكاء الاصطناعي.
وقالت هيبي تشين، المحللة في “فانتج ماركتس” (Vantage Markets) في ملبورن “الزخم في قطاع التكنولوجيا لا يُظهر أي بوادر فتور -وكأن الجاذبية الأرضية غير موجودة أصلاً- إذ تُهمَّش الرياح المعاكسة، وكل عنوان عن الذكاء الاصطناعي يشعل موجة من الحماس”.
وأضافت “رغم استمرار الحديث عن فقاعة محتملة، فإن الخوف من تفويت الفرصة هو المحرك الأساسي للمشهد حالياً. ويبدو أن هذا الزخم قادر على الاستمرار من تلقاء نفسه، إلى أن تشكّل نتائج الربع الرابع لحظة مراجعة واقعية.”
وقد أدى هذا الصعود الأخير إلى قفزة في تقييمات شركات تصنيع الرقائق، إذ يتم تداول مؤشر الرقائق الآسيوي التابع لـبلومبرغ عند مضاعف ربحية يبلغ نحو 19 مرة بالنسبة لتقديرات الأرباح المستقبلية، فيما يتداول مؤشر SOX حالياً عند مضاعف ربحية يبلغ 27 مرة، مقترباً من مستوياته القياسية المسجلة في 2024.
تقييم “أوبن إيه آي” يشعل الحماس
منذ أن مهّد برنامج “تشات جي بي تي” لعصر الذكاء الاصطناعي الحديث، والمستثمرون يتهافتون على اقتناص الفرص للاستثمار في هذه التكنولوجيا التي يُتوقع أن تعيد تشكيل الاقتصاد العالمي. فقد ضخوا أموالهم في مزوّدي البنية التحتية الكبار مثل “إنفيديا” و”إس كيه هاينكس” (SK Hynix)، ورفعوا تقييمات شركات ناشئة مثل “أوبن إيه آي” و”أنثروبيك” ، كما تدفقت رؤوس الأموال نحو مختلف مورّدي المعدات المرتبطة بطفرة الذكاء الاصطناعي.
وبعد توقيع اتفاق إطار غير ملزم مع شركات رقائق كورية جنوبية، يتجه الرئيس التنفيذي لـ”أوبن إيه آي”، سام ألتمان، إلى تايبيه، حيث يُتوقّع أن يلتقي مسؤولي شركتَي “تايوان لصناعة أشباه الموصلات” (TSMC) و”هون هاي بريسيجن إندستري” (Hon Hai Precision Industry). وقد صعدت أسهم الشركتين خلال تداولات الخميس.
في غضون ذلك، تواصل شركات التكنولوجيا الصينية تسجيل مكاسب قوية، مدفوعة بحماس المستثمرين تجاه التقدّم المحلي في الذكاء الاصطناعي. وتلقّى القطاع دفعة إضافية مع إعلان الحكومة عن تعزيز الدعم الرسمي، إلى جانب خطط “علي بابا” لزيادة إنفاقها على الذكاء الاصطناعي، والخطوة غير المعتادة من “هواوي” بالكشف عن رؤيتها لثلاث سنوات مقبلة تستهدف تقويض هيمنة “إنفيديا”.
هذه التطورات ساعدت في رفع مكاسب مؤشر “هانغ سنغ للتكنولوجيا” منذ بداية العام إلى نحو 50%.
مخاوف مستمرة رغم الارتفاع
لكن هذا الارتفاع الحاد في التقييمات عالمياً أثار قلق بعض المراقبين، ممن يرون أن تسارع الإنفاق على مراكز البيانات وتوسّع أعمال البناء لا يترافق حتى الآن مع تبنٍ واسع النطاق لخدمات الذكاء الاصطناعي، ولا مع تحقيق إيرادات كافية تبرر هذه الموجة الصعودية شبه غير المسبوقة.
ولا يزال من غير المؤكد ما إذا كان الطلب المستقبلي سيواكب كل القدرات الحوسبية التي يجري بناؤها حالياً. وتحذر “جيه بي مورغان لإدارة الأصول” من أن أي تراجع في أرباح عمالقة التكنولوجيا قد يؤدي إلى موجة بيع، بالنظر إلى ارتفاع تقييماتهم المبالغ فيها، كما حدث خلال الانهيار الذي شهدته الأسواق في أبريل الماضي.
اقرأ أيضاً: صفقة “إنفيديا” مع “OpenAI” تثير مخاوف من فقاعة ذكاء اصطناعي
مع ذلك، لا يزال المستثمرون يرون مزيداً من الزخم المحتمل لأسهم التكنولوجيا، رغم التقييمات المرتفعة.
وقال بيتر كيم، المدير العام في “كي بي سيكيوريتيز” (KB Securities)، في مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ “أسهم التكنولوجيا تواصل تحدّي الجاذبية. لا أرى أي رياح معاكسة تُذكر ضد شركات التكنولوجيا الآسيوية، وربما يستمر هذا الزخم حتى العام المقبل”.