أسعار النفط والسلع الأولية ترتفع بدعم من تقلّص التوترات التجارية

ارتفعت أسعار النفط ومعظم السلع الأولية الأخرى، بينما تراجع الذهب، بعدما خففت الصين والولايات المتحدة من حدة التوترات التجارية التي كانت تهدد بخفض الطلب على المواد الخام.
وزاد خام “برنت” بنسبة 1.6% ليستقر عند 64.96 دولار للبرميل، كما صعد “غرب تكساس” الوسيط بنسبة 1.5% ليُغلق عند 61.95 دولاراً للبرميل في نيويورك، في حين ارتفع النحاس بنسبة 0.8%. كما سجل الغاز الطبيعي الأوروبي وفول الصويا وخام الحديد مكاسب أيضاً، وقفزت أسهم كبرى شركات التعدين.
شكّل الهدوء المؤقت بين أكبر اقتصادين في العالم متنفساً لأسواق السلع التي اضطربت بسبب الرسوم الجمركية التي أضعفت توقعات نمو الاقتصاد العالمي في الأسابيع الأخيرة.
وسبق لمراقبي سوق النفط أن خفّضوا تقديراتهم للطلب، فيما بدأت الحرب التجارية تُظهر مؤشرات على انخفاض حجم البضائع الواردة إلى الولايات المتحدة.
الاتفاق على آلية لمواصلة المناقشات
ستخفّض الصين الرسوم الجمركية على السلع الأميركية إلى 10% من 125%، فيما ستخفض الولايات المتحدة قيودها إلى 30% من 145%، بموجب اتفاق مؤقت مدته 90 يوماً.
في مؤتمر صحفي عقب المحادثات، قال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت إن أياً من البلدين لا يرغب في فصل اقتصادي بينهما. وأعلن الجانبان أنهما سيضعان آلية لمواصلة المناقشات بشأن العلاقات الاقتصادية والتجارية.
وقال جون كيلداف، الشريك المؤسس في “أغين كابيتال” (Again Capital LLC): “لقد انجرفت سوق النفط مع موجة الراحة، لكن الضرر قد وقع بالفعل في الطلب على المدى القصير”.
ومع ذلك، أشار إلى أن تراجع حدة الحرب التجارية أزال من 3 إلى 5 دولارات من الانخفاض في السوق، مما جعل الحد الأدنى الجديد للسعر يقترب من 60 دولاراً للبرميل.
الأسعار لا تزال منخفضة
منذ أن أعلن الرئيس دونالد ترمب لأول مرة عن ما يُعرف بـ”الرسوم المتبادلة” في مطلع أبريل، ظلت أسعار السلع متقلبة. وعلى الرغم من الانتعاش الأخير، لا تزال أسعار النفط منخفضة بأكثر من 10% منذ ذلك الحين، في ظل مواجهة السوق لزيادة في الإمدادات من تحالف “أوبك+”.
ورغم أن مستشاري تداول السلع لا يزالون يراهنون إلى حد كبير على تراجع النفط، إلا أنهم بدأوا بالتخلي عن مواقفهم المتشائمة القصوى.
ووفقاً لبيانات من “بريجدتون ريسيرتش غروب” (Bridgeton Research Group)، قامت الصناديق، التي يمكن أن تسرّع زخم الأسعار، بتصفية مراكز البيع المكشوف لتبلغ 82% في كل من خام “غرب تكساس” و”برنت” يوم الإثنين، انخفاضاً من 91% في 9 مايو.
وقد تخلت أسعار النفط عن جزء من مكاسبها اليومية بعد أن لمح ترمب إلى إحراز تقدم إيجابي في المحادثات النووية التي جرت يوم الأحد بين الولايات المتحدة وإيران، ما عزز التوقعات بتخفيف القيود على صادرات النفط الإيرانية في المستقبل القريب.
ويركّز المتداولون أيضاً على أولى زيارات ترمب الخارجية إلى الشرق الأوسط، حيث ستكون السعودية، القائد الرئيسي في “أوبك+”، المحطة الأولى.
انتعاش أسهم الشركات
ارتفعت أسهم كبرى شركات التعدين، بما في ذلك “غلينكور” (Glencore Plc) و”ريو تينتو” (Rio Tinto Plc) يوم الإثنين، وكانت من بين الأفضل أداءً في أسواق الأسهم الأوروبية. كما صعدت أسهم شركات الطاقة مثل “إكسون موبيل” (Exxon Mobil Corp.) و”شيفرون” (Chevron Corp).
أما أسعار النحاس، التي كانت قد هبطت بشدة عقب الإعلان الأول عن الرسوم، فقد تعافت مع مؤشرات على أن الطلب في الصين لا يزال صامداً في الوقت الراهن. ومع ذلك، جاء ارتفاع الأسعار أبطأ من وتيرة مكاسب النفط، في ظل حذر المستثمرين من استمرار الضبابية التجارية.
وقالت إيفا مانثي، استراتيجية السلع في “آي إن جي غروب” (ING Groep NV): “لا تزال هناك تساؤلات حول ما ستكون عليه النهاية، إذ إن الإجراءات ستكون سارية لمدة 90 يوماً فقط، كما أن مستوى الرسوم النهائي لا يزال غير معروف”. وأضافت: “على الرغم من أن هذه الرسوم الجديدة أقل من المتوقع، فإنها لا تزال مرتفعة، وقد تواصل الضغط على الطلب على المواد الخام”.
تراجع أسعار الذهب
في الأسواق الزراعية، واصلت العقود الآجلة لفول الصويا في شيكاغو مكاسبها لتتداول عند أعلى مستوى منذ فبراير. وتُعد الصين أكبر مشترٍ لفول الصويا في العالم، وقد تساهم التهدئة التجارية في استئناف تدفقات المحاصيل.
في المقابل، تراجع الذهب مع انخفاض الإقبال على أصول الملاذ الآمن. وقد تفاقم الانخفاض بفعل تهدئة في الأعمال العسكرية بين الهند وباكستان، بعدما دفع القتال الذي استمر أربعة أيام البلدين المسلحين نووياً إلى شفير الحرب الشاملة.
وهبطت أسهم كبار منتجي الذهب عقب تراجع المعدن. فقد انخفضت أسهم “نيوماونت” (Newmont Corp.)، و”باريك ماينينغ” (Barrick Mining Corp.)، و”أغنيكو إيغل ماينز” (Agnico Eagle Mines Ltd.) – أكبر ثلاث شركات تعدين للذهب – بأكثر من 6% في نيويورك.
وارتفعت أسهم الشركات التي تبيع أنظمة بطاريات تعتمد على خلايا صينية. فقفز سهم “فلوينس إنرجي” (Fluence Energy Inc.) بنسبة 23%، فيما صعد سهم “سانرن” (Sunrun Inc.) بنسبة 16%. وكانت “سانرن” قد أعلنت الأسبوع الماضي أن سلسلة الرسوم الجمركية التي فُرضت قد تُضيف ما بين 100 و200 مليون دولار إلى التكاليف الإضافية.