اخر الاخبار

أسعار النفط تتماسك رغم التحديات الاقتصادية وضغوط الإنتاج

تماسكت أسعار النفط الخام فوق 70 دولاراً للبرميل، رغم استمرار المخاطر الاقتصادية وزيادة الإنتاج المرتقبة من تحالف “أوبك+” في أبريل، وهو ما يضيف مزيداً من الضغوط على سوق تعاني من فائض المعروض.

وتعززت التوقعات الإيجابية للسوق على المدى القريب بفضل عدة عوامل منها عدم تغيير الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة، إلى جانب البيانات الإيجابية حول استهلاك النفط في الولايات المتحدة. ومع ذلك، يبقى الموقف المؤيد لأسعار وقود منخفضة الذي يتبناه الرئيس الأميركي دونالد ترمب عاملاً حاسماً في تحديد مسار الأسعار، وفق ما يراه صالح يلماز وويل هيرز، المحللان البارزان في قطاع الطاقة لدى “بلومبرغ إنتليجنس”.

توقعات الأسعار وتأثير “أوبك+”

تداول المستثمرون عقود خام برنت تسليم مايو بسعر بنحو 71.40 دولاراً للبرميل. ويؤكد يلماز وهيرز أن تمديد تحالف “أوبك+” لخفض الإنتاج، إلى جانب العوامل الجيوسياسية والاقتصادية الكلية، دفع المحللين إلى مراجعة توقعاتهم لسوق النفط مراراً. وبحسب التقديرات المتوسطة لـCPFC، من المتوقع أن يبلغ متوسط سعر خام برنت 73 دولاراً للبرميل في 2025. كما يتوقعان أن يستمر النفط الخام في التداول ضمن نطاق 70و75 دولاراً للبرميل طوال العام، مع تقلص الفجوة بين منحنى الأسعار المستقبلية وتوقعات المحللين.

ويشير المحللان إلى أن الشركات النفطية الكبرى، مثل “أرامكو السعودية”، وBP، و”شل”، و”توتال إنرجيز”، و”إيني”، و”إكوينور”، ستكون من بين الأكثر تأثراً بتقلبات الأسعار.

أعلنت الدول الثماني الأعضاء في “أوبك+”، التي كانت أقرّت تخفيضات طوعية إضافية على إنتاج النفط في أبريل ونوفمبر 2023، عن المضي قدماً في العودة التدريجية والمرنة إلى السوق لهذه الكمية من النفط البالغة 2.2 مليون برميل يومياً، بدءاً من 1 أبريل 2025؛ “مع الحفاظ على القدرة على التكيف مع الظروف المتطورة”، بحسب بيان نشر في 3 مارس. 

اقرأ أيضاً: برميل النفط نصف فارغ أم نصف ممتلئ؟

وخفض “غولدمان ساكس” توقعاته لسعر خام برنت إلى نطاق 65 إلى 80 دولاراً للبرميل. وقال دان ستريفن، رئيس أبحاث السلع في البنك، إنهم لم يعودوا يعتبرون 70 دولاراً الحد الأدنى للأسعار، رغم توقعهم بقاء سعر برميل برنت فوقه في الأشهر المقبلة. جاءت المراجعة بعد تخفيضات مماثلة من “مورغان ستانلي” و”بنك أوف أميركا”، اللذين توقعا استقرار الأسعار في النطاق الأعلى من 60 دولاراً خلال النصف الثاني من العام، بينما رجح “سيتي غروب” و”جيه بي مورغان” إنهاء العام عند النطاق الأدنى أو الأوسط من 60 دولاراً. حتى كبار تجار النفط مثل “فيتول” و”غونفور” خفضوا توقعاتهم.

سياسات ترمب وتأثيرها على السوق

يعتقد يلماز وهيرز أن إعلان ترمب عزمه مطالبة “أوبك” بخفض أسعار النفط لم يكن مفاجئاً، إذ سبق أن تدخل مباشرة في سياسات التحالف، كما حدث في 2018 عندما ضغط على السعودية لزيادة الإنتاج بمقدار مليوني برميل يومياً. وفي 2020، توسط في اتفاق تاريخي لخفض الإنتاج بهدف استقرار السوق خلال أزمة “كورونا”.

وقالا: “نتوقع أن يؤثر تفضيل الرئيس ترمب للوقود منخفض التكلفة على سياساته المستقبلية وتنفيذ العقوبات، ما قد يجعله عاملاً رئيسياً في الإبقاء على أسعار النفط عند مستويات منخفضة نسبياً، رغم التحديات المرتبطة بالإمدادات”. و”في المقابل، يمكن لقدرة “أوبك+” الاحتياطية أن تخفف من أي اضطرابات في الإمدادات نتيجة العقوبات، كما أنه من المرجح أن يواصل الرئيس الأميركي التعامل المباشر مع المجموعة.”

وهذه أبرز العوامل التي يعتقد المحللان أنها ستحدد مسار أسعار النفط خلال العام:

عوامل ارتفاع أسعار النفط:

  • تشديد العقوبات على إيران
  • فرض عقوبات على روسيا وفنزويلا
  • إعادة ملء الاحتياطي النفطي الاستراتيجي للولايات المتحدة
  • فرض تعريفات جمركية على النفط الكندي
  • دعم ترمب لقطاع الوقود الأحفوري لضمان أسعار مرتفعة تكفي لدعم صناعة النفط الأميركية

عوامل انخفاض أسعار النفط:

  • تفضيل ترمب لأسعار البنزين المنخفضة نسبياً
  • تأثير التعريفات الجمركية في تقليص حجم التجارة العالمية
  • الضغط على “أوبك+” لزيادة الإنتاج وتعزيز المنافسة في الإمدادات
  • إلغاء حظر تأجير الأراضي لاستخراج النفط والغاز، وزيادة الإنتاج الأميركي
  • ارتفاع قيمة الدولار نتيجة سياسات “ترمب التجارية”
  • تهدئة التوترات الجيوسياسية (مثل تراجع هجمات الحوثيين في البحر الأحمر)

دور السعودية وتحولات “أوبك+”

يُذكر أن السعودية قادت في أواخر 2016 تحولاً رئيسياً في سياسات “أوبك”، حيث دفعت التحالف -بما في ذلك روسيا ضمن “أوبك+”- إلى خفض الإنتاج من أجل تقليص الفائض العالمي المستمر آنذاك.

ويشير يلماز وهيرز إلى أن هذا القرار جاء بعد أن تسببت الأسعار المنخفضة في إضعاف ميزانيات الدول المنتجة، ما أدى إلى اضطرابات في بعض المناطق. وعلى الرغم من عدم الالتزام الكامل بالاتفاق، إلا أن هذه الخطوة ساهمت في استقرار الأسعار فوق 50 دولاراً للبرميل حتى مارس 2020، عندما أدى انهيار الاتفاق وتراجع الطلب بسبب الجائحة إلى انخفاض حاد في الأسعار.

ويتابعان بأن التراجع في 2014 كان مدفوعاً بالزيادة الكبيرة في إنتاج النفط غير التقليدي في الولايات المتحدة، وهو ما واجهته السعودية بسياسة تهدف إلى تعزيز الإنتاج للحفاظ على حصتها السوقية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *