أزمة البحر الأحمر تسفر عن فائزين وخاسرين مع صعود أسعار الشحن
كشفت أرباح النصف الأول من العام في آسيا أن التأثيرات المستمرة لأزمة البحر الأحمر ستظل تشكل عبئاً مكلفاً على الشركات التي تصنع سلعاً للتصدير، فيما تستفيد الشركات التي تنقل هذه السلع من ارتفاع أسعار الشحن نتيجة لتفاقم الأزمة.
بحسب “بلومبرغ إنتلجينس”، فإن شركات الشحن التي تتجنب مخاطر الهجمات في البحر الأحمر قللت حركة مرور سفنها في هذا الممر البحري الضيق بنحو 70% منذ منتصف يوليو مقارنة بشهر ديسمبر، مما زاد من أوقات العبور وأسعار الشحن.
شهدت شركات الشحن الصينية مثل “كوسكو شيبينغ هولدينغز” ارتفاعاً في أرباحها بفضل زيادة الإيرادات في قطاع شحن الحاويات، بينما أفادت شركة “أورينت أوفرسيز إنترناشيونال” (Orient Overseas International) أن مسارها التجاري عبر المحيط الهادئ حقق أداءً أفضل حيث ساهمت قيود سلسلة التوريد في رفع أسعار الشحن.
في المقابل، تعرضت شركات أخرى مثل “مينيسو غروب هولدينغ” (Miniso Group Holding) لضغوط نتيجة ارتفاع تكاليف الخدمات اللوجستية. كما أعلنت شركة “ديكسون تكنولوجيز إنديا” (Dixon Technologies India)، المورد الرئيسي لشركة “شاومي” (Xiaomi)، تضرر هوامش ربحها جراء ارتفاع تكاليف الشحن، بينما أشارت صانعة الدراجات النارية “تي في إس موتور” (TVS Motor) إلى أن صادراتها تأثرت بطول أوقات العبور.
معاناة قطاع الشحن البحري
وفي هذا السياق، قال لي كلاسكو وكينيث لو، المحللان لدى “بلومبرغ إنتليجنس”، إن “صناعة شحن الحاويات وسلسلة التوريد المرتبطة بها تعاني مجدداً، لكن هذه المرة بسبب الأزمة الممتدة في البحر الأحمر. والنتيجة على المدى القصير كانت ارتفاع أسعار الحاويات وأرباح شركات الشحن”.
منذ منتصف نوفمبر، شن الحوثيون المدعومون من إيران، الذين يسيطرون على أجزاء من شمال غرب اليمن، هجمات على السفن باستخدام الطائرات المُسيرة والصواريخ. وتؤكد الجماعة أنها تستهدف السفن المرتبطة بإسرائيل والغرب تضامناً مع الفلسطينيين في ظل استمرار الحرب في غزة، مما أدى إلى لجوء عدد متزايد من السفن التجارية إلى مسارات أطول لتجنب المرور عبر البحر الأحمر.
وأفاد محللو “بلومبرغ إنتليجنس”: “نعتقد أن الأسعار ستعود إلى ما دون مستوى التعادل (وهي النقطة التي لا تحقق عندها الشركات أي أرباح أو خسائر) بمجرد عودة سلاسل التوريد إلى طبيعتها، نظراً للتحديات الهيكلية التي تواجهها الصناعة”، مضيفين أن اتساع الفجوة بين العرض والطلب ستؤثر على الأرجح على توقعات أسعار الحاويات وأرباح شركات الشحن.
تأثيرات متباينة على مشغلي الموانئ
تأثر مشغلو الموانئ بشكل متباين بالأزمة، حيث قالت شركة “تشاينا ميرشانتس بورت هولدينغز” (China Merchants Port Holdings) إن ميناءها في سريلانكا استفاد من زيادة الشحنات العابرة بسبب الوضع في البحر الأحمر، فيما انخفضت أحجام الحاويات في مينائها في تركيا. كما شهدت “أداني بورتس آند سبشيال إيكونوميك زون” (Adani Ports and Special Economic Zone)، أكبر مشغل موانئ في الهند، نمواً في الأحجام الإجمالية، بينما أعلنت شركة “غوجارات بيبافاف بورت” (Gujarat Pipavav Port) عن انخفاض أحجام الحاويات نتيجة تخطي بعض السفن للميناء.
كانت الشركات العاملة في مجال الشحن الجوي ضمن أبرز المستفيدين من الأزمة، حيث سعت إلى تقديم بدائل لأوقات الشحن الطويلة عبر البحر الأحمر. وهذا ساعد “الخطوط الجوية السنغافورية” (Singapore Airlines) على زيادة معامل حمولة البضائع بمقدار 5.9 نقطة مئوية في الربع الممتد من أبريل إلى يونيو مقارنة بالعام السابق، مشيرة إلى “التدفقات القوية للتجارة الإلكترونية والطلب المتزايد على الشحن الجوي نتيجة أزمة البحر الأحمر”.
من جهتها، أفادت شركة “كاثاي باسيفيك إيرويز” (Cathay Pacific Airways) أنها نقلت شحنات أكثر بحوالي 10% بين شهري يناير ويونيو. وتتوقع الشركة، إلى جانب محللي مصرف “إتش إس بي سي”، أن يستمر الطلب عند مستويات قوية حتى نهاية العام.
ولا يتوقع سورين توفت، الرئيس التنفيذي لشركة “إم إس سي ميدترينيان شيبينغ” (MSC Mediterranean Shipping)، نهاية قريبة لأزمة البحر الأحمر.
وقال رئيس أكبر شركة لشحن الحاويات في العالم في تصريحات لـ “بلومبرغ نيوز” في وقت سابق من هذا الأسبوع: “أعتقد أنه لن يكون هناك حل قصير الأجل في الأفق” لضمان المرور الآمن في المنطقة.