أرباح بنوك مصر تفقد الزخم وسط استقرار الجنيه وخفض الفائدة

تباطأت وتيرة نمو أرباح البنوك المصرية المدرجة في البورصة لأول مرة منذ عام، بعد سلسلة من الأرباح الاستثنائية التي أعقبت تحرير سعر الصرف في مارس 2024. وتراجع أثر انخفاض الجنيه أمام الدولار، وفقاً لمسح أجرته “الشرق” على بيانات 11 بنكاً مدرجاً.
تباطأ نمو الأرباح المجمعة للبنوك خلال الربع الأول إلى 12% على أساس سنوي لتبلغ 39.7 مليار جنيه، بعد أن تجاوز النمو لبعض البنوك 100% في فترات سابقة من 2024.
يأتي ذلك وسط خفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بإجمالي 325 نقطة أساس منذ بداية العام، ليستقر سعر الإيداع عند 24% والإقراض عند 25%.
أثر الجنيه الاستثنائي لم يعد قائماً
سهر الدماطي، نائبة رئيس “بنك مصر” سابقاً، أكدت أن الأرباح التي حققتها البنوك العام الماضي كانت مدفوعة بتحرير سعر الصرف وارتفاع الفائدة، وهي ظروف استثنائية لن تتكرر. وأضافت أن البنوك التي تعاملت بمرونة مع أسعار الفائدة استطاعت الحفاظ على ربحية قوية رغم التراجع النسبي.
منصف مرسي، العضو المنتدب ورئيس البحوث في “سي آي كابيتال”، أشار إلى أن أرباح البنوك تأثرت سابقاً بتحركات سعر الصرف نتيجة امتلاكها أصولاً مقومة بالدولار، لكنه اعتبر ذلك أثراً غير متكرر. وأوضح أنه بعد تحييد هذا العامل، يظهر أن البنوك لا تزال تحقق نمواً مقارنة بالعام الماضي.
ماجد فهمي، الرئيس السابق لبنك التنمية الصناعية، أوضح أن تراجع العائد على أذون الخزانة كان من أبرز أسباب تباطؤ الأرباح، مشيراً إلى أن أغلب الودائع كانت تُوجه إلى أدوات الدين العام، خاصة في ظل ضعف الإقراض قبل خفض الفائدة. ورغم بقاء العوائد عند مستويات مرتفعة، تراجعت بنحو 5% في الربع الأول لتسجل 28%.
قرارات متأخرة من بعض البنوك
طارق متولي، النائب السابق لرئيس “بنك بلوم”، قال إن بعض البنوك لم تتخذ قرارات استباقية بشأن أسعار الفائدة، مما انعكس سلباً على أرباحها. ولفت إلى أن “البنك التجاري الدولي” خفّض الفائدة على شهاداته قبل قرار المركزي، ما ساهم في تخفيف تأثير تراجع العائد على أدوات الدين.
في فبراير، خفض البنك الفائدة على الشهادات 3% للمرة الثالثة خلال 8 أشهر، بحسب تصريحات سابقة لهشام عز العرب، رئيس البنك، قائلاً إن القرار جاء استناداً إلى “انعكاس منحنى العائد”.
كما أن سياسة التحوط وزيادة حجم المخصصات للديون المشكوك في تحصيلها، أدت إلى الضغط على الأرباح، وسط توقعات بألا تتجاوز خفض الفائدة 5% هذا العام، حفاظاً على استثمارات الأجانب في أدوات الدين، بحسب ماجد فهمي.
توقعات 2025: نمو مستدام رغم الضغوط
يتوقع منصف مرسي أن تحقق البنوك نمواً في الأرباح بنسبة 15% خلال 2025، مع توسع متوقع في الإقراض وزيادة دخل العمولات، لاسيما أن بعض البنوك بدأت بخفض الفوائد على أدواتها الاستثمارية منذ عدة أشهر.
كما رجحت بحوث “النعيم” أن خفض الفائدة سيضغط على الهوامش، لكنه سيشجع على الإقراض، خصوصاً من الشركات التي تستأنف الإنفاق الرأسمالي.
ويرى أحمد شوقي، الخبير المصرفي، أن الأرباح عادت إلى مستواها الطبيعي، مدفوعة بتحسن التشغيل، مؤكداً أهمية التحرك الاستباقي في إدارة الفائدة لضمان الحفاظ على الهوامش.