اخر الاخبار

أرباح الشركات الأميركية تشير إلى مدى رفع الأسعار بسبب الرسوم

رغم ارتفاع التكاليف الناتجة عن الرسوم الجمركية، لا تزال الشركات الأميركية قادرة على تحمل جزء منها بفضل هوامش أرباح قوية. لكن قرارها بشأن مدى تمرير هذه التكاليف إلى المستهلكين سيكون العامل الحاسم في وتيرة التضخم خلال 2025.

ارتفعت الأرباح بعد الضرائب خلال الربع الرابع بأكبر معدل لها منذ أكثر من عامين، بحسب أحدث البيانات الحكومية. وتتوقع “بلومبرغ إنتليجنس” أن يظهر الإعلان عن النتائج المالية خلال الفترة المقبلة بدء انخفاض الأرباح خلال الشهور الثلاثة الأولى من 2025، أي قبل فرض إدارة الرئيس دونالد ترمب الرسوم الجمركية الهائلة على السلع والبضائع المستوردة.

ومع ظهور دلائل على إرهاق المستهلكين بعد أعوام من تحمل ارتفاع التضخم، وإشارات توضح تزايد مخاطر الركود، يبقى مدى قدرة الشركات على تمرير التكاليف المرتفعة إلى المستهلكين محل شك كبير.

قالت أدريين ييه، المديرة الإدارية لدى “باركليز” والمتخصصة في شركات بيع التجزئة، إن “أغلب ما نشهده حالياً هو عدم رفع أي أسعار على الإطلاق، إلى أن يكون رفعها حتمياً. وذلك لأن محاولة استغلال الوضع في ظل تراجع معنويات المستهلكين لا معنى لها”.

معركة الرسوم بين المستهلكين والشركات

تتباين تقديرات تأثير الرسوم الجمركية على الأسعار بشكل كبير، فبينما يتوقع عدد من المحللين الاقتصاديين في “وول ستريت” ارتفاع مؤشر رئيسي لمعدل التضخم الأساسي إلى أكثر قليلاً من 3% بحلول نهاية العام، يتكهن آخرون بأن يقترب من 5%. بالتالي، فهذا يعني وجود مجموعة كبيرة من النتائج المحتملة فيما يتعلق بقرارات بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بشأن أسعار الفائدة.

أشار عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر، في خطاب ألقاه في 14 أبريل، إلى أن “عوامل المنافسة، بما فيها السعي إلى الحفاظ على العملاء، قد تدفع الشركات إلى تمرير جزء ضئيل فقط من التكاليف المرتفعة إلى المستهلكين”. فيما شبه توم باركين، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند، الوضع في الآونة الأخيرة بـ”نزال محتدم” بين المستهلكين المحبطين من جهة، والشركات المعرضة للضغط من جهة أخرى.

فرض ترمب رسوماً جمركية على الصين والمكسيك والهند، أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، بعد فترة قصيرة من توليه المنصب. غير أنه فرض هذا الشهر تعريفة جمركية أساسية بنسبة 10% على واردات معظم الدول الأخرى، فيما رفع الرسوم الجمركية على السلع والبضائع المستوردة من الصين إلى 145%.

تراجع هوامش أرباح الشركات

توضح الإشارات الأولية المستخرجة من البيانات الاقتصادية، المعتمدة على الرسوم الجمركية المطبقة قبل قرارات أبريل، أن الشركات تحملت بعض التكاليف على الأقل. وأظهرت التقارير الحكومية الشهرية عن مؤشر أسعار المنتجين أن هوامش أرباح شركات بيع الجملة والتجزئة سجلت في فبراير ومارس أكبر تراجعين متتاليين على الإطلاق في البيانات منذ 2010، حيث انخفضت بمعدل 10.5% على أساس سنوي.

ولفت المحللان الاقتصاديان لدى “بلومبرغ” آنا وونغ وكريس كولينز، في تقرير صدر في 16 أبريل يحلل البيانات الشهرية المنفصلة على أساس أسعار الواردات، إلى أنه “حتى الآن، تحمل المستوردون الأميركيون تكاليف الرسوم الجمركية عند الحدود، ويُتوقع أن تتأثر هوامش أرباح الشركات الأميركية سلبياً”.

وأضافا: “يعد هامش بيع الجملة والتوزيع كبيراً بالأخص بالنسبة لفئات السلع والبضائع الأكثر تأثراً بالواردات الصينية، ما يشير إلى امتلاك الشركات مجالاً ملموساً لتحمل تكاليف الرسوم الجمركية”.

تأثر شركات التجزئة بالرسوم

قد تعتمد شركات بيع التجزئة الكبرى مثل “ولمارت” على سلاسل التوريد المتنوعة للتفاوض مع التجار على الأسعار والمخزون. رغم ذلك، حذرت الشركة من تأثير سلبي قصير المدى على الربح التشغيلي مع دخول الرسوم الجمركية حيز السريان، وأشارت إلى أنها تستثمر للحفاظ على انخفاض الأسعار.

غير أن شركات أخرى قد تتعرض لتأثير أكبر، فتشير تقديرات “باركليز” إلى أن شركات مثل “نايكي” و”سكتشرز يو إس إيه” ستضطر إلى رفع الأسعار 7.5% و10% على التوالي لمعادلة تأثير الرسوم الجمركية.

يتوقع “مورغان ستانلي” أن ترتفع الأسعار في “تارغت” و”فايف بيلو” الأسعار بما يزيد عن 5%، وأن ينخفض إجمالي الأرباح بأكثر من 20%، نتيجة مزيج يجمع بين القدرة المحدودة على رفع الأسعار دون التأثير السلبي على الطلب والاعتماد على البضائع الصينية وهوامش الأرباح الضئيلة.

خيارات معقدة أمام الشركات الصغيرة

أما الشركات الصغيرة، فأمامها خيارات أكثر صعوبة. فبينما تصنع علامة “جولييت واين” (Juliet Wine) التجارية للنبيذ المعلب معظم منتجاتها في كاليفورنيا، حيث يقع مقرها، إلا أنها تستورد مكونين رئيسيين للعبوات من الاتحاد الأوروبي والصين.

وأشارت أليسون لوفيرا، المؤسسة المشاركة والرئيس التنفيذي للشركة، إلى أنه حتى لو خضع المكونين فقط للرسوم الجمركية، سيؤدي ذلك إلى انخفاض هامش الربح “بأرقام مزدوجة منخفضة”.

في الوقت نفسه، تحاول علامة “فاهرتي” (Faherty) التجارية للملابس، ومقرها في نيويورك، عدم رفع الأسعار هذا العام، لكن مع استيراد معظم منتجاتها من دول مثل الصين والبرتغال والهند، يشكل هذا تحدياً أمام الشركة.

وكشفت كبيرة مسؤولة التأثير في “فاهرتي” كيري دوتشيرتي أن الشركة بدأت عام 2025 بحماس وتوقعت سداد الديون وتحقيق أهداف الأرباح، لكن الوضع تغير بسبب الرسوم الجمركية.

واختتمت: “كنا في غاية التفاؤل، أخيراً نجحنا بعد 12 عاماً. يمكننا الآن التقاط أنفاسنا. أما في الفترة الحالية فقد أدركنا أن علينا مواصلة العمل دون فرصة لالتقاط الأنفاس”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *