اخر الاخبار

أبوظبي: إرساء مفهوم المدينة الذكية كواقع مستدام

تُعزز العاصمة الإماراتية استخدام الذكاء الاصطناعي والاستدامة والشراكات العالمية لإعادة تشكيل التنقل الحضري والبنية التحتية

تواصل أبوظبي جهودها الحثيثة في سبيل ترسيخ مكانتها الرائدة عالمياً في مجال التنمية الحضرية القائمة على التكنولوجيا. عبر منصات مثل LivAI ومبادرات استراتيجية تشتمل على السيارات الكهربائية والنقل المستقل والبنى التحتية الذكية، تمكنت الإمارة من تقليص أوقات معالجة تراخيص البناء بنسبة 70 في المئة، بحيث احتلت المرتبة الخامسة عالميًا في مؤشر IMD للمدن الذكية.

في هذه المقابلة مع “إيكونومي ميدل إيست”، يبرز معالي محمد علي الشرفاء، رئيس دائرة البلديات والنقل أبوظبي، كيف تسهم الشراكات الدولية وإطار الإدارة الشامل في تسريع هذا التحول مع ضمان السلامة والشمولية.

ما هي أبرز التوجهات في المخطط الحضري لأبوظبي التي تتماشى مع رؤية الإمارة المستقبلية بشأن التكنولوجيا والاستدامة وقابلية العيش، جنبًا إلى جنب مع أولويات البنية التحتية؟

يركز التخطيط الحضري لأبوظبي على إحداث تحسينات قابلة للقياس في جودة حياة السكان، بينما يعمل على تأكيد ريادة الإمارة عالميًا في التنمية الحضرية المستدامة المدعومة بالتكنولوجيا.

يُعتبر هذا العنصر جزءًا أساسيًا من هياكل إدارتنا، وتخصيصات الميزانية، وآليات التنفيذ التي تشمل مدينة أبوظبي ومنطقتي العين والظفرة.

تترجم استراتيجيتنا لقابلية العيش رؤيتنا العامة لتحقيق مستهدفات محددة لكل منطقة، مع تحديد مستويات إنجاز واضحة. منذ العام 2023، حققنا زيادة في متوسط درجات الإنجاز من 67 في المئة إلى 81 في المئة من خلال مشاريع ومبادرات متنوعة بلغت قيمتها 12 مليار درهم إماراتي.

ويعكس حجم التزامنا بالبنية التحتية استثمارًا حقيقيًا ومستدامًا، مما يمكّن الجهات الحكومية وشركاء القطاع الخاص من التخطيط بثقة.

يعدّ التكامل التكنولوجي أحد العناصر الأساسية في نهجنا. تقدم منصة LivAI، التي  جرىالكشف عنها ضمن معرض جيتكس جلوبال 2025، رؤى لحظية حول جودة الحياة في أبوظبي من خلال استخدام النمذجة الديناميكية ثلاثية الأبعاد وميزات التوأم الرقمي، بحيث يسمح هذا النظام للمخططين وصناع القرار بإجراء تحليلات تنبؤية تعزز تخصيص الموارد بشكل فعال. 

كما أحدثت منصة “بناء”، التي تم تدشينها حديثًا، تطورًا كبيرًا في تحسين الكفاءة من خلال تقليص أوقات المعالجة المتعلقة بإصدار تراخيص البناء. كما أن قدراتها المتقدمة تتيح لها تحديد “التصاميم الزائدة”، والتي تعني التصاميم التي تزيد من تكاليف المشروع واحتياجات المواد بشكل غير ضروري.

تشتمل المنصة على أداة متقدمة مدعومة بالذكاء الاصطناعي، تستطيع تحليل النماذج ثنائية الأبعاد للمباني القائمة أو القديمة التي تحتاج إلى تحسينات أو تعديلات، مما يضمن الدقة والالتزام باللوائح والمعايير العمرانية في أبوظبي.

تعود فوائد هذه المنصة على جميع المنظمين والمهندسين ومالكي العقارات. منذ أن تم طرحها، انخفضت أوقات المعالجة بنسبة تصل إلى 70 في المئة، وأصبح بإمكاننا إنهاء الطلبات التي كانت تتطلب عدة أيام سابقًا خلال 24 ساعة.

إلى ذلك، تجعل ممارساتنا المشتركة الإمارة مكانًا أكثر جاذبية للأنشطة الاقتصادية المتنوعة التي نرغب في جذبها، وتوفر بيئة تسهم في ازدهار عدة قطاعات.

بتنا اليوم نصنف كأكثر مدينة ملائمة للعيش في المنطقة والخامسة عالميًا في مؤشر IMD للمدن الذكية، حيث تقدمنا تسعة مراكز في خمس سنوات. وهذا يعكس وجود أنظمة النقل الذكية، والمرافق الذكية، والخدمات العامة القوية، النهج المعتمد على البيانات باستخدام تقنيات رائدة.

كيف تستفيد دائرة البلديات والنقل في أبوظبي من الذكاء الاصطناعي والتقنيات الأخرى للمدن الذكية في تحسين التخطيط الحضري، وما هي الفرص المتاحة لمشاركة القطاع الخاص في شبكة النقل في أبوظبي؟

نعتمد على الأدوات الرقمية لتحسين كل جانب من جوانب الحياة في الإمارة، مع الاستفادة من البيانات والذكاء الاصطناعي والمنصات المتكاملة لتعزيز اتخاذ القرار، وتحسين توزيع الموارد، وتقديم حوكمة سريعة التجاوب.

تقوم الدائرة بنشر تطورات الذكاء الاصطناعي والمدن الذكية كجزء من نهج شامل بدلاً من استخدام أدوات منفصلة. تسهم هذه الاستراتيجية في تحسين الكفاءة وخلق فرص شراكة مثمرة لمقدمي التكنولوجيا.

على سبيل المثال، يتيح نظام إدارة السلامة المرورية الذكي في الوقت الفعلي، الذي أعلنا عنه مؤخرًا، لمخططي المدن تتبع نقاط التصادم، ورصد الحوادث المحتملة، وتوقع الاصطدامات عبر كل أنواع المركبات، مما يؤدي إلى تحسينات في السلامة وتوفير رؤى حول البنية التحتية تفيد الشبكة بأكملها.

ويتمثل نهجنا في الحفاظ على ما ينجح وتعزيزه، وإدخال تقنيات جديدة حيث تكون لها قيمة مضافة وتضمن أن البنية التحتية تلبي احتياجات الجميع، بدلاً من فرض اعتمادها.

ومن أجل استقطاب القطاع الخاص في مجال النقل، تقدم أبوظبي انتشارًا تشغيليًا شاملاً. الشراكات التي نمتلكها مع الشركات المحلية والعالمية تعد دليلًا على ذلك.

في سياق العمل مع الشركات العالمية، نركز على الاستعانة بالاستشاريين والمقاولين والموردين المتواجدين في أبوظبي، مما يساعد في ضمان أن تسهم هذه العلاقات في تحسين الخبرة والاقتصاد المحلي.

إن ما نطمح إليه هو شركاء مستدامون يستثمرون بصدق في بناء المستقبل معنا، ويستطيعون مواكبة وتيرتنا، والتكيف بسرعة، وتطوير الحلول بشكل استباقي.

 تقدم أبوظبي مزايا لا تستطيع العديد من الولايات القضائية العالمية تقديمها: أطر حكومية منسقة، واختبارات للبنية التحتية تقلل من مخاطر الابتكار، وطرق تمتد من التنفيذ التجريبي إلى التنفيذ التجاري مدعومة بالتزامات مالية كبيرة.

ما يهم المستثمرين المحتملين لا يتعلق بما إذا كانوا يرغبون في العمل مع أبوظبي، بل بمدى سرعة تحركهم للمشاركة في التحول المستمر بالفعل.

smart traffic

كيف توازن دائرة البلديات والنقل في أبوظبي بين أنظمة النقل التقليدية وابتكارات التنقل الحديثة مثل المركبات الكهربائية والمركبات ذاتية القيادة؟

نعمل على تشكيل نظام بيئي للنقل حيث تعمل الأنظمة التقليدية والمركبات الكهربائية والتقنيات الآلية بتناغم. تستمر شبكتنا للنقل العام في تحقيق أداء متميز، مما يعكس الطلب الحقيقي، ويظهر ذلك من خلال أكثر من 90 مليون رحلة في الحافلات العامة العام الماضي. يشمل التحول إلى شبكات التنقل الكهربائية الأساطيل البلدية والمركبات الخاصة.

يعزز توسعنا المنهجي في شبكات شحن السيارات الكهربائية، مع تخطيط سعة الشبكة وتكامل مصادر الطاقة المتجددة، الظروف اللازمة لتبني السيارات الكهربائية بشكل واسع.

شهد استخدام السيارات الكهربائية والمركبات الهجينة زيادة بنسبة 61 في المئة في بداية العام الجاري مقارنة بالربع الأول من العام السابق. كما أدت شراكات متعددة إلى تعزيز انتشار محطات الشحن في كافة أنحاء الإمارة. بالإضافة إلى ذلك، تم تركيب 1,000 نقطة شحن جديدة في 400 موقع استراتيجي في جزيرة أبوظبي والعين ومنطقة الظفرة كجزء من توسيع شبكتنا.

ندرك أن المركبات ذاتية القيادة يمكن أن تعزز خدماتنا القائمة. سيارات الأجرة الآلية التي تخدم جزر ياس والسعديات والريم والمارية، بالإضافة إلى مطار زايد الدولي، تعمل على توسيع نطاق التغطية في المناطق والأوقات التي لا تكون فيها الحافلات ذات المسار الثابت فعّالة اقتصاديًا. في الجهة الأخرى، تركز مركبات التوصيل ذاتية القيادة في مدينة مصدر على تحسين الخدمات اللوجستية والشحن.

إلى أي مدى تسهم الاستدامة في تشكيل البنية التحتية وتخطيط النقل في أبوظبي، بما في ذلك التنقل الأخضر، والنقل الكربوني المنخفض، وتطوير المجتمعات والمرافق العامة؟

الإشراف البيئي هو جزء أساسي من مرافقنا ومن تخطيط النقل. تساعد التصميمات المستدامة في تقليل تكاليف التشغيل وتعزيز القدرة على التكيف وتوافقها مع الأهداف العالمية. وتؤدي أبو ظبي دورًا فعالًا في هذا الإطار.

 يضع نظام تقييم الاستدامة بدرجات اللؤلؤ لدينا الاستدامة في صميم جهود البناء. يُعتبر الحصول على المواد والإمدادات المحلية جزءًا أساسيًا من تخطيطنا الحضري وتطوير البنية التحتية، ونقوم أيضًا بتقييم المؤهلات البيئية لهذه المواد.

نحن ملتزمون بدعم التنقل الأخضر من خلال تقديم سيارات تعمل بالهيدروجين والكهرباء. تم تحويل العديد من خدمات الحافلات، بما في ذلك الخدمة رقم 65، التي تنقل حوالي 6,000 راكب يوميًا. ويتوقع أن يقلل أسطولنا الجديد من الانبعاثات بمقدار يتجاوز 100 ألف طن متري سنويًا.

تعدّ إعادة تطوير شارع الشيخ خليفة بن زايد في العين مثالاً جيدًا لنهجنا الحالي تجاه طموحاتنا في الاستدامة التي تعزز المناطق الحضرية. 

في سياق هذا المشروع، شيدنا مسارًا للدراجات بطول 1.5 كيلومتر وزرعنا أكثر من 780 شجرة هادفة ذات هياكل مظللة، فضلاً عن إنشاء ساحة للمناسبات في الشارع الرئيسي في العين، مما يسلط الضوء على كيفية مساهمة مشاريع الطرق في تحقيق الأهداف البيئية وتعزيز المناطق المجتمعية. كما تمكّنت حدائقنا الذكية، المدعومة بتقنيات إنترنت الأشياء، من تقليل تكاليف التشغيل بنسبة 30 في المئة مع تحسين استخدام الموارد عبر المراقبة الفورية.

ساهمت مجموعة من أجهزة الاستشعار، بما في ذلك جهاز التحكم في الري القائم على رطوبة التربة، في تقليل استهلاك المياه والكهرباء. في أبوظبي، يستلزم أي مشروع كبير للبنية التحتية إجراء تقييم للأثر البيئي، ونمذجة القدرة على التكيف مع المناخ، وإظهار كيفية دعم الأهداف البيئية.

Abu Dhabi real estateAbu Dhabi real estate

اقرأ أيضاً: توقيع مذكرة تفاهم بين سوق أبوظبي العالمي ودائرة البلديات والنقل لنقل الخدمات العقارية والبلدية في جزيرة الريم

كيف تعمل مبادرات مثل مجلس الأنظمة الذكية ذاتية الحركة مركز النقل المتكامل (أبوظبي للتنقل) على تحديد أطر الحوكمة والتنظيم، وكيف تتعاون دائرة البلديات والنقل – أبوظبي مع الشركاء من القطاع الخاص لتعزيز الابتكار مع ضمان السلامة والشمول؟

يقدم مجلس الأنظمة الذكية والمستقلة، برئاسة سمو الشيخ حمدان بن محمد بن زايد آل نهيان نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون الخاصة، توجيهات استراتيجية مخصصة لتنسيق تطبيق التكنولوجيا المستقلة على مستوى الإمارة.

يوحد المجلس الجهود بين الإدارات ذات الصلة والسلطات التنظيمية والخبراء الفنيين لوضع معايير معيارية لإصدار الشهادات والمتطلبات التشغيلية وبروتوكولات الحماية.

يسمح هذا الحكم المنسق لأبوظبي بالتحرك بشكل حاسم مع الحفاظ على مستوى من الرقابة. ويعمل الفريق المختص في الأمن والسلامة التابع للمجلس على دمج خبرات إنفاذ القانون بشكل مباشر في التنفيذ، وليس بأثر رجعي.

توفر مجموعة SAVI مرافق متخصصة للتصميم والاختبار، مما يتيح تحسين الحلول في بيئات خاضعة للرقابة. بدلاً من مطالبة الشركات بإثبات الأفكار في إعدادات حية، نقدم مواقع اختبار تحاكي البيئات التشغيلية، مما يقلل من المخاطر ويعجل بالانتقال من المفهوم إلى النشر الواسع.

وبينما نواكب تقدم النقل الآلي، نؤكد على ضرورة إشراف بشري على جميع المركبات ذاتية القيادة العاملة في أبوظبي. هذه السياسة تعكس التزامنا بأن يكون تقدمنا في الابتكار موصولاً بثقة الجمهور وسلامته.

يضمن نهجنا التدريجي في النشر، والاعتماد على الشهادات الدقيقة، والرصد البشري الإلزامي، والحوكمة المنسقة أن تبقى الرفاهية العامة ذات أهمية قصوى بينما نحول الأفكار إلى واقع تطبيقي.

ما الدور الذي يمكن أن تلعبه الشراكات العالمية في تعزيز المواءمة المستدامة مع النمو الاقتصادي؟

كما أشرنا في مناقشتنا، تُعزز الشراكات الدولية وظائف استراتيجية متعددة لدعم النمو الاقتصادي في أبوظبي. إذ تتيح الوصول إلى خبرات متطورة وحلول متقدمة، مما يفتح آفاقًا جديدة للابتكار في المستقبل.

لقد أسس تعاوننا مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لإنشاء مركز DMT Future Hub الإمارة كوجهة رائدة عالميًا في مجال التنمية الحضرية، بدءًا من الأبحاث الرائدة وصولاً إلى السياسات المبتكرة والتطبيق العملي، مما ساهم بشكل كبير في المعرفة العالمية.

وبفضل تعاوننا مع الجامعات والشركات ومنظمات متعددة الجنسيات رائدة، يمكننا الوصول إلى معلومات استخباراتية تتعلق بالتطورات التي لا تزال في مراحل الاختبار، مما يسمح لنا بإعداد الأطر ومتطلبات البنية التحتية مسبقًا.

تشكل أبوظبي مركزًا إقليميًا للتميز في النقل وتطوير المدن الذكية. ويتجلى ذلك في تخطيط مدينتنا الذكية، التي تحتضن المكتب الإقليمي لمنظمة ويجو في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وهذا العام، حققنا إنجازًا كأول دولة في الشرق الأوسط تستضيف اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة WeGO، مما خلق فرصًا لتبادل المعرفة وتطوير المبادرات المشتركة.

تُعزز اتفاقية التوأمة مع شنتشن واتفاقية الصداقة مع سيول الأطر المؤسسية اللازمة للمشاركة المستدامة مع اثنين من الاقتصادات الحضرية الأكثر ديناميكية في قارة آسيا.

Abu DhabiAbu Dhabi

وجددت أبوظبي التأكيد على اتفاقية التعاون مع مجلس مدينة بريزبين الأسترالية بعد 15 عامًا من الشراكة. وكان التركيز في الإطار المعزز على الاستدامة، وقابلية العيش، والتنقل، وإدارة المدن الذكية من خلال تبادل المعرفة والمبادرات المشتركة.

وأظهرت كلتا المدينتين تقدمًا كبيرًا في مجالات ابتكار البنية التحتية، والعمل المناخي، والحوكمة الرقمية، مما يعزز تجديد التزامهما المشترك بالتنمية الحضرية المستدامة.

تتيح هذه العلاقات للمدن مشاركة الأساليب الفعالة، وتجربة حلول جديدة معًا، وفتح آفاق للشركات المهتمة بالعمل في كلا الموقعين.

وفي النهاية، تعمل التحالفات الاستراتيجية على دعم مواءمة النمو الاقتصادي من خلال تسريع تطوير القدرات المحلية بدلاً من الاعتماد على الخبرات الخارجية، مع وضع أبوظبي في الشبكات الدولية، وخلق حالات مرجعية لجذب الاستثمارات المستقبلية، والتأكيد على أن بنيتنا التحتية وأنظمتنا وقدرات القوى العاملة تظل متوافقة مع أفضل الممارسات العالمية والتقنيات الناشئة التي تتطور باستمرار.

انقر هنا للاطلاع على المزيد من المقابلات الخاصة. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *