آمال إنهاء الإغلاق الحكومي تواصل دعم مؤشرات “وول ستريت”

دفع المتداولون في وول ستريت مؤشرات الأسهم للصعود وعوائد السندات للهبوط، مع مع استعداد المشرعين في مجلس النواب لإنهاء إغلاق حكومي تاريخي، ما يتيح الوصول إلى البيانات الاقتصادية التي ستكون أساسية في تشكيل آفاق سياسة الاحتياطي الفيدرالي.
أظهرت البيانات التاريخية أن حلّ آخر أربعة إغلاقات حكومية أميركية كان قد دعم مكاسب مؤشر “إس آند بي 500” ومعظم قطاعاته، وفقاً لمتوسط الأداء.
وبينما ارتفعت نحو 300 شركة من شركات المؤشر يوم الأربعاء، أدت خسائر شركات التكنولوجيا الكبرى إلى تذبذب المؤشر. في المقابل، صعد مؤشر “داو جونز الصناعي” للجلسة الرابعة على التوالي ليسجل مستويات قياسية جديدة، فيما محت “بتكوين” مكاسبها السابقة.
شهدت سندات الخزانة انخفاضاً في العوائد وسط رهانات على أن الاحتياطي الفيدرالي سيكون لديه مجال لخفض الفائدة الشهر المقبل لدعم سوق العمل. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت، إنه من غير المرجح نشر تقارير البطالة ومؤشر أسعار المستهلك لشهر أكتوبر بسبب الإغلاق.
قال رئيس مجلس النواب مايك جونسون إنه يعتقد أن التمويل المؤقت، وهو ثمرة تسوية شاقة تم التوصل إليها في مجلس الشيوخ ووافق عليها الرئيس دونالد ترمب، سيمر سريعاً. لكنه سيحتاج إلى الحفاظ على وحدة حزبه المنقسم في مواجهة معارضة قوية من الديمقراطيين، خصوصاً بعدما حث قادة الحزب على التصويت ضد التشريع.
الأسواق تترقب عودة البيانات الاقتصادية
قالت سيما شاه من شركة “برينسيبال لإدارة الأصول” إن التحدي الحقيقي لا يكمن في الأثر قصير الأجل على النمو، بل في الصعوبة المتزايدة أمام المستثمرين والاحتياطي الفيدرالي لتقييم التوقعات الاقتصادية في ظل غياب البيانات.
وأضافت: “مع استئناف نشر البيانات، سيعود الزخم نحو خفض الفائدة في ديسمبر، ما سيعزز شهية المخاطرة. هذا الوضع يصب في مصلحة الأسهم الأميركية، خصوصاً شركات التكنولوجيا الكبرى والقطاعات الدورية المستعدة للاستفادة من توجه نقدي أكثر تيسيراً”.
استقر مؤشر “إس آند بي 500” قرب مستوى 6850 نقطة، فيما تراجع مؤشر لأسهم التكنولوجيا العملاقة بنسبة 1.2%. وفي التداولات اللاحقة، قدمت شركة “سيسكو سيستمز” توقعات مبيعات متفائلة.
انخفض العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بخمس نقاط أساس إلى 4.07%، وتذبذب الدولار، في حين تراجعت أسعار النفط بأكبر وتيرة منذ يونيو، وسط مخاوف من تخمة في المعروض.
وقالت أولريكه هوفمان-بورخاردي من “يو بي إس غلوبال ويلث مانجمنت”: “مع اقتراب إعادة فتح الحكومة الأميركية، تأمل الأسواق أن يؤدي استئناف نشر البيانات الرسمية إلى توضيح الصورة بشأن قرارات الفائدة المستقبلية للاحتياطي الفيدرالي”.
وأضافت: “ما زلنا نتوقع أن يخفض البنك المركزي الأميركي الفائدة مرتين إضافيتين بين الآن وبداية عام 2026، ما يوفر بيئة مواتية للأسهم والسندات عالية الجودة والذهب”.
الإغلاق لم يؤثر بشدة على الأسواق
رأى آدم تورنكوست من “إل بي إل فاينانشال” أن تأثير الإغلاق الحكومي على الأسواق ظل محدوداً، إذ ارتفع مؤشر “إس آند بي 500” بنحو 2% منذ بدء الإغلاق في الأول من أكتوبر.
وأضاف أن “إزالة حالة عدم اليقين الناتجة عن الإغلاق عادة ما تدعم الأسهم. فمنذ عام 1976، حقق المؤشر مكاسب متوسطة تبلغ 1.2% و2.9% خلال فترتي شهر وثلاثة أشهر بعد التوصل إلى تسويات بشأن الإغلاق، مقارنة بـ0.8% و2.4% في الفترات العادية لنفس الإطار الزمني”.
وقال مايكل لاندسبرغ من “لاندسبرغ بينيت لإدارة الثروات الخاصة”: “بينما تسعّر الأسواق نهاية الإغلاق الحكومي، هناك جبل أكبر أمامنا يتمثل في استئناف صدور كل البيانات الاقتصادية التي فاتتنا. ومع انقشاع الضباب، سنعرف ما إذا كانت السوق في الاتجاه الصحيح، أم أن هناك إعادة تسعير كبيرة في الأفق”.
وأشار إلى أن موسم الأرباح يوشك على الانتهاء، وبالتالي ستتجه أنظار السوق إلى إشارات من الاحتياطي الفيدرالي وعدد مرات خفض الفائدة المتوقعة.
توقعات الفائدة والنمو بعد الإغلاق
قال أوسكار مونيوز من “تي دي سيكيوريتيز” إن غياب البيانات الرسمية والمخاوف بشأن مدى تشدد السياسة النقدية خلقا توقعات غامضة بشأن قرار الفائدة المرتقب في ديسمبر.
وأضاف: “مع استعداد الكونغرس الأميركي لإعادة فتح الحكومة، ستبدأ البيانات بالتدفق تدريجياً خلال الأسابيع المقبلة، ومن المرجح أن نحصل على صورة شبه مكتملة لبيانات سبتمبر قبل اجتماع ديسمبر للفيدرالي”.
ويرى جوش هيرت من “فانغارد” أن آثار الإغلاق ستكون مؤقتة وستُعوض بشكل كبير بعد إعادة فتح الحكومة، مشيراً إلى أن “الربع الرابع سيشهد تباطؤاً في النمو يقابله تعافٍ في الربع الأول من عام 2026”.
وأوضح: “في غياب البيانات الرسمية، تشير تحليلاتنا إلى أن الاقتصاد اكتسب زخماً منذ بداية العام، وأن أوضاع سوق العمل ظلت مستقرة”.
فجوة الدخل وتحدي تفسير البيانات
قالت هارديكا سينغ من “فاندسترات غلوبال أدفايزرز”: “من الصعب بما فيه الكفاية تفسير تقرير وظائف واحد في هذه الأيام، فكيف إذا تراكمت علينا تقارير الوظائف والناتج المحلي ومؤشر أسعار المنتجين ومبيعات التجزئة؟”.
وأضافت أن “الإغلاق عزز ما يُعرف بالاقتصاد على شكل حرف K، أي اتساع الفجوة بين المستهلكين من ذوي الدخل المرتفع والمنخفض، ما سيزيد من ارتباك المستثمرين في محاولتهم فهم موقع الاقتصاد بعد أكثر من شهر من غياب الرؤية”.
توقعات متباينة لما بعد فتح الحكومة
يرى خوسيه توريس من “إنتراكتيف بروكرز” أن الأسبوع المقبل سيكون حاسماً، لأن أي بيانات لا تتماشى مع المسار الصعودي الأخير للأسواق قد تؤدي إلى تحركات حادة في الاتجاهين.
وقال لويس نافولييه من “نافولييه آند أسوشيتس” إن “عودة البيانات الاقتصادية ستكون بمثابة ارتياح حقيقي للمستثمرين وللاحتياطي الفيدرالي، لكنها ستحتاج إلى وقت حتى تترسخ”.
أما تييري ويزمان من “مجموعة ماكواري” فأشار إلى أن نهاية الإغلاق الحكومي تخفف المخاوف بشأن التباطؤ، فيما تدعم التقارير الإيجابية من قطاع التكنولوجيا حول الاستثمار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي التوقعات بمواصلة النمو القوي في الولايات المتحدة.
التفاؤل يمتد إلى التوقعات طويلة الأجل
توقعت “يارديني ريسيرش” أن يصل مؤشر “إس آند بي 500” إلى 7000 نقطة قبل نهاية العام مدفوعاً بالأرباح المستقبلية.
وقال مارك هيفيل من “يو بي إس غلوبال ويلث مانجمنت”: “نعتقد أن الأسهم الأميركية ما زال أمامها مجال للصعود، ونتوقع أن يبلغ المؤشر 7300 نقطة بحلول يونيو 2026”.
وأضاف أن “المستثمرين الذين لا يملكون استثمارات كافية عليهم زيادة تعرضهم في القطاعات المفضلة لدينا، بما في ذلك فرص الابتكار التحويلي في مجالات الذكاء الاصطناعي والطاقة والموارد وإطالة العمر”.



